عراقيات يكسرن حاجز الصمت

ريبورتاج 2023/05/31
...

 علي غني 

لم أكن أتوقع أن النساء العراقيات لديهن القدرة على كسر حاجز الصمت وقيادة الدراجات في شوارع بغداد المزدحمة، تصورت أن الأمور استعراضية، لكن مسابقة الدراجات التي أشرفت عليها عميدة كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين الأستاذة الدكتورة نغم حسين قادتني إلى أمور عديدة قد يكون أبرزها أن الدراجة الهوائية ستكون سيدة للاقتصاد والبيئة في العراق.

صديقة للبيئة

امرأة في الخمسينيات من (مواليد 1970)، أرادت أن تقود مهمة صعبة في تشجيع النساء على ركوب الدراجات كوسيلة للتنقل في مناطق العاصمة بغداد المزدحمة من أجل الوصول للعمل أو التسوق للبيت من دون الحاجة لضجيج السيارات وحوادثها، فتمكنت هذه السيدة (الخمسينية) التي اسمها سعاد الجوهري من خلال منظمة نخلة ووطن النسوية للثقافة والتنمية المستدامة أن تجمع أكثر من (120) امرأة تتراوح أعمارهن ما بين العشرينيات والأربعينيات والخمسينيات تجمعهن وحدة الهدف وهو استخدام الدراجات في الوصول إلى دوائرهن أو التسوق للبيت أو ايصال أولادهن لرياض الأطفال، ولن يثني قائدتهن (سعاد) من طموحها هذا على الرغم من تعرضها إلى أكثر من حادث في الشارع كاد أن يودي بحياتها، وفي أحدها سرقت دراجتها التي يصل سعرها إلى (20) ورقة من دون أن يعوضها أحد.


بناء العضلات

أعود للأستاذة الدكتورة نغم حسين عميدة كلية اقتصاديات الأعمال في جامعة النهرين التي أكدت حرصها على تشجيع المواطنين على ركوب الدراجة الهوائية ذكوراً وإناثاً، وهي تقول لي: رغبتنا في الحفاظ على البيئة الجامعية الجميلة التي عرفت بأشجارها ومياهها وزقزقة عصافيرها، دفعتنا لاختيار الدراجة الهوائية بدلاً من المركبات الملوثة للبيئة، ما يعني إعادة جزء كبير من الحياة إلى الطبيعة ذات البيئة السليمة والنظيفة. وتابعت: الدراجات الهوائية لا يصدر عنها أي ضجيج يؤذي السمع ويؤثر في الحالة النفسية، كما أن حوادثها عادة بسيطة، وتعتمد على الطاقة العضلية، وهي في هذه الحالة ذات فوائد عدة، إذ إنها من ناحية تستهلك جزءاً من طاقة الشاب السلبية الذي يقودها ومن ناحية أخرى فهي تعد وسيلة لبناء عضلات الجسم وتقويتها، ويتمتع راكبها  بالصحة والعافية الدائمة، والنقطة الأهم أنها لا يصدر عنها أي تلوث للبيئة لكونها لا تعمل على الوقود.  ولرغبتنا الشديدة في الحفاظ على جمالية ونظافة البيئة الجامعية والاستغناء عن المركبات الملوثة للبيئة يعني إعادة جزء كبير من الحياة إلى الطبيعة ذات البيئة السليمة والنظيفة.

وما يلفت الانتباه إلى فوائد استخدام الدراجة (والكلام للدكتورة نغم) أنها وسيلة نقل بسيطة، وبأسعار معقولة، ونظيفة، ومستدامة بيئيًا. وتسهم الدراجة في هواء أنظف وتقليل الازدحام وتجعل التعليم والرعاية الصحية والخدمات الاجتماعية الأخرى في متناول السكان الأكثر ضعفاً، ويعد نظام النقل المستدام الذي يعزز النمو الاقتصادي ويحد من أوجه عدم المساواة مع تعزيز مكافحة تغير المناخ أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


