تنامي إصابات سرطان الثدي

ريبورتاج 2022/06/18
...

 نافع الناجي
 
هاجس تخافه النساء بكثرة، وحرب ضروس تخوضها المرأة، فإما أن تنتصر أو تخسر الكثير ضد أخبث الأمراض الذي لا يمنح خصمه إشعاراً بما سيفعله في سابق إنذار، وإنما يباغته بإصابته بسرطان الثدي، والمسببات عديدة لعل أبرزها التلوث البيئي، الذي يحيط بمدننا من كل جانب ويمسك بتلابيبنا، وضعف التوعية والثقافة الصحية اللازمة وغيرها من العوامل.
 
البصرة في الصدارة
الدكتور عون هاني المالكي، يقول "شهدت محافظة البصرة تزايداً ملحوظاً في نسب الإصابات، خلال السنوات الأخيرة كحال معظم مدن وسط وجنوب العراق، وكانت للبصرة حصة كبيرة بعدد الإصابات بسرطان الثدي، الذي يصيب النساء تكاد تجعلها في صدارة المحافظات العراقية"، لافتاً إلى أن "من أهم أسباب الزيادة بتسجيل الإصابات بهذا المرض هو تأخر الكشف المبكّر".
ويضيف المالكي، أن "تأخر الكشف يعني حرمان المرأة من أن تحظى بفرصة علاجٍ مبكرة وشفاءٍ تام، كما أن لدينا بعض الخلل بالكشف المبكر وفي التوعية، ناهيكم عن تنامي وزيادة أعداد المصابين بالسرطان بسبب التلوث البيئي الشديد". 
 
الأعراض والعلامات
يقول الأستاذ الدكتور عباس جعفر التدريسي بكلية الطب "يتشكل سرطان الثدي في خلايا الثديين، وهو من أكثر أنواع السرطانات انتشاراً وقد يصيب كلاً من الرجال والنساء، إلا أنه أكثر شيوعا بين النساء". 
وأضاف "بعض الأعراض الدالة على الإصابة بالمرض تتمثل ظهور كتلة او تضخم في الثدي، في حجمه أو شكله ومظهره، ويحدث تغيّر في الجلد على الثدي مثل الترصّع أو التقشّر"، مشيراً إلى أن "من العلامات ايضا احمرار الثدي او تنقيره، مثل جلد البرتقالة وتختلف الأسباب التي ينتج عنها هذا المرض، حيث تبدأ بعض خلايا الثدي في النمو بطريقة غير طبيعية فتشكل كتلة أو ورماً". 
 
العوامل الهرمونيَّة والبيئيَّة
يذكر إن سرطان الثدي يبدأ عادة مع الخلايا الموجودة في القنوات المنتجة للحليب، ويمكن أن يبدأ أيضاً في الأنسجة الغدّية التي يطلق عليها اسم الخصيصات أو في خلايا أو أنسجة أخرى داخل الثدي. 
وربط بعض الباحثين الأسباب بنمط الحياة والعوامل الهرمونية والبيئية، ويحتمل أن يحدث سرطان الثدي بسبب التفاعل المعقد للتكوين الجيني وللبيئة أيضاً، ويحدد الطبيب العلاج، وفقا لنوع السرطان ومرحلته ودرجته وحجمه، وما إذا كانت الخلايا السرطانية حساسة تجاه الهرمونات، لكن معظم النساء المصابات يخضعن لعملية جراحية، ويتلقى العديد منهن كذلك معالجات إضافية بعد الجراحة، مثل المعالجة الكيميائية او العلاج الهرموني أو المعالجة الاشعاعية.
 
تجارب مريرة
المحاربات في مضمار الصراع، تحدثن عن تلك التجارب المؤلمة والمريرة اللاتي مررن بها ونغّصت حياتهن وقلبت موازين معيشتهن، وكيف خضن تلك التجارب وكيفية اكتشاف ذلك المرض وما سببه لهن من آلام نفسية وجسدية حادة. 
تقول نهال ضمد "عند ظهور المرض اللعين، ابتدأت بأخذ كورس العلاج الكيمياوي وتالياً كورس العلاج الإشعاعي". وأضافت "أنا أتلقى العلاج منذ أربعة أعوام تقريباً، والآن دخلت بالسنة الخامسة والحمد لله على كل حال"، واستدركت والحزن بادٍ على وجهها "أنصح النسوة بعمل فحصٍ مبكر، قبل أن يستفحل بهن المرض لا سمح الله، فالوقاية خير من العلاج".
وناشدت نهال، وزارة الصحة بتوفير الأدوية الخاصة بالسرطانات بمختلف أنواعها، لا سيما الخاصة بسرطان الثدي، بحسب وصفها.
أما آمنة رزاق، فأوضحت "بدأ اكتشاف المرض عندي في العام 2018، وفي البداية كانت العملية قد انتهت باستئصال كامل للثدي وتتبع النظام الغذائي المناسب"، وتضيف "لله الحمد تعايشت معه والتزمت بالجرعات الدوائية الموصوفة من قبل الأطباء الاختصاص، وأشعر بالتحسن وإن كان بطيئاً، حيث ما زلت مستمرة بالعيش والرغبة بخوض معتركها حتى آخر يوم بأجلي".
 
عوامل ومسبّبات
الدكتورة لمياء هادي، إخصائية الغدد الصمّ والأورام تقول، ان "الكثير من النساء تتجنب المراجعة لإجراء الكشوفات والفحوص الدوريّة، خوفاً من معرفة إصابتهن بذلك المرض"، وأضافت "ثمة عوامل كثيرة بين الإصابة والوقاية، منها عدم انتظام التغذية المتوازنة للمريض، التلوث البيئي نتيجة الحروب التي مرّ بها البلد، وعوامل أخرى عديدة ساهمت وتظافرت بزيادة الإصابة بسرطان الثدي، فضلاً عن إن الخوف من استئصال الثدي والخوف من العلاج الكيميائي الإشعاعي، أدى إلى كثرة الحالات التي تشخّص بمراحل متأخرة أو العزوف حتى عن المراجعة".
 
أكثر السرطانات شيوعاً
وفي العراق على وجه الخصوص والشرق الأوسط والدول النامية بشكلٍ عام، يعد سرطان الثدي من أكثر السرطانات شيوعاً عند الإناث، حيث تبلغ نسبة الإصابة به 23% من مجموع السرطانات التي تصاب بها المرأة بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية، ويمثّل سرطان الثدي حوالي 32% من السرطانات التي أصيبت بها المرأة العراقية ليحتل المرتبة الأولى بين السرطانات التي يصاب بها الفرد العراقي، وكشفت الإحصائيات الرسمية أن معظم الحالات التي تصيب المرأة العراقية، عادةً ما تُكتشف في مراحل متأخرة يصعب التحكم فيها بواسطة العلاج، وأن كثيراً من ضحايا هذا المرض هنّ في مقتبل العمر.