السماوة: نافع الناجي
يمثّل تطبيق مشروع (المهندس) في السماوة "نقلة نوعيَّة" في استثمار المساحات الصحراوية زراعياً والاستفادة منها في دعم سلة العراق الغذائية عبر استصلاح التربة والتوسع بزراعة المحاصيل الستراتيجية، فضلاً عن توفير فرص العمل لأبناء المحافظة.
وافتتح مؤخراً، رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض مشروع (المهندس) في محافظة المثنى الذي يتضمن زراعة مليون نخلة وعدد من المحاصيل الستراتيجية الأخرى كالحنطة.
وقال معاون رئيس أركان هيئة الحشد الشعبي، ياسر العيساوي لـ "الصباح": إنَّ النخيل يمثل مورداً اقتصادياً مهماً، ويمتاز بتثبيته للتربة وبأنه غطاء للمحاصيل الزراعية كالخضراوات بنوعيات متعددة، ويمتاز كذلك بإنتاجه الغزير من التمور والسرعة بالنمو.
من جهته، قال صلاح مهدي، المدير التنفيذي للمشروع: إنَّ شركة (المهندس) شرعت بزراعة أول منظومة بمساحة 400 دونم لعشرين ألفاً مغروسة نسيجياً، بهدف زراعة مليون نخلة خلال هذا العام. ولفت إلى أنَّ المشروع يهدف لاستصلاح مليوني دونم في أرض متروكة وفيها مشكلات كثيرة من وعورة بالتضاريس ووجود مجموعة كبيرة من الألغام، ولكن من خلال عملنا في هيئة الحشد تم تنظيف كميات كبيرة من حقول الألغام المتروكة وتخطيط هذه المساحات بشكل دقيق بغية غرس النخيل وأشجار الجوجوبا التي تتحمل ظروفاً مناخية قاسية بعد استيرادها من جمهورية مصر العربية. وأشار إلى أنَّ هناك تحدياً كبيراً للزراعة في الصحراء، وتحاول التجربة العراقية الفتية بهذا الموضوع النهوض عبر الاستفادة من تجارب الآخرين والبدء من حيث انتهوا. ولفت مهدي إلى نصب الكثير من منظومات الرش المحورية بمدة وجيزة، واستصلاح الأرض والبدء بزراعتها بمحصول الحنطة، وحفر مجموعة كبيرة من الأحواض لجمع مياه الآبار الجوفية، وكذلك التهيؤ لزراعة مساحات كبيرة من شجرة الجوجوبا.
وتابع أنَّ المشروع سيعمد إلى اختصار الوقت في استصلاح الأرض، إضافة إلى أهدافه الإنتاجية والتسويقية وفوائده من قبيل تثبيت منظومات الري الحديثة، مما يمهد لتغيير بيئة بادية السماوة إلى بيئة أجمل وتخفيف عبء الأتربة والرياح الحارة التي تقصد المحافظة والعمل على التغيير المناخي بشكل ملموس خلال المدة المقبلة. من جهته، أوضح عبد الكريم حمد، المستشار الزراعي في شركة (المهندس) أنَّ هذا المشروع ضخم وريادي، ويعد من الخطوات الأولى لاستصلاح بادية السماوة وتحويلها إلى الحالة الزراعية الإيجابية المنتجة.
وبين أنَّ المشروع لا يقتصر العمل فيه على النخيل، بل هناك زراعات أخرى، مثل أشجار غابات الجوجوبا وأشجار منتجة للأخشاب، وزراعة المحاصيل الستراتيجية كالحنطة والشعير وفول الصويا والذرة الصفراء والبطاطا والمحاصيل الغذائية الأخرى.
وتابع حمد أنَّ شركة (المهندس) خططت منذ البداية لاستخدام الوسائل الحديثة جداً في السقي وترشيد استخدام المياه، إذ لجأنا إلى المرشات المحورية، التي تسقي كل واحدة منها 120 دونماً، وبكميات مياه تقل نسبتها عن الكمية المهدورة في السقي السطحي.
وزاد أنَّ الشركة اتجهت أيضاً لمسار آخر أكثر اقتصاداً وهو السقي بواسطة الري بالتنقيط الذي يعطي النخلة أو الفسيلة حاجتها من المياه ويمنع التبخر ونمو الأدغال. كما أوضح المستشار الزراعي في الشركة عبد الحسين سعد أنَّ موقع المشروع تتوفر فيه قناة المياه الجوفية بأعماق اقتصادية ونوعية جيدة، وهي منطقة واسعة تمتاز بالتنوع البيئي وجودة المحاصيل الحقلية التي نحن بأمس الحاجة إليها. وتابع أنَّ هناك أكثر من 26 مرشة تروي مساحات مزروعة بمحصول الحنطة، إضافة للمساحات المستخدمة بالرش الثابت والسقي الديمي.بدوره، قال طالب عبد الله، مستشار محافظ المثنى، إنَّ هذا المشروع يمتد على مساحة مليوني دونم في بادية السماوة التي تتجاوز 22 مليون دونم، وسيكون انطلاقة حقيقية لمشاريع مستقبلية في المحافظة التي تمتلك خزيناً هائلاً من المياه الجوفية والتربة عالية الجودة. وأضاف أنَّ المشروع سيسهم أيضاً بدعم سلة العراق الغذائية وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة، بخطة تكاملية خلال 10 أعوام، عبر زراعة مليون نخلة، وكذلك شجرة الجوجوبا التي تمتاز ثمارها بالإنتاج الغني وعالي الجودة.
ولفت عبد الله إلى نصب المرشات المحورية والاعتماد على طرق الري الحديثة في زراعة المحاصيل الحقلية والتوسع بزراعة محصول القمح والشعير وكذلك زراعة الكثير من أنواع الخضراوات في هذه المنطقة، التي شهدت خلال الأعوام السابقة زيادة وارتفاعاً مطرداً في إنتاج محصول الحنطة، لذا سيسهم مشروع (المهندس) في توفير كميات إضافية من القمح ليدعم الاحتياج المحلي من هذه المادة الستراتيجية.
من جانبه، ذكر الوكيل الإداري لوزارة الموارد المائية رائد عبد زيد الجشعمي، أنَّ الوزارة اطلعت بشكل مفصل على مشروع الأمن الغذائي الذي ينفذ برعاية هيئة الحشد الشعبي في بادية السماوة، حيث يحتوي على طرق علمية واعدة في الزراعة واستخدام تقنيات الري الحديث التي من شأنها أن تؤدي إلى الاستخدام الأمثل للمياه الجوفية.
وتابع أنَّ المشروع يسهم بشكل كبير في تنوع المنتجات الستراتيجية للبلد، نتيجة لما يعانيه من شح المياه لثلاثة مواسم متتالية.
تحرير: علي موفق