طرق للدراجات

وترى الأستاذة المساعدة الدكتورة حنان ياسين وهي الخبيرة بالتغذية والأستاذة بجامعة بغداد: أن استخدام الدراجة الهوائية للنزهة والرياضة ضمن المنطقة والتسوق وقضاء الأمور المنزلية يعد من الأمور المستحسنة كونها لا تحتاج إلى وقود ولا إلى مكان كبير لركنها، كما أنها أرخص من ناحية استخدام بقية أنواع المواصلات، وصديقة للبيئة لا تسبب تلوثاً، لكن -والحق يقال- نحتاج إلى أنظمة مرورية تحمي راكب الدراجة من مزاحمة أصحاب السيارات وتوفير طرق خاصة لراكبي الدراجات الهوائية، إن ثقافة ركوب الدراجة الهوائية وكذلك بث روح الألفة والتعاون ما بين فئات المجتمع عن طريق التوعية بأهمية البيئة الخضراء وكيف تسهم الدراجة الهوائية في المحافظة على سلامة البيئة حيث تعتبر من الرياضات الصديقة للبيئة وكذلك تحسين الصحة العقلية والبداية والنفسية لراكب الدراجة وجعلها مستساغة من قبل بقية فئات المجتمع وخصوصاً المرأة في المجتمع العراقي الذي يعتبر من المجتمعات المغلقة والمحافظة على الأعراف والتقاليد.

وتقول روشان خالد: إن تجربة قيادة الدراجة الهوائية هي تجربة ممتعة وجميلة على الرغم من التعب وصعوبة التنقل لافتقارنا إلى طرق مخصصة لعبور الدراجات الهوائية لكنها توفر لمستخدمها لياقة بدنية إلى جانب ثقة المرأة بنفسها وكذلك تحافظ على البيئة من التلوث لأنها لا تصدر أي مخلفات تضر بالبيئة وكلنا نحفز الشباب ونحث على ركوب الدراجات الهوائية من خلال تكوين شبكة متكاملة من الشباب بالانضمام لفريق نخلة وطن.


حرق الدهون

أما نور الزهراء من مواليد 2008 الطالبة في مدرسة الموسيقى والباليه ببغداد، التي تسمى مدرسة بغداد للموسيقى والفنون التعبيرية حالياً فقالت: أعتز بأن والدتي هي التي شجعتني على قيادة الدراجة كوسيلة نقل وفائدة صحية وأنا قرأت عن فائدة ركوب الدراجة فهي لحرق الدهون بل وتسهم في تقوية العضلات أكثر من المشي.

وقدمت المدرسة المساعدة سعاد محمد جاسم أستاذة في جامعة بغداد كلية الهندسة الخوارزمي مديرة شعبة مكتبة الكلية وعضو لجنة تمكين المرأة في الكلية وتدريسية في قسم هندسة المعلومات والاتصالات: أعمل عضواً في نقابة الأكاديميين العراقيين ومدرباً دولياً في معهد puabi للتنمية والتدريب والتطوير ومسؤول تمكين المرأة في المعهد تم انضمامي لفريق نخلة وطن في عام 2020 وحالياً أشغل منصب نائب في مؤسسة فريق نخلة وطن للدراجات الهوائية، وأنا من المشجعات لاستخدام الدراجة الهوائية كوسيلة نقل بشرط أن يخضع الطريق إلى مراقبة مرورية.

ولم تكتم الإعلامية سهر غالب محمد حبها للدراجة فهي تقول: منذ اتاحة الفرصة لي ومشاهدتي لفريق الدراجات النسوي، شاركت فوراً بجميع الفعاليات لأني أحب ركوب الدراجة من صغري وقررت نشر ثقافة ركوب الدراجة، كونها غير مكلفة وصديقة للبيئة وتكون وسيلة مساعدة لنا. 

وهذه هدى حسين من مواليد 2003 طالبة بكلية الأعمال قسم التسويق في الجامعة الأميركية وموظفة في شركة روتانا، تقول انضممت لفريق نخلة وطن عندما التقيت صدفة بكابتن سعاد في حديقة أبي نؤاس وكنت أتدرب وحدي وأواجه صعوبة كبيرة في ركوب الدراجة لكن عندما انضممت للفريق ساعدتني كابتن سعاد كثيراً ومنحتني الثقة في الاستمرار وتعرفت على باقي أعضاء الفريق من خلال الجولات ورأيت طموحهن وتمسكهن بأحلامهن وكيفية عيش حياتهن بـحرية وقوة وثقة فأدركت حينها أن الدراجة الهوائية لها تأثير نفسي مذهل في النساء.