باسم عبد الحميد حمودي
يعد الدكتور عز الدين مصطفى رسول واحداً من كبار الباحثين في الدراسات الاثنولوجيَّة والفولكلوريَّة والأدبيَّة الكرديَّة، فضلا عن بحوثه في الدراسات الأدبيَّة والحضاريَّة والوعي الفلسفي للأساطير وتتبعه الدقيق لتحولات النص الشعري الأسطوري من مكانٍ الى آخر داخل المناطق المتداخلة بين الكرد والعرب والفرس والآذريين وسواهم.
وللأستاذ عز الدين أكثر من ثمانين مؤلَّفَاً في الأدب الكردي بالعربيَّة وفي اللغات الأخرى التي يتقنها كالروسيَّة والفارسيَّة والتركيَّة, ومن أهم بحوثه كتابه عن أسطورة "مَمُ والأميرة زين" للأديب والشاعر الكردي أحمد خاني، ودراساته في الفولكلور الكردي ومدارسه واتجاهاته وتأثراته وتأثيره, فضلاً عن جمعه وترجمته للفولكلور الكردي عبر أساطيره وأمثاله ودراساته حول العادات والتقاليد والأعياد والأزياء والأمثال وأنواع الشعر الكردي العامي ومقامات الكرد وموسيقاهم.
كل ذلك حوته عدة كتب للبروفسور رسول ومنها (دراسة في الفولكلور الكردي) ودراسة عن (أحمدي خاني وأسطورة مم وزين) ودراسة (في الشعر الكردي) وترجمته الكاملة لشعر أستاذه ومعلمه عبد الله كوران, علاوة على دراساته المتصلة بالاستشراق وفلسفته.
ولد الدكتور عز الدين مصطفى رسول في مدينة السليمانيَّة عام 1934 وتوفي فيها في الثالث من تشرين الأول 2019.
أكمل دراسته الثانويَّة في السليمانيَّة وصار معلماً ثم دخل دار المعلمين العالية وفصل منها وسجن في العام 1956 لنشاطه السياسي المعارض للحكم الملكي, لكنَّه استطاع السفر الى دمشق ليلتحق بكليَّة الآداب فيها.
عاد عز الدين الى بغداد بعد تموز 1958 ليلتحق بكليَّة آداب بغداد حتى تخرجه فيها عام 1960, إذ التحق بالدراسات العليا في جامعة باكو ليحصل على شهادة الدكتوراه فيها في دراسات الاستشراق عام 1969.
عاد عزالدين ليعمل أستاذاً في جامعة بغداد ويصبح واحداً من مؤسسي اتحاد الأدباء الكرد حتى إلغائه من قبل حكومة بغداد، فالتحق عز الدين بالثوار في جبال كردستان، ثمَّ كان واحداً من أساتذة جامعة السليمانيَّة وهو يحمل صفة الأستاذيَّة لغزارة مؤلفاته حتى تقاعده عن العمل التدريسي مستمراً في العمل السياسي والثقافي وخصوصاً برئاسته لسنوات عدة اتحاد أدباء كردستان, واهتماماته بالدراسات الفولكلوريَّة والأدب المقارن والدراسات الاستشراقيَّة لما يتمتع به من ملاحظات حصيفة حول هجرة الحكايات والأساطير وتحولاتها بين القوميات الشرقيَّة.
كانت دراساته في كتبه الكثيرة الخاصَّة بالآداب الشرقيَّة مثار إعجاب الباحثين في جامعات موسكو وأذربيجان ويريفان، فضلاً عن الجامعات العراقيَّة
المتعددة.
وقد ظلَّ البروفسور رسول متتبعاً - وعلى نحوٍ يثير الإعجاب - للمثل الشعبي في الدراسات المقارنة، إضافة الى النوادر والحكايات وأصول الخوجا جحا وملاحم العشاق الكرد مثل رستم وميمي الان، وشيرين وفرهاد، وليلى وجنون وغيرها الكثير.
توفي الأستاذ الدكتور عزالدين في 3 تشرين الأول من العام 2019 في السليمانيَّة, مدينته الأثيرة وكانت وفاته مثار حزن الباحثين العراقيين بمختلف قومياتهم وأسى الباحثين في كل مكان حاضر فيه الباحث الكبير أو
تعلم فيه.