مفردات دخيلة تغزو لغتنا العربية

ريبورتاج 2022/05/15
...

 مريم قادر
تلقت زينة منذ صغرها تعليما متميزا بمادة اللغة العربية، اذ ان معلمتها هي من جعلتها تُغرم بهذا الدرس كما بينت ذلك، الا انها ما ان كبرت لتتخرج وتصبح معلمة لغة عربية في احدى المدارس، صارت تحاول تصحيح ما تواجهه من اخطاء أثناء ممارستها للمهنة وايضا في حياتها الخاصة وعلاقاتها الاجتماعية، فتارة تواجه انتقادات من تصحيهها للمفردات، وتارة اخرى تحتكم الى الصمت لتتلافى الخوض في هذا المعترك الذي يؤذي مبادئها في اللغة، لتكون احدى المقاتلات اللاتي يريدن اصلاح اللغة وانهاء كل ماهو دخيل عليها.
تلقت زينة منذ صغرها تعليماً متميزاً بمادة اللغة العربية، إذ إن معلمتها هي من جعلتها تُغرم بهذا الدرس كما بينت ذلك، إلا أنها ما إن كبرت لتتخرج وتصبح معلمة لغة عربية في إحدى المدارس، صارت تحاول تصحيح ما تواجهه من أخطاء أثناء ممارستها للمهنة وأيضاً في حياتها الخاصة وعلاقاتها الاجتماعية، فتارة تواجه انتقادات من تصحيحها للمفردات، وتارة أخرى تحتكم إلى الصمت لتتلافى الخوض في هذا المعترك الذي يؤذي مبادئها في اللغة، لتكون إحدى المقاتلات اللاتي يردن إصلاح اللغة وإنهاء كل ما هو دخيل عليها.
يبدو أن حتى اللغة يطرأ عليها التغير لتواكب التطور الحاصل في العالم، إلا أن التطور التي استجد على اللغة صار نحو الأسوأ، إذ صار الناس يسعون لإدخال كلمات ومفردات لم يعرف أصلها ولا معنى لها في اللغة، ليتحدث بها الكبار والصغار، وتعددت الأسباب التي أعانتها على الانتشار، وتعددت الآراء حول القبول والرفض من أطراف مختلفة.  
 
اندساس
أحمد الخفاجي أحد مدرسي اللغة العربية رفض بشدة ما يتحدث به الشباب في الوقت الحالي، ليوضح من خلال حديثه "إن اللغة العربية والمفردات العربية غنية جداً بالمعاني والمرادفات والتي يمكن بواسطتها وصف الأشياء والعمليات بوصف لائق وشافٍ، لكن نرى اندساس بعض الألفاظ والمفردات السوقية البذيئة إلى التداول اليومي للكلمات والمصطلحات من قبل أناس  حاولوا  "الطشة" بها، والتي تنتقل إلى عامة الناس وأحياناً من قبل أشخاص حاصلين على مؤهلات علمية عالية، بحجج متعددة منها مثلاً أنها أقرب إلى المواطن البسيط وهي دارجة في المجتمع". 
ودعا الخفاجي المدرسين والمثقفين وجميع فئات المجتمع لمحاربة هذه المصطلحات، والوقوف بوجه كل من يروج لها وإبعاد هذا الجيل عنها. 
 
