سالم مشكور
الملفات الاربعون المنطوية على فساد التي ذكرها رئيس الوزراء السيد عادل عبد المهدي أمام البرلمان تبعث على الإحباط، فهي تشمل كل مرافق النشاط الرسمي تقريباً، الاقتصادي منه والسياسي. الأكثر إحباطاً هو قوله إن الفساد في تزايد. صحيح أنه تحدث عن خطط لمعالجة كل منها، لكن المهم أن يرى الناس بداية معالجات على الأقل، كي لا يبقى الحديث عنها مجرد بكائية تصل في أحسن الاحوال الى آمال في المعالجة كما جرى في مراحل
سابقة.
مع ذلك يبقى أن ما أعلنه رئيس الوزراء يشكل سابقة مختلفة عما اعتدنا عليه من نفي لوجود فساد كبير ووصم الحديث عنه بالاستهداف السياسي. المضحك المبكي في مهرجان مكافحة الفساد الذي شهدته قاعة البرلمان المؤقتة هو الحماس الذي أبداه كثير ممن النواب "ممن تحوم حولهم شبهات فساد، في تقديم النصح واقتراح الاليات لمكافحة الفساد، بل أن أحدهم، وهو متهم بفساد يتعلق بأموال "حشدية" كان يلمّح الى أن كثيراً من دعاة مكافحة الفساد هم
فاسدون.
كثيرون هم أشباه ابن الراوندي الذي عرف عنه دعوته الناس الى الصلاة وهو لا يصلّي.
بالأمس كان يوم المرأة، وكثير من الدوائر الرسمية اقامت احتفالات تكريماً للموظفات العاملات، وكلمات اشادة بدور المرأة وأهميتها وكرامتها، وفي نفس هذه الدوائر الرسمية، ومثلها المؤسسات والشركات الاهلية، تتعرض المئات وربما الالاف من الموظفات الى عمليات تحرّش وابتزاز من قبل نفس مدرائهن الذين يخطبون في عيد المرأة عن حقوقها ومنزلتها، دون أن يجدن من يحميهن من الانتقام والمحاصرة والنقل من مكان الى آخر، ولا قوانين رادعة للمرتكبين. لا أدري لماذا لا تتحرك النائبات في البرلمان باتجاه قانون رادعٍ يحمي المرأة من الابتزاز ويجرّم التحرش، وفي الوقت ذاته يحمي المدير من الافتراء عليه لأخذ الامتيازات منه من قبل بعض ضعيفات النفوس، كما هو الحال في كل الدول التي تضع الانسان وكرامته في أعلى سلّم
الأولويات.
"الراوندية" هي نوع من النفاق. نشهد منه الكثير في حياتنا الاجتماعية والسياسية، هو نوع من الامراض النفسية المتفشية، نحتاج الى معالجتها بحملة واسعة من القوانين والإجراءات والجهود التربوية لنخرج من حالة العوَق التي يعاني منها المجتمع، والبلاد
ككل.