طلبة الثالث المتوسط.. ظروف وضغوط

ريبورتاج 2022/06/05
...

  علــي غنــــي
ارتبط اسم البكالوريا بالبكاء، فبعد إعلان نتائج الامتحانات الوزارية تسمع الصرخات والعويل هنا، وهناك من الأمهات والآباء، لأن الرسوب يعني خسارة الطالب سنة دراسية بحرها وبردها وغبارها، والأخير يعد جديداً على الساحة، وبما أن الوزارة قد اكتشفت خطأها الكبير بعدم وجود دور ثالث في قوانين الامتحانات، (فاجتثته) بعد أن رأته يؤخر ويربك العام الدراسي، ويشغل أعضاء الهيئات التدريسية والادارات، فنحن نقترح على وزارة التربية السماح للطالب الراسب في جميع الدروس في المرحلة المتوسطة  بإعادتها أسوة بالمرحلة الإعدادية، إذ يحق للطالب إعادة الامتحان في جميع المواد التي يرسب فيها، وبذلك نعطي فرصة قانونية، ونخلق أجواء من الاطمئنان عند الأسرة العراقية، فهل ينجح مقترحنا في ظل الظروف التي تواجه الطالب والمدرسة والمجتمع؟. 
 
 
ضغوط الأهالي
بينما يرى المشرف المتابع في تربية الكرخ الثانية الأستاذ فيصل مدلول: أنه في الامتحانات الوزارية للثالث المتوسط للعام  2021/ 2022 نتمنى على أصحاب القرار ولكي لا نعيد تكرار التجارب السابقة، فقطعاً سيحصل الكثير من الضغوط والكثير من الطلبات بعد إعلان النتائج التي تطلب شمول الطلبة الراسبين بالمشاركة في الدور الثاني والذين تتجاوز الدروس التي رسبوا فيها الحد المتفق عليه (ثلاثة دروس) أو (درسين حسب النظام)، ولكي نصل إلى حل قد يرضي جميع الأطراف ونستغني عن طلبات الدور الثالث لاحقاً، فيجب أن يتم السماح لطلبة الصف الثالث تحديداً من الذين رسبوا بأكثر من ثلاثة دروس بأن يشاركوا في امتحان الدور الثاني لقاء المبلغ نفسه الذي يتم دفعه عند مشاركتهم في الدور الثالث سابقاً، وبذلك يمكن الإفادة من تلك الأموال في دعم مستلزمات اجراء الامتحانات وفي الوقت نفسه نتخلص من طلبات ومناشدة الدور الثالث والذي أكدت الوزارة في أكثر من مناسبة بأن الدور الثالث قد انتهى وأصبح من الماضي.
 
فرصة للطلبة
أعتقد أنه موضوع في غاية الأهمية، هذا ما قاله الأستاذ محمد كاظم صابر مدير إعدادية العامل الأدبية، مضيفاً: علينا أن نمنح فرصة للطلبة الذين يمرون بظروف معينة خارجة عن إرادتهم، وأثرت في مستواهم العلمي فتكون فرصة الدور الثاني وبحسب القانون لإظهار إمكانياتهم العلمية، فضلاً عن التخلص من العديد من الاستفسارات، لاسيما من أولياء أمور الطلبة، والشائعات بوجود دور ثالث إلى جانب توحيد التعليمات الامتحانية مع السادس الإعدادي. 
ربما أتفق معك (والكلام للأستاذ ناجي يوسف القريشي الذي شغل مناصب إدارية لسنوات طويلة في وزارة التربية)، بأن نسمح لطالب الثالث المتوسط بأداء امتحان جميع الدروس التي رسب فيها في الدور الأول في الدور الثاني المقرر رسمياً، كما هو معمول في الدراسة الإعدادية، كون الطلبة ما زالوا تحت تأثير جائحة كورونا والتعليم الالكتروني والتظاهرات التي حدثت في البلاد، وهو معالجة حقيقية لإعطاء فرصة مناسبة لجميع طلبة المراحل الدراسية الوزارية.
لكن هناك حقيقة لا بد من ذكرها وهي العودة للأنظمة الامتحانية القديمة التي تسهم إلى حد بعيد برصانة الامتحانات، لأن العراق من الدول التي لديها نظام امتحاني صارم، سواء على مستوى الوطن العربي أم العالم، لكن لكل حادث حديثاً، فلا بد من الأخذ بنظر الاعتبار هبوب العواصف الترابية وتأثيرها النفسي في أداء الامتحانات في ظل الظروف الحالية.
ويشترط التربوي المتقاعد عدنان السماوي: أن يعرض هكذا أمر على لجنة التربية والتعليم في مجلس النواب، وهيئة الرأي في وزارة التربية لدراسته وإقراره، لأنه بالحقيقة سيسهم في تقليل الخسارة الاقتصادية الناتجة من الرسوب، ويحد من عملية التسرب الدراسي، ويسهم في رفع معنويات الطلبة، لأنه نوعاً ما يبعد عنهم شبح الرسوب.
 
