مثقفو العراق يحتفلون بمئوية نازك الملائكة
بغداد: محمد إسماعيل
تصوير: كرم الأعسم
برعاية دولة رئيس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، افتتح في السادسة من مساء أمس الأربعاء 24 أيار الحالي، الاحتفال المركزي بمئوية رائدة الشعر العربي الحديث نازك الملائكة، على مسرح الرشيد، بحضور شعراء عرب وعراقيين.. يستمر الاحتفال لغاية مساء هذا اليوم.. الخميس 25 أيار 2023 تحت شعار "100 عام على ولادة نازك الملائكة"، متضمناً كلمات لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ورئيس المؤتمر مستشار دولة رئيس الوزراء لشؤون الثقافة د. عارف الساعدي، وكلمة عائلة الشاعرة نازك الملائكة وكلمة اتحاد الأدباء والكتاب وعرض فيلم وثائقي عن سيرتها،
وألقت الفنانة د. شذى سالم، قصائد الشاعرة الملائكة.
شهدت جلسة الافتتاح قراءات لقصائد الشعراء: كاظم الحجاج وعلوي الهاشمي وفائدة آل ياسين ومحمد إبراهيم يعقوب وأكرم الزعبي وعامر عاصي، وقدمت فرقة "سومريات" بقيادة المايسترو علاء مجيد، مجموعة من الأغاني التراثية.
رحب رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بالحاضرين.. من عرب وعراقيين، قائلاً: "للعراق ريادة الكلمة والموقف اللذين نفخر بهما عبر حقب التاريخ، ناهلين من الماضي مقومات الحاضر كي يتوهج في مستقبل أكيد".
وقال رئيس الاحتفالية د. عارف الساعدي: "ننطلق من الإيمان بمشاركة المرأة ودورها وريادتها؛ لذلك اقترحت مشروع الاحتفال بمئوية الشاعرة نازك الملائكة على دولة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، فتبناها سيادته" مؤكداً: "الاحتفالية لا ترتبط بهذا المهرجان المقام الآن، إنما سبقته خطوات منها تعميم إلى وزارة التربية منذ يوم 16 آذار الماضي، بجعل كلمة الخميس عن نازك الملائكة، وتوجيه دائرة البريد بإصدار طابع يحمل صورتها، وطبعت دار الشؤون الثقافية العامة أعمال نازك الملائكة الكاملة، على نفقة رئيس الوزراء في مجلدين، والآن تكلل بدعوة عرب وعراقيين للاحتفال بمئوية ولادتها، التي ستشهد الإعلان عن نصب تمثال في إحدى ساحات بغداد البارزة، ليكون أول تمثال لامرأة عراقية".
* استئناف
وأضاف مدير بيت الشعر في المغرب المخلص الصغير: "احتفاءً بمئوية نازك الملائكة، حضرنا من أجل استئناف النظر في تجديد الشعر العربي، لعل هناك من يجددون هذا الشعر بعد مئة سنة أو بعد التجربة الرائدة التي خاضتها هذه الشاعرة التي لم يكن هدفها تجديد الشعر العربي وحده، بل تجديد المجتمع العربي وتحرير الشعر وتحرير المرأة التي كتبت عنها.. هي التي كتبت عن قضايا الوحدة، والتجزئة"، متابعاً: "سأشارك بقصيدة عن المناسبة في جلسة الختام.. سعيد بانضمام صوتي إلى باقي الشعراء في هذه الاحتفالية، فهم لن ينصتوا إلى بعضهم البعض فقط، إنما إنصات جماعي إلى صوت نازك الملائكة الذي لما يزل يملأ أسماعنا ووجداننا".
ويشارك في مئوية نازك الملائكة مدير بيت الشعر في الشارقة ومدير مهرجان الشارقة للشعر العربي محمد عبد الله البريكي، بقصيدة "نخلة النهرين أغنية إلى نازك الملائكة"، استذكر شاعرة من أهم المجددات في القصيدة الحديثة، بشكل مغاير ومختلف؛ ما يوحي بأن الشعر العربي لا يزال في وجدان العرب ويمثل الحياة والاستمرارية وهو وسيلة من وسائل التواصل الإنساني والإبداعي العربي القومي، الذي مكنني من النظر إلى بغداد مرة أخرى للبحث عن قلبي الذي تركته في بغداد، عندما شاركت في مهرجان المربد عام 2000".
* امتداد
وتابع رئيس رابطة الكتاب الأردنيين أكرم الزعبي: "في ظل الفوضى الثقافية والعولمة التي التهمت كل شيء، تبرز أهمية الاحتفاء بالثقافة والحضارة للأمم لأن الأمم من دون رموز تفقد، ومن هنا تأتي أهمية الاحتفاء بالملائكة كرمز ترك بصمة ما زالت ممتدة إلى اليوم، وبهذه المناسبة العظيمة التي تقوم الدولة العراقية بإحيائها ودعوة كبار الشعراء العرب للتأكيد على أهمية الاحتفاء بالرموز كي يكونوا منارات تهتدي بها الأجيال القادمة، وبهذا المقام أشكر الدولة العراقية حكومة وشعباً، والشكر والتقدير والعرفان لدعوتي لحضور فعاليات افتتاح هذا الاحتفال والمشاركة بقراءة القصائد في حفل الافتتاح بقصيدة "عزف على أوتار زرياب" ومن اعترافات ديك الجن الحمصي" .