صناع المحتوى
يرى صانع المحتوى (اليوتيوبر) مصطفى وليد، أن صُناع المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي  في عامي 2015و 2016، كانوا عندما يودون أن يدخلوا كلمة أو مفردة كانت أما لطيفة أو مفيدة وغالباً ما تحسن من السلوك في المجتمع، وتجعل المجتمع أوعى لأن هذا دور مواقع التواصل الاجتماعي في ذلك الوقت بالنسبة لهم.
 ويضيف قائلاً: إلا أن اليوم باتت هذه المواقع تستخدم للحصول على الشهرة، وأمسوا يدخلون مفردات غريبة تترك أثراً سلبياً على متلقيها البالغ فكيف على الطفل؟!، إذ نرى اليوم الطفل والشاب يسمعان هذه المفردات المبتذلة التي لا يعرف أصلها في كل مكان، لتترسخ في الذهن.
ودعا وليد صُناع المحتوى لتقديم ما هو جديد ومختلف، ويساعد الطفل والشاب على الوعي، وأن يسعوا نحو تصحيح هكذا مفردات، وأن ننقل رسالة أخرى عن مواقع التواصل الاجتماعي وهي أن هناك صناع محتوى يسعون نحو تقديم محتوى مميز ومفيد.
الإعلام يساعدهم
أما قمر علي أحد طلبة كلية الإعلام فتقول: إن الهدف من استخدام هذه الكلمات هو لزيادة عدد المتابعين و الشهرة، ليستطيعوا بعدها عمل إعلانات مقابل المال. 
وتكمل "للأسف أصبحوا يفعلون أي شيء من أجل الحصول على الأموال، حتى لو كانت تلك الطريقة غير لائقة وتعود عليهم وعلى مجتمعهم بالجهل".
وتستدرك الحديث "إن المراهقين والأطفال أصبحوا يشاهدون هذا المحتوى ويقتدون به ويطبقونه في حياتهم، وهذا ما أثر في ثقافة جيل بأكمله، فصاروا يرددون تلك الكلمات التي ليس لها أي معنى حتى في قاموس لغتنا العربية، وذلك فقط بهدف الضحك والتسلية.  
وتنوه علي بأن البعض ممن يسمون إعلاميين وهم لا يملكون خبرة  ولا شهادة إعلام، ويعملون في محطات فضائية يساعدون أصحاب هذا المحتوى بالشهرة، ويستضيفونهم في لقاءات ويجرون معهم حوارات في غاية السخرية، مع معرفتهم أن هذا سيؤثر في ثقافة الجيل والمجتمع. 
وتطالب علي بإيجاد حلول لتلك الظاهرة، وايقاف أصحاب ذلك المحتوى وحذفه من مواقع التواصل الاجتماعي لكي نتلافى تلك المفردات. 
 
انفتاح
ويعلل الباحث الاجتماعي ولي جليل الخفاجي أسباب انتشار تلك الألفاظ لما يصفها البعض بوسائل للتواصل والانفتاح والتطور من خلالها باعتبارها كسراً للقيود، وعامل التقليد أيضاً يتضح هنا من خلال تقليد بعض الشعوب التي تخرج برنامجاً يتجول بالشوارع ويطرح أسئلة مخجلة وغير أخلاقية تحت عنوان كسر حاجز الخوف والخجل، بالإضافة إلى ما يقدمه الإعلام الهابط في المسرحيات والبرامج. 
ويبين الخفاجي "نرى استخدام تلك الألفاظ بكثرة مثل "الصاكة والزاحف وتضرب بوري" والتي أمست متداولة من قبل الشباب في ملتقاهم حتى باتت تسمى بالثقافة الفرعية لدى البعض، ومما زاد من تثبيتها التشجيع الذي يتم تلقيه من المقابل.
وأفاد الخفاجي "على الأسر عند سماعها لهذه الألفاظ من قبل الأبناء نصحهم بتبديل الأصحاب أو الأقران فوراً، وإذا كان طفلاً فيجب عدم معاقبته بل عدم التفاعل معه، كذلك تقديم البديل الحسن له من خلال التلفاز أو الموبايل وتشجيعه في حال ذكر كلمات حسنة، وكذلك الحرص على عدم سماعه لتلك الكلمات من قبل المحيطين به. 
 
الرفض والقبول
إن مثل هكذا كلمات تعرضنا لها في زمننا وغيرها التي سوف نتعرض لها في المستقبل، لا يمكن محوها، لكن يمكن الحد منها، هذا ما ابتدأت به الدكتورة كميلة طالب، التدريسية في الجامعة المستنصرية في قسم اللغة العربية، حول المفردات الدخيلة.
وتكمل حديثها "إن مثل هكذا مفردات ليس من السهل نسيانها لأنها باتت "ترند" الخاص في مواقع التواصل الاجتماعي، وصارت أكثر عرضة، وخصوصاً وسط محبي "الترندات" ومتابعيها الذين اتخذوها غطاء لزيادة شهرتهم والحصول على المال".
وتضيف طالب: الحد من هذه المفردات يتم بواسطة توعية الجيل الجامعي وذلك من خلال إلقاء محاضرات ثقافية وندوات وبيان معنى الكلمات السيئة، كونه جيلاً سيقود المجتمع والذي سوف يطور الجيل المقبل.