الإنشاد الديني.. طقوسٌ رمضانيَّة في العراق

استراحة 2023/04/02
...

 كولر الداودي: أربيل 


يعدُّ الإنشاد الديني والترتيل بآياتٍ تعزف على أوتار القلوب وتحلّق في رحاب السماء والخشوع بأحلى الابتهالات والتواشيح الدينيَّة، فناً مثل غيره من الفنون، ومن أهدافه محاربة العنف والإرهاب، ويختصر المنشد المعنى بالكلمة والنغمة في دقائق ليصل ما ينشده الى المستمع أسرع من الخطيب.

من المتميزين في الإنشاد الديني في العراق السيد قيس عبد الرزاق مهدي صالح

(57 سنة)، كانت بدايته بتقليد أصوات المنشدين الملالي حسب قوله وأول بداية له فعليًا في الإنشاد كانت بأداء منقبة مقام الحكيمي وقرأ بها مع الملة محمد الشيخلي وأعجب بها وأشاد بأدائه وطلب منه الاستمرار. وهو قارئ معروف للمناقب النبوية ويؤدي المقام العراقي في الأمسيات المقامية وفي المنتديات والمطاعم في خلال شهر رمضان.

وأكد السيد قيس أنَّ "الإنشاد الديني كان يعرف سابقًا في حضارة وادي الرافدين ويعرف بالتراتيل، وفي زمن الدولة الآشوريَّة والبابليَّة كان الكهنة يختارون الأشخاص الذين يمتلكون أصواتًا جميلة ويعتقد الكهنة في ذلك الوقت عندما يكون الجو جميلاً وهادئاً يدلُّ ذلك على وصول الآلهة الى الدنيا وترغب في سماع التراتيل ويجمعون جميع الكهنة في المعبد لتأدية الترتيل وهذه المعلومات موجودة في متحف التاريخ الطبيعي بعد أنْ ترجمت الكتابة المسمارية ويعتقدون بأنَّ هذه الأصوات في التراتيل تصل الى الذات الإلهية وبأجمل ما يمكن".

وأضاف "كان الإنشاد الديني في العصر الجاهلي يؤدى بطريقة معينة، وفي العصر الإسلامي عندما مدح حسان بن ثابت النبي (ص) كانت شيماء أخت الرسول بالرضاعة تردد هذه الأناشيد وكان النبي يسمعها. ثم تطور الإنشاد أكثر في زمن الدولة العثمانية".

وقال: "رتب الحافظ الملة عثمان الموصلي هذا اللون من الإنشاد وجعل له قواعد وأساسيات وتوصل الى اللون الجديد الذي نسمعه حاليًا، وينقسم الإنشاد الى قسمين قسم إنشاد وقسم المداح والمنشد الذي ينزل الحلبية أو تنزيلات الملة عثمان الموصلي والمداح الذي ينشد القصائد التي تخص المنطقة الغربيَّة منها العتابة والسويحلي والنايل والأشخاص الذين كانوا معروفين في هذا المجال ملة عثمان الموصلي وعبد الستار طيار وملك سامي وملة حسن داود وملة خماسي واموري ويعدون الأساسيين في المنقبة والإنشاد الديني".

ولفت الى أنَّ "المولد والمنقبة والمدح هي نشاطات توجد في العراق فقط، أما الإنشاد فهو كلمة عربية معروفة، والاستماع الى الإنشاد الديني هو موضوعٌ نسبيٌّ حسب قوله وممكن لقارئ متمكن بدون روحية لا يتمكن من إيصال الأداء الى الناس وممكن لقارئ مبتدئ ترغب الناس في الاستماع إليه".

وبين أنَّ "الكثير من القنوات طالبته بأداء الأناشيد منها قناة العربية والعالمية.. وقد أديت الإنشاد في المغرب والحزائر وتونس وفي أمريكا ولندن وباريس وكان له قبولٌ عند المستمعين بسبب أنني عرفت كيف أوصل الإنشاد الديني الى الناس وما زلت مستمرا إلى الآن أمارس النشاط الديني في الإنشاد والمدح الذي يؤديه من خلال المقام والموالات".