التجارة: الري التقليدي سبب انخفاض إنتاج الحنطة

ريبورتاج 2022/05/29
...

   سها الشيخلي 
يعاني العراق والعالم أيضاً من ارتفاع أسعار الحنطة ما يهدد الأمن الغذائي، إذ تراجعت المساحات المزروعة للحنطة إلى حوالي النصف، وتشير المعلومات إلى أن سعر الطن الواحد ارتفع من 560 ألف دينار إلى 750 ألف دينار، وينذر هذا الارتفاع بأن الرغيف وهو قوت الشعب مهدد كبير للطبقات الهشة والفقيرة، وأن تقليل إنتاج محصول الحنطة تقف وراءه تحديات كبيرة. 
 
خطط زراعيَّة
أكد وكيل وزارة الزراعة الدكتور مهدي سهر الجبوري في حديثه لـ {الصباح} أن الخطط الزراعية يجري الاتفاق عليها مع الموارد المائية وفي 2021 كان الخزين المائي منخفضاً، فخفضت الخطة بنسبة  50 % عن السابق، إذ كانت 5 ملايين دونم والآن صارت (2،5) مليون دونم لعدم وجود خزين مائي وأمطار، وإذا تم استخدام طرق الري الحديثة تكون الخطة الزراعية ناجحة 100 %، إذ إن الري خفض بنسبة 50 %، وعلى ضوء ذلك تم تخفيض 50 % من (الأسمدة والبذور والمبيدات) تبعاً للخطة الزراعية، إذ تم تخفيض50 % لكل عقد زراعي، أما للأراضي الزراعية المروية بالري التكميلي وبرشات الثابت والمحوري فالخطة تكون 100 %، وبالتالي إذا توفر لنا الماء 100 % وأيضاً (البذور والأسمدة والمبيدات) دعمها 100 % وبالتالي المبيدات ستوزع مجانا للمزارعين والأسمدة ستدعم بنسبة 35 % بينما كانت 50 % . 
ولفت الجبوري إلى أن المساحات المزروعة المخطط لها هي (9 ملايين و300 ألف) دونم والمساحة المزروعة كانت (مليوناً و86 ألف) دونم بنسبة تنفيذ كانت 86 % وبالتالي هذه المساحات وصلت إلى مراحل الحصاد الذي بدأ في المناطق الجنوبية والغربية والوسط وحاليا تسوق إلى وزارة التجارة وستصل إلى 3 ملايين دونم وتكون كاملة للبطاقة التموينية لعام 2022.
 
انخفاض الإنتاجية
وأوضح الجبوري أن المشكلة في القطاع الزراعي هي انخفاض الإنتاجية والتسويق للحنطة بسبب الري التقليدي السيحي وعدم الزراعة في المواعيد المحددة وضعف استخدام البذور المحسنة المتحملة للبيئة والجفاف وذات الإنتاجية العالية، بالإضافة إلى عدم مكافحة الأدغال ومواعيد الأسمدة هذه كلها تنعكس على الغلة بوحدة المساحة، وهذا يتطلب منا مكافحة ضعف الاستجابة من قبل المزارعين في هذا الجانب ولدينا توجه في دائرة الإرشاد والتدريب الزراعي لتثقيف المزارعين على استخدام التقانات والأساليب الحديثة، وكان لنا البرنامج الوطني لتنمية الحنطة الذي يهدف إلى القضاء على البذر العشوائي الذي يؤثر في نمو البذرة، ولدينا التسوية الليزرية التي تعمل على زيادة الغلة وكانت تتراوح بين 350 – 400 كغم للدونم وارتفعت إلى 650 – 700 كغم، ونظرا لهذه الجهود ارتفعت الغلة من طن ونصف إلى طنين، وفي بعض مزارع واسط وكربلاء تجاوزت الغلة الطنين للدونم الواحد، وتعد هذه مزارع مضيئة، ويجب أن يكون الالتزام والاقتداء بهذه المزارع من قبل مزارعينا وبالتالي سيكون عدم وجود هدر في استخدام البيئة واستخدام المستلزمات الإنتاجية، لأن رفع الغلة سيخفض من هذه التكاليف وبالتالي زيادة ايرادات المزارع وتشجيعه على التوسع في زراعة المحصول وزيادة الاهتمام بتقانات الري الحديث. 
 
