ديار طيب برواري
نجحت دولة قطر بشكل مميز في إدارة ملف استضافة كاس العالم 2022 لكرة القدم بداية منذ عملية إعداد الملف للمنافسة على الاستضافة في سنة 2010، وكذلك نجحت في إدارة مرحلة الإعداد والتجهيز والبناء يمكن الاعتراف بأن قطر حققت إنجازا سياسيا دوليا من خلال الرياضة.
فهي أول دولة عربية أو اسلامية تستضيف كاس العالم لكرة القدم، وأول دولة آسيوية تستضيفها منفردة بعد مونديال 2002، الذي استضافته مشاركة كل من كوريا الجنوبية واليابان.
هذا بحد ذاته إنجاز تأريخي كسر الطوق الذاتي والموضوعي لعدم إقامة هذه البطولة في دول عربية أو مسلمة.
يعتقد بعض المتابعين و المحللين أن التكلفة المادية التي أعلنت وهي ( 220 مليار دولار) يمكن أن تكون باهظة لتحقيق مكسب سياسي، بينما أكدت قطر أنها صرفت فقط مليار دولار على الرياضة بينما استغل باقي المبلغ لبناء بنى تحتية متطورة وحديثة واستثنائية.
لا ننسى إنها بنت أول ملعب متنقل لكرة القدم، حيث فكك بعد البطولة وسينقل إلى جهة أخرى.
لست هنا في موضع الكلام عن الانجاز الرياضي الذي يشهد له القاضي و الداني، بقدر ما يهمني ذكر الانجاز السياسي المتحقق للدولة.
بعد فوزها باستضافة كاس العالم» فتح ملف يستهدف قطر الدولة العربية المسلمة» من خلال حركة بدأت في فضاء الفساد في الاتحاد الدولي لكرة القدم الذي كان يشرف على مرحلة التصويت على الاستضافة في حينه.
حيث تعرض عدد من أعضاء المكتب التنفيذي ورئيس الاتحاد للاستجواب كان نتيجته تغيير في تركيبة الاتحاد.
لكن هذا الملف ظل مفتوحا حتى الآن.
كان الهدف منه التقليل والتشكيك في قدرة قطر في استضافة المونديال.
كما تبين لاحقا أن الجو العام في السياسة الدولية لم يكن يريد أن تمنح قطر تلك الفرصة.
لكن هذا الملف، لم يؤثر في قطر بشكل مباشر بل كان سببا في زيادة وإصرارا على التركيز على النجاح والتفوق.
في الفترة السابقة لبدء كاس العالم في قطر 2022 رافق الملف السابق» فتح ملف جديد يمكن أن يوصف (السخيف)، حيث كان تحت عنوان (حقوق الانسان)، وقد لاحظنا كيف كان التركيز على الشواذ الجنسي (المثلية ومجتمع الميم)، وحقوق المرأة و حقوق العمال.
أشار عدد من المتابعين أن المستهدف كان الخلق والنظام الاسلامي الذي تتبناه قطر. كان الضغط كبيرا جدا وكان يركز على إدخال و فرض سلوكيات لا تتماشى مع مبادئ الاسلام الحنيف. كان نجاح قطر واضحا في فرض شخصيتها على الزائرين، ومنع علامات المثلية والعنصرية وشرب الخمر في الأماكن العامة. كان من الواضح أن المملكة المتحدة وألمانيا كانتا على رأس من كان يأجج ويدفع بهذا الملف إلى العلن من خلال الأبواق الإعلامية، التي تتحكم بها وبعض الشخصيات التي استغلت وسائل التواصل الاجتماعي.
والإعلاميين المنصفين الذين نقلوا الصورة الحقيقية للمجتمع القطري وأخلاقيات الإسلام، التي كانت تستوعب الجميع وتعطي فرصة للمشجعين، بأن يعيشوا في بلد يتم تشويه صورته وصورة الدول العربية والمسلمة بشكل ممنهج.
من خلال هذا الملف فرضت قطر نفسها وفلسفتها في إدارة الدولة والأزمات على المجتمع الدولي. كما شهد الكثير من المحللين بأن موضوع حقوق العمال هو نسبي وموجود في كل الدول، وقد تغيرت نحو الأحسن أوضاع العمال و المهاجرين في قطر. إن سياسة (policy) دولة قطر في إدارة هذا الملف الشائك والمعقد كان ناجحا، حيث استطاعت أن تركز على الفرص الموجودة و امكانية التغلب على التهديدات و التحديات الخارجية»، كما كان تعاملها مع الاتحاد الدولي وجعله إلى طرفها وساندا لهاء كان في أفضل مستوياته.
حيث ذكر الاتحاد بأن هذه البطولة حققت أرقاما قياسية وعائدات كبيرة لم يسبق لها مثيل. لقد عرفت قطر كيف تستغل الإعلام والإعلاميين من أجل نقل الصورة الحديثة والجميلة عنها وتزيل بذلك الصورة النمطية والراديكالية المشوهة عنها. تجربة دولة قطر في ملف كأس العالم تستوجب الدراسة والتحليل بغرض الاستفادة منها في تحقيق النجاح في بعض السياسات والخطط، التي ترغب الدولة العراقية في تحقيقها. بكلام أكثر عموما أن نستفاد من تجاربنا غير الناجحة وتجارب الاخرين الناجحة. يمكن أن نبدأ بالسؤال التالي؛ من كان صاحب هذا المشروع الاتحاد القطري لكرة القدم أم دولة قطر؟. لست هنا في محل أن أركز على الرياضة بل يمكن أن يشمل ذلك المجالات الاخرى كالسياحية والصناعية والزراعية والخدمات الأخرى. فنحن تعودنا الصرف الباذخ والميزانيات العملاقة، لكنا لم نتمكن من تحقيق الأهداف وحتى في بعض الأحيان لم نقترب منها.