ازدحامات بغداد.. أزمة لا نهاية لها والمرور ترفض التصريح

ريبورتاج 2022/04/17
...

 مصطفى منير
 تصوير: خضير العتابي
يعاني أحمد ياسين (33 عاماً) صاحب سيارة والتي يعمل بها سائق أجرة من ازدحامات تطول شوارع بغداد كل يوم، ففي أحد الأيام ارتفعت حرارة محرك سيارته وخرج منها مسرعاً، ليجلب خزان الماء من مركبته ويفتح غطاء المحرك لقوم بتبريد راديتر المركبة محاولاً خفض حرارة المحرك ولكن من دون جدوى، فبعد أن انتهى ماء مركبته طلب من أصحاب المركبات أن يعطوه ماء وسط زخم مروري كبير، ساعد احمد جميع أصحاب المركبات ليزيد أحدهم نار قلبه ويقول "بعدنا ما داخلين بالصيف وهيج صار بيك لعد بالصيف شيصير". 
 
بالرغم من الأعداد الكبيرة من رجال المرور المتواجدين في شوارع وساحات بغداد ما زالت العاصمة تعاني من اختناقات كبيرة، خصوصاً في مركز المدينة والمناطق التجارية.
 
زيادة وغلق
وبشأن ذلك علل الخبير الستراتيجي يونس الكعبي أحد تداعيات الزخم وهو التوسع العمراني والسكاني لمدينة بغداد دون تحديث أو صيانة لشوارعها مع زيادة هائلة في أعداد السيارات والمركبات والدراجات بمختلف أنواعها، يرافقه غلق لشوارع مهمة ورئيسة، فضلاً عن وجود السيطرات الأمنية في شوارع بغداد الذي زاد من حدة هذا الزخم المروري. 
 
فتح وتنظيم
ولفت الكعبي إلى غياب الوعي المروري لدى العديد من أصحاب المركبات، إذ أصبحت ظاهرة السير بعكس الاتجاه، والوقوف العشوائي، وعدم الالتزام بالإرشادات المرورية سمة واضحة في بغداد، ومن أجل معالجة هذه الظاهرة نحتاج أولاً إلى فتح وتنظيم الشوارع الرئيسة والفرعية لتحقيق انسيابية عالية، وكذلك تطبيق نظام المرور بصورة جيدة لعدم السماح بالمخالفات المرورية، وعدم ادخال مركبات الحمل إلى مدينة بغداد في أوقات الذروة، فضلاً عن رفع السيطرات والكتل الكونكريتية والتجاوزات التي طالت شوارع مهمة في مركز المدينة.
وعلى المدى البعيد قال الكعبي، إن مدينة كبيرة مثل بغداد تحتاج إلى اهتمام كبير بوسائل النقل الجماعية مثل الباصات الكبيرة وقطارات الأنفاق "المترو" والقطارات المعلقة.
وختم بالقول، "لنعمل جميعاً من أجل ثقافة مرورية شاملة في بغداد لتكون عاصمتنا جميلة".
 
معرقلات
وعن أسباب الزخم المروري تحدث الخبير الستراتيجي احمد المياحي لـ(الصباح) قائلاً: "دخول واستيراد العديد من المركبات بشكل يومي من دون ضوابط تراعي الحاجة الفعلية لها، إذ إن المقرر لكل كيلو متر واحد أن تسير فيه 20 سيارة أو كحد أقصى 36 سيارة، في حين أن المعدل في بغداد 148 سيارة لكل كيلو متر واحد ما يعني 5 أضعاف العدد المسموح به، فضلاً عن إغلاق الشوارع المهمة في العاصمة وعدم صيانة الشوارع والجسور المتهالكة كلها معرقلات يجب أن تحل برؤية ستراتيجية".
ونوه بأن مرور مواكب المسؤولين في الشوارع الرئيسة يسبب زخماً مرورياً كبيراً، لأن في بعض الأحيان يقطع رجل المرور الشارع لغرض فسح المجال للجهات المتنفذة.
 وأفاد المياحي بأن "توسعة الشوارع، وفتح طرق بديلة، وتفعيل نظام النقل العام الذكي، وتقنين استيراد السيارات وفقاً لضوابط الحاجة وليس وفقاً لضوابط المتاجرة، بالإضافة إلى ذلك تشديد إجراءات منح إجازات السوق، وإشاعة ثقافة النقل الجماعي العام، وتسريع البدء بمشروع المترو هذه النقاط كفيلة بتقليل الزخم المروري".
 
مراكز استقطاب ومرتسمات جديدة
في حين يرى الخبير الستراتيجي محمد فخري المولى أن "الزخم المروري بالعواصم والمدن الرئيسة بالمحافظات أمر طبيعي، لأنها تعد مقراً للحكومة الإدارية وتضم العديد من الدوائر الرسمية والجامعات والمعاهد، كما أنها مركز استقطاب تجاري واقتصادي ومالي، إذن فالنتيجة زخم مروري وتطور عمراني".
وعندما سألته عن أبرز المعالجات الآنية أجاب المولى قائلاً "توسعة الشوارع الرئيسة والثانوية من خلال مرتسمات جديدة على أن يكون العمل فيها مساءً كي لا تعيق حركة السير، فضلاً عن مد جسور سريعة على قناة الجيش ونهر دجلة، وتشجيع ودعم النقل المائي والنقل السككي من مركز بغداد باتجاه الأطراف".
ليكمل حديثه بالقول: "يجب تغيير أوقات الدوام الحضوري للدوائر والمؤسسات الحكومية والكليات والمعاهد لتوزيع الزخم المروري، بالإضافة إلى محاولة جعل المعاملات الكترونية بتقليل التعاملات الورقية وهو ما يسمى بالأتمتة".
وعن التخطيط الستراتيجي والاستدامة الدائمة التي من شأنها أن تعطي حلولاً ناجعة لمستقبل أفضل تحدث المولى فقال: "انشاء مدينة إدارية بعيدة عن مركز المدينة متكاملة الخدمات، وإخراج المواقع التجارية والصناعية من المركز إلى الأطراف بخطط ومشاريع، فضلاً عن بناء وإنشاء مدن علمية تضم الجامعات والمعاهد والمستشفيات، وخصوصاً الأهلية بفرق تخصيص الأرض للجهات ذات العلاقة لدعم القطاع الاستثماري في أطراف المدن".
 
دوائر أمنية
على مدار ثلاثة أيام حاولنا التواصل مع مديرية المرور العامة، لغرض طرح بعض الأسئلة التي من شأنها توضيح ما يجري في الشارع البغدادي، ولكن العقيد ياس مدير إعلام المرور العامة قال لي "قبل أسبوع جاء لنا كتاب من الأمانة العامة لرئاسة الوزراء بمنع إعطاء تصاريح لأي مؤسسة صحفية، والالتزام فقط بالنشر عِبر موقع المديرية الرسمي، وعمم الكتاب إلى جميع الدوائر الأمنية". والله اعلم!.