قوت الشعب
وأشار الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان في حديثه لـ (الصباح) إلى أن انخفاض مساهمة القطاع الزراعي بالناتج ليست وليدة اليوم، بل في العشرين سنة الأخيرة ونتيجة للحروب والصراعات واهمال الكثير من الأراضي الزراعية وبقاء الري بالطرق المتخلفة، كما كانت في زمن السومريين، لكن العالم تطور الآن، وأدخل المكننة الحديثة والأسمدة الكيميائية، وانخفضت إنتاجية الدونم وهذه معاناة كبيرة واستمرار فقدان الأراضي الزراعية الجيدة، وعملية التصحر والتجريف الذي جرى، هذا كله على حساب المحاصيل الستراتيجية، والأهم هو شح المياه. ويلفت انطوان إلى أن مساحة الكرة الأرضية باقية نفسها، لكن الزيادة السكانية تضاعفت ثلاثة أضعاف من مليارين إلى سبعة مليارات تقريبا، وهذا يؤدي إلى شح وعدم كفاية المحصول، ولذلك العملية يحددها العرض والطلب، إضافة إلى عوامل أخرى والناس لم يعرفوا استخدام المياه عندما هطلت بغزارة في التنمية الزراعية، وهناك ارتفاع بأسعار الحنطة عالميا بنسبة 60 % بسبب الحرب الروسية الاوكرانية، وبعض الدول تغذي هذه الحرب وتؤججها وتداعياتها كبيرة، لأن محصول الحنطة غذاء رئيس فهو (قوت الشعب). 
والمشكلة أن قانون الدعم الغذائي تم رفضه، وعليه يجب التفكير بالقروض الميسرة من الدول وإن غياب الموازنة ضاعف من المشكلة وعمقها، ولابد من تسخير كل الجهود للخروج من هذا المأزق، ومن الضرورة مناشدة المواطنين بعدم التبذير والاقتصاد.  
تأثيرات
تحدث لـ {الصباح} الوكيل الفني لوزارة الزراعة الدكتور ميثاق عبد الحسين الخفاجي عن قلة إنتاج الشعير، وهو أحد مكونات العلف ويعطى للحيوان بنسب ثابتة، منها النخالة المستخرجة من الحنطة والشح المائية ألقى بظلاله على المحاصيل عموما الستراتيجية والعلفية، والشعير طاله هذا التأثير، ما أدى إلى تقليص الخطة الزراعية، إضافة إلى رفع الدعم عن المحصول في موازنة 2021، لذا صرنا أمام تحدٍ وهو عدم قدرتنا على دعم المحصول لكي يزرعه الفلاح، وإن سنة 2021 كانت مختلفة ولدينا مخزونات وتم بيعها، وحالياً الفلاحون زرعوا الشعير وحتى تاريخ 15/ 5/ 2022 كانت المساحة المحصودة (160) ألفاً و(880) دونماً، والغلة للدونم الواحد لا تتجاوز (300) كيلو غرام وهي بالطبع غير كافية، إذ إن الشعير هو نسبة ويضاف إلى العلف، والأراضي المزروعة كانت قليلة أساساً لتخصيص الخطة الزراعية بسبب شح الموارد المائية، فمن المؤكد أننا مقبلون على شح الأعلاف وسوف نعمل على تشجيع زراعة الأنواع العلفية الأخرى، ولا نكتفي فقط بالشعير بل ننوع الأعلاف لكي تسير جنبا إلى جنب مع المحاصيل الستراتيجية، ونحتاج إلى برنامج أولي لإنتاج البذور ونعطيه للفلاح بسعر مدعوم لكي يستطيع أن يزرع، وخلال هذه السنة والسنوات المقبلة سيحصل تغير في مجال توفير الأعلاف. 
ولفت إلى أن عدم تشريع قانون الأمن الغذائي يعني تعريض المواطن إلى خطر حقيقي لا يقل عن أي أمن آخر.
 
مناشئ عالمية
أكد الدكتور ماجد عبد الله معاون المدير العام للرقابة التجارية في وزارة التجارة لـ {الصباح} أن الوزارة اتخذت جملة إجراءات لإنجاح الموسم التسويقي الحالي من خلال تسلم جميع كميات القمح المسوق من  المزارعين، وتم وضع مواصفة تسويقية مرنة لا تخرج عن المواصفة القياسية، تضمنت رفع مواصفات المحصول إلى الحد الأعلى وكذلك تسلم الحنطة كدرجة واحدة محلية بدون خصم وحنطة محلية أولى بخصومات زهيدة جداً، وكذلك قامت بعدة مخاطبات لمجلس الوزراء تم من خلالها إصدارعدة قرارات تخدم المزارع والعملية التسويقية من خلال رفع سعر الحنطة المسوقة إلى 850 ألف دينار للطن الواحد وحصلت موافقة رئاسة الوزراء على صرف المستحقات بشكل فوري، وأسهمت هذه الإجراءات في زيادة الكميات المسوقة، إذ وصلت كميات الحبوب لأكثر من مليون طن، علماً أن بعض المحافظات لم تباشر حتى تاريخ 19/ 5 وأن أغلب المحافظات ما زالت في بداية التسويق، وهذا مؤشر إيجابي على إمكانية تسلم كميات وفيرة من الحبوب لهذا الموسم. 
منوهاً إلى مطالبة الوزارة بضرورة إقرار قانون الأمن الغذائي الذي يوفر للوزارة تخصيصات لاستيراد القمح من مناشئ عالمية، إذ حصلت موافقة رئاسة الوزراء على استيراد ثلاثة ملايين طن من الحنطة لكي تكون خزيناً ستراتيجياً للبلد تحسباً للأزمات التي قد تحصل، إذ لا تخفى على الجميع جملة الأزمات التي مرت على العالم في الآونة الأخيرة والتي تسببت بارتفاع أسعار الغذاء عالميا، ومنها انخفاض هطول الأمطار في أغلب البلدان نتيجة الاحتباس الحراري، إذ إن زراعة أغلب المحاصيل الستراتيجية مثل القمح ومحاصيل الزيوت تكون ديمية في أغلب البلدان المنتجة لها، وكذلك جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على كل دول العالم وسببت انخفاضاً عالمياً في إنتاج تلك المحاصيل، وأيضاً حرب روسيا وأوكرانيا، إذ تتصدر روسيا الدول المنتجة للقمح وأوكرانيا لمحاصيل الزيوت، وفي الختام نطمئن المواطن بأن الوزارة ملتزمة في استمرار تجهيز السلة الغذائية ومادة الطحين من خلال الخزين المتوفر لديها.