وجدان عبدالعزيز
الفنان هو ذلك الإنسان، الذي يحمل وهجا معينا وقلقا إزاء أشياء الطبيعة وجمالياتها ومن إيقاعات الطبيعة الحرة، التي عاشها الفنان حسين نعمة تخلقت شخصيته بموادها الأولية، حيث دفعته نحو هذا التميز وعدم الاستقرار وحمّلته قلقا مستمرا للبحث عن مساحات الجمال، وبالتالي خلقت لديه منطلقات رؤيوية خاصة به شكلت لوحات في المطاف الأخير، كانت انتماءاتها تلقائية للوجود المتناغم مع الذات الذائبة في الحان الطبيعة الجنوبية الحزينة.. فهوكان صوتا غنائيا حرك سواكن التلقي وتناغم مع إرهاصات الإنسان العادي، واليوم جاء بخطوط وألوان مع فعل حركي غير مرئي لتختلط مع التعبير، ويعكس قلق الإنسان الفنان داخل حسين نعمة، لذا فان اللوحات بجملتها عبرت عن التعويض، بالشكوى لفضاء المدينة، الذي عاشر وحدة وعزلة هذا الفنان، فتحدثت هذه اللوحات بحوار طلق غير مسموع، إلا لمن أنصت هادئا لها، ونحن نلاحظ تكور الخطوط والألوان لتتماهى مع أرضية وعمق اللوحة ضمن مساحتها المكانية بالأبعاد المحددة، غير انها محمولة على نغمة لحنية تشبه تلك التي عاشها الفنان نفسه طوال بواكير حياته الفنية مطربا وحنجرة أبدعت وأثرت في فن الغناء، ولكن برسوماته هذه قد خرج لنا بوشائج تأملية فكرية بدل الوشائج الراقصة، التي أخذت الكثير من قواه العضلية في متابعة اللوحة الموسيقية بإلحانها المتنوعة، وهنا تجلت قدرة الفنان حسين نعمة في البحث عن التعويض وإيجاد المنافذ الفنية وهذه المرة منافذ تشكيلية لإيصال المعنى، وهي دلالة على انه يحمل في داخله فنانا مركبا لا يرضخ لفن معين، بل سيبقى حتى الرمق الأخير يحمل وهج الإبداع.