ظروف استثنائية
 ويقول خليل ابراهيم، مدرس مادة الرياضيات في متوسطة الطف، إن بلدنا يمر ومنذ سنوات بظروف استثنائية صعبة، وعلى الصعد كافة، لاسيما بالنسبة للتعليم ومن أجل إعطاء فرصة لطلاب المراحل المنتهية (الصف الثالث المتوسط) بأداء الامتحانات التي رسبوا فيها في الدور الثاني أسوة بالمرحلة الإعدادية خاصة بعد إلغاء الدور الثالث، يعد فرصة حقيقية للطلاب لتدارك الأمر من أجل الحصول على أفضل المعدلات وبالنهاية هم أولادنا وبناتنا، والأمر متروك لوزارة التربية.
في حين عبر الأستاذ محمد فخري المولى، كاتب وباحث بالشؤون التربوية والاجتماعية بصراحة، قد تسمع أو تنظر مناشدات كثيرة تطالب أن يشترك جميع طلبة الصف الثالث متوسط بالامتحانات العامة، أثمن كمختص تربوي هذا الطلب، بل أشدد وأتمنى أن تكون هذه المكرمة أو الطلب بغض النظر عن عدد سنوات ومواد الدراسة لتلك المرحلة، قد يستغرب من عمل أو اختص بالجانب التربوي التعليمي هذا الطلب او المناشدة لأنها تزيد من إشكاليات التعليم والمؤسسة التعليمية التربوية، أجيب أن الأمر به تكملة على أن تكون المخرجات تذهب للدراسة المهنية الصناعية والتجارية وأن تكون الدراسة الإعدادية للفرع العلمي لمعدلات تتجاوز 70 ٪  ومن 60 ٪ إلى 70 ٪ للدراسة الأدبية. 
إن التقسيم أعلاه يضمن إعداد كوادر وسطية قابلة للتطوير المستقبلي ضمن التنمية المستدامة، لأن الكوادر الوسطية ركن أساسي لبناء أي بلد وكل حكومة رشيدة يجب أن تعزز وتدعم وتطور هذه الشريحة، لأنه بلا رؤية بعيدة الأمد ستكون طوابير خريجي الجامعات أضعاف الموجودة حالياً وطبعاً بدون وظائف او توظيف لأنها خارج حدود التنظيم. 
 