وأوضح الشاعر اللبناني شوقي بزيع: "يجب أن نميز بين استذكار الرمز بوصفه مجرد لحظة مفصلية ومهنية عن الحاضر كما بالنسبة للأمم النابضة، وبين استذكاره بوصفه حالة متواصلة وحاضرة في الزمن، ذلك أن الإبداع في العمق هو تعبير لا زمني وعابر للأحقاب وأعتقد في بعض الأحيان التي تنتقيها الأمم خاصة العرب، تكون تلك اللحظة وهذا الرمز تعبيرا عن الاحتفاء الفلكلوري لأشخاص وأحداث ومهن في ظل تغييب المحتفى به واضطهاده كما هو يوم المرأة وما سوى ذلك فيصبح العيد عقدة ذنب.. أما نازك فأعتقد بأنها لم تدرس كما ينبغي من الناحيتين.. الشعرية والنقدية وإن كان قد احتُفي بها بوصفها امرأة تشارك بالحداثة وتؤسس للشعر العربي الذكوري"، مبيناً: "الاحتفاء بنازك الملائكة حجب تفاصيل كان ينبغي التركيز عليها بالتعامل مع الشعر.. نازك ونقدها وتجربتها عموماً، وهذه المناسبة هي فرصة ثمينة للإضاءة على تجربة نازك الملائكة".
وواصل عضو أسرة الأدباء والكتاب في البحرين الشاعر علوي الهاشمي: "إن شاء الله يجعلنا الرمز الشعري الكبير نازك الملائكة، رموزاً مثله، وليس عجيباً أن يحتفل العراق أكثر من يوم بالمناسبة، برموز الشعر العربي، فمنه ظهر أول هذه الرموز إلى الدول العربية متمثلا بمن نحتفي اليوم بمئويتها.. نازك الملائكة في شراكة إشكالية محببة مع رفيق دربها الشاعر بدر شاكر السياب، إلى جانب كوكبة من الشعراء الرواد الذين داروا في محيط مركزه نازك الحداثة.. هم بلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي وآخرون كثيرون في العراق، ولم تخلُ الدول العربية من مثل تلك الريادات الرمزية المبكرة.. في كل بلد من الدول العربية هناك رمز وأكثر زامن نازك الملائكة وعموم التجربة العراقية في الحداثة"، لافتاً: "يقال هناك القليل في اليمن وشعر تفعيلة في بلد عربي آخر، لم يكن هو بداية الرموز؛ لأنه حتى عنترة وأبو نؤاس وأبو تمام لديهم شعر خارج العروض التقليدي، إذن الحداثة ليست فقط شكلاً ووزناً لنربطها بقصيدة التفعيلة إنما هي أكثر من ذلك، لكن الشكل التفعيلي جزء منها وهو جزء مهم إذا ارتبط أو كشف عن بقية العناصر الشعرية الجوهرية في الحداثة، ومنها اللغة الشعرية، وفي مقدمتها الصورة الشعرية والرؤية الشعرية والإيقاع الداخلي المتضمن في اللغة وفي شكل التفعيلة الموسيقية الداخلية التي يفرزها النص الحديث، ومن خلالها يتصل بالعمق.. ومن هنا يتواصل القديم مع الحديث، من خلال الشكل والمعنى والموسيقى الداخلية.. ألخص ما أريد قوله بأن الذاكرة العربية أمانة في أعناق الشعوب العربية".
واستطرد الشاعر التونسي آدم فتحي: "أشارك بقصيدة بمناسبة مرور مئة عام على ولادة شاعرة الحداثة نازك الملائكة"، مستفيضاً: "الأمم لا تنهض ولا تصمد ولا تنجح إلا بالوفاء لرموزها، ونازك الملائكة رمز أساس في الذائقة الشعرية والثقافية العربية"، إلى ذلك قال الباحث الجزائري يوسف وغليس: "هذه مبادرة رائعة تندرج في إطار بعث هذه الرموز وهي تعدو كونها عراقية بل هي من رموزنا نحن العرب جميعاً" معلقاً: "كل من يقرأ ويكتب باللغة العربية أشعر به معنياً بنازك الملائكة، وحين أنبئت بدعوتي للمشاركة في هذه التظاهرة وجدتني معنياً بنازك الملائكة، كأنني عراقي وكأن نازك جزائرية، هي ملك لي أنا؛ لذا تهيأت للمشاركة في هذه الاحتفالية وقمت بحركة دؤوب بحثاً عنها في أرشيف مجلات الآداب والأديب وشعر؛ فعثرت على كنوز".
وحضر القاص العراقي د. عبد الله إبراهيم، من إسطنبول، للمشاركة: "الاحتفاء برموز الثقافة يروي الأرض العربية والعراقية التي كادت تخلو أو تجدب" ويشارك المخرج علي ريسان، القادم من السويد للمشاركة في المهرجان مؤكداً: "نازك الملائكة رمز ثقافي للعراق والعرب وتجربة حداثوية عالمية.. نفخر بها".