هشام داوود
الاتفاق التاريخي الذي تمَّ بين السعودية وإيران والذي توسطت فيه الصين بعد ذوبان الجليد لمدة سبع سنوات منذ عام 2016 كان له دور في إضفاء الطابع الرسمي على الاتفاق من اجل استعادة العلاقات الدبلوماسية ودفن الأحقاد بين البلدين.
وعلى الرغم من أن الصين أصبحت وسيطا قويا في الشرق الأوسط، لكن مع ذلك فإن الاختبار الحقيقي لبكين لم يأت بعد.
فبدلا من التصديق والاقتناع بأن الصين قد توسطت من اجل السلام، يجب أن ننظر إليه على أنه ممارسة أخرى لآلة الدعاية الصينية.
قد يكون التصور العالمي حول الصين التي تتخذ موقفا أكثر نشاطاً في السياسة العالمية أمراً مبالغاً فيه، ويدفع الصين بالاستفادة من تعزيز التعاون التجاري مع جميع الأطراف مع عدم اتخاذ أي جانب بشأن القضايا الحساسة.
لطالما كانت الصين بارعة في فن إعلان النصر لإنهاء القضايا الحساسة وإعطاء القوى العالمية ذريعة للتنحي عن المواجهة.
في صميم الأمر كان الحفاظ على المصالح المشتركة دائما وسيلة فعالة لتبييض التناقضات الطويلة الأمد، إذا سمحت الاقتصادات المتعثرة والغنية في الشرق الأوسط للصين بتكرار مصائد ديونها في المنطقة، ونشوء البنية التحتية الرديئة فإن عدم المساواة والزيادة الناتجة في القمع من الأنظمة الاستبدادية ستزيد من عدم الاستقرار.
مع تحول السعودية إلى ثاني أكبر متلقي للاستثمار ضمن مبادرة الحزام والطريق على مستوى العالم، تقوم الصين بشكل متزايد بمواءمة أهدافها مع مجلس التعاون الخليجي، في حين أنه من المستحيل التنبؤ بالجغرافيا السياسية في المنطقة، فإن عدم رضا إيران المتزايد عن بكين أصبح أكثر وضوحا، اذ لم يتضح بعد إلى أي مدى يمكن للاستثمار الصيني أن يهدأ على هذه العقبات.
سجل إيران التاريخي يرجح احتمالية أن يستمروا في فعل ما يصب في مصلحتهم أولاً مع الموافقة ببساطة على ما تقوله الصين، لكن لا يمكن للمرء إلا أن ينتظر لمعرفة ما ستكون عليه نقطة الاشتعال الدبلوماسية التالية بين إيران والسعودية.
إلى أي مدى يمكن للمملكة السعودية إقناع الصين بالضغط على طهران غير واضح.
التصورات العالمية بشكل عام والعراقية بشكل خاص حول القضية برمتها تأخذ على أنها استسلام سعودي للتهديدات الإيرانية في المنطقة بعد هجمات 2019 على منشآت النفط السعودية، والتي وجهت بسببها الرياض أصابع الاتهام إلى طهران.
إنَّ الصين تنفق الكثير من الوقت ومبالغ هائلة من المال في محاولة، لإقناع الجميع بأنها يمكن أن تؤدي إلى نظام عالمي جديد وهذه حقيقة لا يمكن نكرانها.
أدت المخاوف الصينية بشأن «الاحتواء» من قبل الغرب وجنون العظمة الإيراني بشأن الانعزالية عن مجلس دول الخليج بسبب برنامجه النووي إلى علاقات جيدة بشكل متزايد بين البلدين.
إلا إن السعودية تحتل مرتبة متقدمة بكثير على إيران عندما يتعلق الأمر بالتجارة بين البلدين.
النقطة المثيرة للاهتمام والتي يجب ملاحظتها هنا هي ألا يوجد أحد بمقدوره أبدا أن يعرف ما هي التكتيكات، التي استخدمتها الصين لإنتاج هذا الانقلاب الدبلوماسي في غضون أشهر.