رفض الفكرة
ورفض الأستاذ دريد حسين علوان مدير إعدادية السيدية العلمية الفكرة جملة وتفصيلاً، عازياً السبب إلى أن جميع القرارات التي استحدثت في السنوات السابقة كانت سببا في تراجع مستوى التعليم في العراق، بدءا من قرار تأهيل الطالب للدخول في الامتحان الوزاري بثلاثة دروس واضافة 10 درجات للقرار علماً أنه مطالب فقط بست مواد وقرار آخر هو السماح للطالب الراسب في جميع مواد الدور الأول بتأدية جميع الامتحانات في الدور الثاني وأيضا قرار الدور الثالث الذي كان يربك الدوام في المدارس، وهنالك امتحانات للدور الثالث للعام المنصرم وكثير من القرارات التجريبية التي تم تطبيقها علينا مثل نظام الكورسات البائس ونظام الاحيائي والتطبيقي وغيرها، جميع هذه القرارات كان له الدور الكبير في انخفاض مستوى التعليم في العراق.
لذا أقترح ارجاع هيبة التعليم ورفع مستواه من خلال الرجوع إلى اعتبار درجة الإكمال لدرسين وخمس درجات للقرار، وأيضا التأهيل للامتحانات الوزارية يكون بدرسين وخمس درجات، وبهذه الطريقة سوف يستعيد التعليم عافيته وتعود قيمة العلم والتعليم.
 
 
مبالغ مالية
في حين عدت المدرسة المتقاعدة أنعام الهاشمي، إعادة النظر بقوانين الامتحانات ضرورة لتغيير أوضاع الطلبة في العالم، وليس في العراق وحده كما أن أغلب دول العالم تجاوزت الأمور التقليدية في التعليم لتتجه إلى الأساسيات، فاعتقد أن من حق الطالب في الدراسة المتوسطة إعادة امتحانات جميع المواد التي فشل بها ليستعيد المحاولة من أجل النجاح، وبإمكان الوزارة أن تفرض مبالغ مالية إذا رأت ذلك مهماً في تحفيز المشاركين في العملية الامتحانية عن طريق رفع أجور المراقبات والتصحيح في الدور الثاني ربما بسبب زيادة أعداد الطلبة إذا افترضنا حالات رسوب عالية.
ورأى ولي أمر الطالبة سعاد محسن مخاطبة وزارة التربية، بأن الجانب الإنساني مطلوب منها مثلما تؤكد على الجانب العلمي، فنحن لا نعترض على اجراءات الوزارة، لكن عليها أن تقدر ظروفنا، فأقول لك حقيقة فنحن الذين نؤدي الامتحان وليس أولادنا، فالقلق ينهشنا لأننا نعيش ظروفاً صعبة، لا سيما مهاجمة الغبار لبلدنا، وخروجه عن المألوف فهذا عامل دولي، وأعتقد أن البلدان الأخرى لديها اجراءات محسوبة لصالح الطالب، أما مطالبتنا بإعادة المواد التي يرسب بها طالب الثالث المتوسط أسوة بنظام السادس الإعدادي فهي أمر مشروع لما يمر به البلد من ظروف تنعكس على نفسية الطالب الذي يمتحن.
 
نتخلص من المكرمات
عد ولي أمر الطالب محمود حسن استجابة الوزارة لهكذا قرار خطوة تسهم في الابتعاد عن (التوسل)، (والمكرمات) بالمسؤولين وأعضاء مجلس النواب والوزراء بالطلب من وزارة التربية بإعادة الامتحانات للطلبة الراسبين، واشغال الدولة بأمور يمكن تنظيمها بقانون، والابتعاد عن المزايدات وادعاءات كل جهة حزبية بأنها صاحبة القرار بالوقوف مع الطلبة، كما أن وزارة التربية قادرة بإمكانياتها أن تشرف على تطبيق الاجراءات بكل سهولة لامتلاكها الخبرة الكبيرة في إدارة الامتحانات الوزارية في أصعب الظروف.
 
مساندة الوزارة
لمست من جولاتي في المدارس وجود تضامن ورغبة في تحقيق إعادة الامتحانات التي يرسب بها طالب الثالث المتوسط في الدور الثاني بغض النظر عن المواد التي رسب بها أسوة بالسادس الإعدادي، كما وجدنا أن أولياء الأمور على استعداد لمساندة الوزارة وتحمل تكاليف الامتحانات من أجل تسهيل الأمور عليها، وفي الحالات جميعاً علينا ألا نحول (الاختبارات الوزارية) إلى محنة يذوق مرارتها الناس البسطاء الذين لا حول ولا قوة لهم.