ما رأي العلم في زلزال تركيا؟

علوم وتكنلوجيا 2023/02/09
...

 كارولين جونسون

 ترجمة: أنيس الصفار


أعقبت الزلزال أيضاً عشرات الهزات الارتداديَّة المدمرة، فلماذا حدثت الزلازل في هذه المنطقة بالذات وما الذي يجعل الأمر حدثاً غير طبيعي؟ 


ماذا عرفنا عن زلزال يوم الاثنين؟

أنزل الزلزال ضربته في الساعة 4:17 فجراً بالتوقيت المحلي قرب مدينة نورداغي بمحافظة غازي عنتاب التركية متسبباً بالدمار والموت في تركيا وسوريا، وقد شعر الناس بالهزة في مناطق بعيدة مثل قبرص ولبنان.

تقاس قوة الزلازل بالدرجة، وهذه الدرجات وضعت على أساس لوغارثمي، ومعنى هذا أنَّ كل عددٍ صحيحٍ يزيد في القوة بمقدار عشرة أضعاف على العدد الذي قبله. 

من الناحية الفنيَّة ليس هناك حدٌ أعلى للقوة، مع هذا كان أقوى زلزال مسجلٍ حتى الآن هو ذلك الذي ضرب شيلي في أيار 1960 وبلغت قوته 9,5 درجة. على هذا الأساس يعدُّ الزلزال الذي بلغت شدته 7,8 درجة قوياً للغاية.

تواصلت بعد ذلك عشرات الهزات الارتداديَّة المدمرة، وهي زلازل أصغر شأناً تصيب المنطقة نفسها عموماً عقب الزلزال الأصلي. 

فقد وقعت هزة ارتداديَّة قوتها 6,7 درجة بعد الزلزال الأول بإحدى عشرة دقيقة، ثم تلتها هزة بقوة 7,5 درجة بعد الواحدة ظهراً بالتوقيت المحلي، ومن المحتمل أنَّ هذه الأخيرة كانت زلزالاً "قريناً" للأول، أي زلزال يعادل في شدته الزلزال الأصلي بالدرجة ويصيب منطقة لا تبعد عن منطقته.


ما سبب الزلازل في تركيا؟

تتربع تركيا فوق بقعة زلزاليَّة ساخنة. ففي هذه المنطقة تلتقي ثلاث صفائح تكتونيَّة هي: العربيَّة والاناضوليَّة والافريقيَّة، وعندما تنزلق هذه الصفائح فوق بعضها البعض وتتضاغط جراء الحركة يتولد احتكاكٌ وتوترٌ يبقيان يتراكمان الى أنْ ينفلتا متسببين بحدوث زلزال.

يقول "ستيفن هيكس" عالم الزلازل من يونيفرسيتي كوليدج بلندن، إنَّ الصفيحة العربيَّة تتحرك شاقة طريقها شمالاً بمعدل 11 ملم سنوياً، وبذا تنزاح تركيا، التي تتربع فوق الصفيحة الاناضوليَّة، وتنضغط غرباً.

هذه الحركة تعني أنَّ لتركيا صدعين رئيسيين يمكن أنْ تتولد فيهما الزلازل، وهما الصدع الأناضولي الشمالي، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر تقريباً، والصدع الأناضولي الشرقي الذي يتجاوز امتداده 480 كيلومتراً. تتولد أكثر الزلازل التي تشهدها تركيا عند الصدع الشمالي، وعلى هذا الصدع يتركز الاهتمام لاحتمال كونه بؤرة لحدوث زلازل كبرى في مناطق قريبة من مراكز التجمع السكاني بمدينة اسطنبول. بيد أنْ الزلزال الأخير وقع كما يعتقد على امتداد الصدع الأناضولي الشرقي، الذي عادة ما يفلت من مراقبة الأجهزة نظراً لأنه لم يشهد زلازل تفوق شدتها 7 درجات. عدم حدوث زلازل عنيفة على امتداد هذا الصدع خلال القرن الماضي، فضلاً عن تحرك الصفيحة العربيَّة شمالاً، يدلان على أنَّ التوتر كان يتجمع بصمتٍ في هذه المنطقة، كما يقول هيكس.

في هذه المرة حدث الزلزال في ما يعرف باسم "صدع الانكسار المنزلق"، وهو كسرٌ في القشرة الأرضيَّة تنزلق فيه الصخور من فوق بعضها باتجاهٍ أفقي عند الانكسار.


لماذا كان هذا الزلزال مهلكاً؟

أعداد الوفيات المحزنة تكمن وراءها عوامل عدة، أولها القوة المجردة للزلزال نفسه، وثانيها حقيقة أنَّ مركز الضربة كان قريباً نسبياً من سطح الأرض، كذلك كان لقرب الحادث من المناطق المسكونة دور. فزلزال يوم الاثنين تولد على عمق نحو 18 كيلومتراً فقط من سطح الأرض، وهذا يعني أنَّ الموجة الزلزاليَّة التي أحدثها لم تقطع مسافة بعيدة قبل أنْ تضرب المباني وساكنيها عند السطح، الأمر الذي نجمت عنه ارتجاجات في غاية العنف.

كذلك كانت الهزات الارتداديَّة لهذا الزلزال ضخمة، ويتوقع لها أنْ تستمر. 

يقول عالم الزلازل يعرب الطويل من "مركز معلومات الزلازل القومي في كولورادو": "لقد أحصينا حتى الآن ما يقارب 40 هزة ارتداديَّة، وقد ركزنا اهتمامنا على القوية منها".


هل كانت ستتغير النتيجة 

بمواصفات أفضل للأبنية؟

حذر المسح الجيولوجي الأميركي في تقريره عن هذه الحادثة من أنَّ الناس في المنطقة المصابة يسكنون مباني شديدة الهشاشة عموماً أمام الارتجاج الزلزالي، ويشدد المسح المذكور على أنَّ استخدام الطابوق غير المدعم والإطارات الكونكريتيَّة السريعة في البناء تجعل الخطر أعلى لأنها أكثر عرضة للانهيار عند الاهتزاز فتتسبب بنتائج مفجعة. لا ريب أنَّ مواصفات البناء كانت ستخفف من النتائج، لكنْ قرب الزلزال من السطح وشدته (7,8 درجات) تسبب بارتجاجات عنيفة للغاية في منطقة من تركيا لم يسبق أنْ ذاقت زلازل بهذه القوة.

عن صحيفة واشنطن بوست