خبراء نفط: قرار خفض الإنتاج {إيجابي} ويدعم إنعاش الموازنة

اقتصادية 2023/04/04
...

 بغداد: علي موفق 


في موازنة "هشَّة" تعتمد على تصدير الخام كمورد أساس لتحقيق الإيرادات، يرى خبراء نفطيون أنَّ قرار خفض إنتاج النفط ضمن الاتفاق المفاجئ الذي أعلنت عنه مجموعة من الدول المصدرة، إيجابي من ناحية الاستفادة من ارتفاع الأسعار وتحقيق التوازن في الأسواق العالميَّة.

يأتي ذلك، بعد الانخفاض المستمر الذي طرأ خلال الآونة الأخيرة، لكنهم لم يستبعدوا في الوقت ذاته مخاطره كونه سيضر بالدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة. 

وعزت وزارة النفط سبب انضمام العراق لهذا القرار الذي يبدأ تطبيقه من أيار المقبل وحتى نهاية 2023، إلى أنه يأتي ضمن الإجراءات الاحترازية لمواجهة التحديات التي تواجه سوق الخام وتحقيق التوازن والاستقرار بين العرض والطلب.

وأعلنت 9 دول من (أوبك بلس) في وقت واحد وبشكل غير متوقع خفض إنتاج النفط بنحو 1.65 مليون برميل توزعت بواقع 500 ألف برميل يومياً من روسيا ومثلها من السعودية و211 ألفاً من العراق و144 ألفاً من الإمارات و128 ألفاً من الكويت، فضلاً عن 48 ألف برميل من الجزائر و78 ألفاً من كازاخستان و40 ألفاً من سلطنة عمان و8 آلاف برميل من الغابون. 

وقال الخبير الاقتصادي والنفطي نبيل المرسومي: إنَّ قرار (أوبك بلس) تخفيض الإنتاج بأكثر من 1.6 مليون برميل يومياً يأتي لاعتبارات اقتصادية وسياسية محتملة، لكنه أسهم بارتفاع سعر خام برنت بنحو 5 دولارات من 79 إلى 84 دولاراً وهو يتفق مع سلوك المنتجين الذين يستهدفون تعظيم أرباحهم وهو ما حصل فعلاً في المدى القصير.

وأوضح أنَّ قرار تخفيض الإنتاج بقصد رفع الأسعار سيؤدي إلى إلحاق الضرر بالنمو الاقتصادي العالمي خاصة أنَّ الدول الغربية تعاني حالياً من أزمة الركود التضخمي وهو ما قد يؤدي في المدى المتوسط إلى ضعف الطلب العالمي على النفط وانخفاض أسعاره، فضلاً عن مخاطر خسارة (أوبك بلس) حصصها السوقية مستقبلاً وأخرى تتعلق باحتمال تشريع قانون (نوبك) الذي يسمح للأفراد والشركات الأميركية بمقاضاة منتجي النفط الذين يتدخلون لرفع الأسعار.

وبين المرسومي أنَّ قرار العراق تخفيض إنتاجه من النفط الخام اعتباراً من أيار المقبل إلى نهاية عام 2023 بمقدار 211 ألف برميل يومياً، كان مفاجئاً مع تخفيضات أخرى للسعودية والكويت والإمارات وعمان والجزائر وصلت إلى 1.071 مليون برميل يومياً، فضلاً عن تخفيض روسيا إنتاجها بنحو ٥٠٠ ألف برميل يومياً لتحقيق الاستقرار في أسعار النفط العالمية. 

وأكد أنَّ هذا الإجراء ربما سيكون محفوفاً بالمخاطر خشية رد فعل أميركي محتمل ربما سيُلحق الضرر بهذه الدول ومنها العراق.

وجاءت التخفيضات في أعقاب انخفاض حاد في أسعار النفط الشهر الماضي بعد انهيار بنك "سيليكون فالي" الأميركي والاستحواذ الإجباري على "كريديت سويس" من قبل "يو بي أس"، ما أثار مخاوف من انتشار عدوى "تهاوي المصارف" في الأسواق المالية العالمية وحدوث انخفاض كبير في الطلب على النفط الخام.

من جانبه، قال الخبير النفطي حمزة الجواهري: إنَّ أوبك لن ترضخ لسياسة أميركا التي استمرت بضخ كميات كبيرة من النفط بحدود مليون إلى مليون ونصف مليون برميل يومياً للأسواق من خزينها الستراتيجي من أجل خفض الأسعار وتحديدها وفق ما تراه مناسباً لها.

وأكد أنَّ التحكم بالأسعار من قبل أميركا يمس سيادة أوبك بالصميم، إذ تسعى المنظمة للحفاظ على توازن الأسواق واستقرار الأسعار عند مستوى 80 دولاراً للبرميل والذي يعد منصفاً للمنتجين والمستهلكين على حد سواء.

وتابع أنَّ أوبك أفهمت أميركا ألّا تتلاعب وتتحكم بسوق النفط وحدها، وأنَّ المنظمة مسؤولة عن اقتصاد البلدان المنضوية فيها وستبقى تراقب الأسواق.

ولفت إلى أنَّ الولايات المتحدة مستمرة بضخ النفط من خزينها الستراتيجي على الرغم من انخفاض خزينها بشكل كبير إذ وصل إلى أقل مستوى له منذ 38 عاماً، وهي مستمرة بذلك من أجل مواجهة أوبك التي هي أشبه بالحرب.

وشدد الجواهري على أنَّ العراق لن يتأثر بهذا الخفض، لأنَّ الزيادة التي حصلت في أسعار النفط ستغطي التخفيض وأكثر.

وتابع أنَّ الأيام أثبتت أنه ليس باستطاعة اقتصاديات الغرب أن تقف من دون أسعار نفط رخيصة بأقل من 60 دولاراً، مؤكداً أنَّ سعي الغرب لخفض أسعار النفط ليس شرطاً، وإنما هدف لهذه الدول، وهذا الأمر هو بداية هذا الهجوم القوي على أسعار النفط و(أوبك)، على الرغم من تطمينات (أوبك) وتعافي الاقتصاد الصيني، لكن المسألة تتعلق باقتصاد الغرب بشكلٍ عام الذي لا يستطيع مقاومة أسعار أعلى من 60 دولاراً.

وفي أول رد فعل على القرار، قال متحدث باسم مجلس الأمن القومي التابع للبيت الأبيض في بيان: إنَّ التخفيضات المعلنة أخيراً من دول أوبك "غير منطقية"، بالنظر إلى حالة عدم اليقين في السوق.

وقفزت أسعار النفط أمس الاثنين في بداية التعاملات الأسبوعية بأكثر من 6 بالمئة بعد ساعات من إعلان أعضاء في تحالف "أوبك بلس" عن خفض طوعي في الإنتاج، إذ صعدت العقود الآجلة لخام القياس العالمي مزيج برنت تسليم يونيو/ حزيران إلى 84.96 دولاراً 

للبرميل.