عمليات التجميل.. مجازفة نهايتها التشوه أو الموت

ريبورتاج 2022/06/07
...

  كولر غالب الداودي
منذ قرون مضت اقتصرت عمليات التجميل على ضرورات التشوهات الخلقية وعلى الحروق وآثار الحوادث، وكان الهدف منها تحسين وضع التشوه الذي يصيب أحد أعضاء الجسم، وبعد ذلك في تسعينيات القرن الماضي توسع هدف العمليات الجراحية وبات الناس يرغبون في التشبه ببعض المشاهير وغيرهم، وازدادت نسبة الراغبين في اجراء عمليات التجميل وتطورت إلى حد الهوس ومن ثم الوصول إلى مرحلة التشويه بسبب هذه العمليات، وكذلك التشابه في الوجوه ببعض معالم الوجه من الشفة والأنف وغيرها.
 
ولم يقتصر التجميل على النساء فقط وإنما بدأ الرجال بمزاحمة النساء في هذا الموضوع لغرض تحسين مظهرهم الخارجي، ولكن مع الأسف أصبح التشويه مصاحباً للكثير من هذه العمليات والبعض منها تؤدي إلى الوفاة، خاصة في بغداد لعدم وجود الرقابة في المراكز الطبية وعدم التأكد من مؤهلات العاملين فيها، ونقيب الأطباء العراقيين كتب عن وجود مئات من مراكز التجميل غير المرخصة، إذ حدثت وفاة 50 حالة من عمليات التجميل في بغداد، وذكر أن سبب كثرة الوفيات بهذا المجال لكون الطبيب غير متدرب ولم يأخذ احتياطاته أو لانتحاله صفة الطبيب.
 
تأثيرات خطيرة
أوضح الدكتور أبو بكر الحديثي، جراح أنف وأذن وحنجرة وتجميل أنف، أن الغرض من العمليات التي يمارسها ضمن اختصاصه، هو قص الأجفان المتهدلة، وتعديل الأذن المشوهة، وتجميل الأنف كان سابقاً لأغراض طبية لتصحيح التشوه الموجود فيه، مثل الانحراف الداخلي أو الخارجي في الأنف أو وجود كسر قديم بالأنف، أما حالياً وخاصة في الخمس عشرة سنة الماضية أصبح التوجه بكثافة لعمليات التجميل جميعها بصورة عامة وأكثرها تكون ليس لها داعٍ، وهذه الفئة من الناس التي يكون لها هوس بالتجميل، نحن نعرفهم من طلباتهم التي لا تكون لها ضرورة فقط لرغبتهم بإجرائها.
وذكر الحديثي أن لوسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي  تأثيراً كبيراً في توجيه الناس إلى اختيار المركز الصحي المناسب وكذلك الطبيب، وعدم الانسياق إلى الإعلانات   والسؤال والاستفسار من مصادر متعددة عن كفاءة الطبيب في عمله مهم جداً، إضافة إلى وجود الصفحات الوهمية بكثرة على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تروج للطبيب والمركز الطبي غير الناجح مقابل مبالغ مالية.
 
قوانين معدومة
ولفت الدكتور أبو بكر إلى أن حوادث الموت في عمليات التجميل سببها عدم وجود تراخيص رسمية لمزاولة العمل الطبي لهذه المراكز، وافتقادها للمعايير الطبية اللازمة، وعدم التأكد من مؤهلات العاملين فيها، وبالتالي فإن  النتائج السلبية سوف تنعكس على كل الأطباء، وتعطي سمعة سيئة لكل الأطباء الجيدين والطب في العراق بصورة عامة.
 
وفيات
وبين الدكتور الحديثي أن من أسباب الوفاة عدم تحضير المريض بصورة جيدة للعملية، وأحياناً تحدث حالات أثناء العملية لها علاقة بالتخدير وهو بحد ذاته له مشكلات خطيرة، فيجب أن يكون بصورة مدروسة، وقد يخترق الطبيب أثناء العملية شرياناً مهماً بالخطأ ويحدث نزيف يؤدي إلى الموت، ومن رأي الدكتور أنه يجب أن يعد تقرير عن سبب الوفاة إن كانت قبل العملية أو أثناءها أو بعدها بأيام، لحدوث مضاعفات أو نزف غير مسيطر عليه.
تعمل الدكتورة نور حسين في أحد المراكز الطبية، وهي تمارس تشغيل كل أنواع الأجهزة الطبية على المراجعين،  حسب الحالة التي يشكو منها كل واحد منهم، وبينت أن أكثر المراجعين للمركز يأتون لغرض طبي كمعالجة تصبغات جلدية وغيرها من الحالات المرضية الجلدية الأخرى، وقالت: عندما أرى حالة ما لا تحتاج لأي علاج أو تعرض للأجهزة الطبية أتساءل عن سبب القدوم للمركز، فأنا لا أقبل أن أعالج من دون التأكد فعلاً من وجود إصابة معينة في الجسم أو الوجه.
 
حقنات الأوهام
ذكرت الدكتورة نور أن بعض المراجعات يحقن مواد في وجوههن في صالونات التجميل وليس في المراكز الطبية، وهذا ناتج عن قلة الوعي والإدراك لدى بعض الناس واستغلال من قبل ضعاف النفوس وحقن المراجعات بالمواد الغريبة التي تؤدي إلى التشويه والالتهابات، وأضافت: أنه ليس على المريض أو المراجع أن يقرر ما الذي يجب حقنه، ومقدار الكمية من المواد في جسمه، وما يحتاجه، وهذا الوضع يطبق فقط بالعراق، أما في الدول الأوروبية فإن الطبيب هو الذي يقرر نوع المادة والكمية التي يحتاجها الشخص سواء كعلاج أو للنضارة.
 
غير آمنة
وذكرت حسين أن من أسباب الوفاة في مثل هذه العمليات عدم التأكد من صلاحية هذه العملية للمراجع من الناحية الطبية، والخطأ الذي يحدث هو الموافقة على إجراء عملية الشفط بعد طلب المراجع بغض النظر عن، هل هي آمنة على وضعه الصحي ام لا، وأشارت إلى أن غياب الرقابة يلعب دوراً كبيراً في حدوث تزايد بأعداد الوفيات من عمليات التجميل، وعدم توفر الرخصة الرسمية لبعض الأطباء والمراكز الطبية، وافتقارها للمعايير الطبية، إضافة إلى مزاولة الجراحة من قبل بعض الأطباء وهم ليسوا جراحين وليست لديهم ممارسات في العمليات الجراحية.