القاضي كاظم عبد جاسم الزيدي
يفترض انَّ لكل سلطة ممارسة اختصاصها في الحدود المقررة لها بموجب الدستور وفق قاعدتي التخصص الوظيفي والاستقلال العضوي، والدول التي تأخذ بالنظام البرلماني تجعل من مبدأ الفصل بين السلطات أساساً لها، لذا تستقل كل سلطة بممارسة اختصاصاتها التي خصصت لها استقلالاً عضوياً تاماً وتمنع أي سلطة التدخل في شؤونها, وتعطى السلطة التشريعيَّة في الدول البرلمانيَّة
وسائل عديدة من أجل كبح جماح السلطة التنفيذيَّة ومنعها من ممارسة اختصاصاتها، إذ منح الدستور العراقي النافذ لعام 2005 لمجلس النواب العراقي هذا الحق، ومن المستقر عليه في جميع النظم البرلمانيَّة هو خضوع السلطة التنفيذيَّة للرقابة من قبل البرلمان،
إذ يقومُ بمحاسبتها ويراقب تصرفاتها واعمالها وقراراتها، إذ تعدُّ الرقابة من المقومات الأساسيَّة لنظام الحكم الصالح؛ لأنَّ الهدف من الرقابة المتبادلة بين السلطتين التشريعيَّة والتنفيذيَّة هو ليس الخصومة بل الهدف منها تحقيق التعاون والتوازن بين السلطتين. ولعلَّ الرقابة التي يمارسها البرلمان على أعمال الحكومة هي إحدى الخصائص التي تميز
الأنظمة البرلمانيَّة عن غيرها من الأنظمة، وهذا اختصاص كفلته الدساتير لبرلماناتها، فقد منحها حق الرقابة في مواجهة الحكومة، وإنَّ هناك اختصاصات غير تشريعيَّة لمجلس النواب وهي اختصاصات
رقابيَّة وهي حق إصدار القرار البرلماني بعد طرح موضوع عام للمناقشة،
وقد أصدر مجلس النواب العراقي قراراً برلمانياً بحجب الألعاب الالكترونية التي تحرض على العنف، وقد حدد البرلمان هذه الألعاب (البوبجي, الفورتنايت, الحوت الأزرق) وغيرها من الألعاب الالكترونية المماثلة لها التي تحرض
على العنف.
واستناداً لأحكام المادة (59) من الدستور العراقي النافذ لعام 2005 ولما تشكله بعض الألعاب الالكترونية من آثار سلبية في صحة وثقافة
وأمن المجتمع العراقي
ومن ضمنها التهديد الاجتماعي والأخلاقي لفئات الشباب
والفتيات وطلاب المدارس والجامعات وتأثيرها السلبي في المستوى التربوي والتعليمي
فقد أوصت لجنة الثقافة والإعلام في مجلس النواب بحظر وحجب كل ما يتعلق بممارسة هذه الألعاب الالكترونية والمتاجرة بها ومنها لعبة البوبجي والفورتنايت و الحوت الأزرق أو
الألعاب السائدة أو المماثلة لها كونها تهدد الأمن الاجتماعي والأخلاقي والتربوي والتعليمي على جميع شرائح المجتمع حسب بيان مجلس النواب وان القرار البرلماني نص على الطلب من الحكومة حظر وحجب كل ما يتعلق بممارسة هذه الألعاب الالكترونية أو المتاجرة بها وتوجيه وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات لغرض اتخاذ الإجراءات الفنية الملائمة
لتنفيذ القرار.
وقد صدر القرار البرلماني بالإجماع وإنَّ حجب الألعاب الالكترونية المحرضة على العنف و القتال ينسجم مع القواعد الأخلاقية. وقد صدر القرار البرلماني وفقاً لأحكام الدستور النافذ لعام 2005 وفقاً لصلاحياته الدستورية وإنَّ تنفيذ القرار يحتاج إلى تعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية لكي يكون القرار نافذ السريان على أرض الواقع.