العراق يخطو نحو التجارة الخارجيَّة

ريبورتاج 2023/06/22
...

 علي غني

طريق التنمية يبدأ من العراق، وطريق الحرير محوره الرئيس هو العراق، وكل دول العالم تتوافد من أجل تقديم خدماتها له الآن، حمل هموم العرب، وواجه أشرس إرهاب عرفه العالم، لكنه لم يهزم، لو عدنا لسابق الزمان لوجدناه الأول في كل شيء، فهل ينجح طريق الحرير بولادة التنمية المستدامة أم تتعسر هذه الولادة (لا سمح الله)، العراق يتجه نحو الهدف الكبير الذي يطلق عليه التنمية المستدامة، فما هي؟ وهل هذا المصطلح جديد؟ ولماذا يتجه العالم لهذه التنمية باصرار؟ فلنتابع الطريق إلى الهدف ومعنا كل أدوات النجاح.

التبادل المعرفي
أجادت الأستاذة الدكتورة نغم حسين نعمة،عميدة كلية اقتصاديات الأعمال/ جامعة النهرين/ بوصف التنمية المستدامة، بأنها الترشيد في توظيف الموارد المتجددة بصورة لا تؤدي إلى تلاشيها أو تدهورها، وهي أيضاً تتضمن الحكمة في استخدام الموارد التي لا تتجدد حتى لا تحرم الأجيال المقبلة من الإفادة منها، وأيضاً تتطلب التنمية المستدامة استهلاك مصادر الطاقة غير المتجددة بمعدل بطيء لضمان انتقال سلس وتدريجي إلى مصادر الطاقة
الجديدة.
وأوضحت نعمة "وبودي أن أكشف لك عن حقائق عديدة منها أن تحقيق هدف التنمية المستدامة يحتاج  إلى احراز تقدم متزامن في أهداف محددة، وهنالك ارتباط وثيق بين هذه الأهداف المتعددة، والاجراءات التي تتخذ في أحدها من شأنها أن تعزز الأخرى، وعليه يمكن حصر متطلبات التنمية المستدامة العامة بالتنمية البشرية في المجتمع، والتنمية الاقتصادية الرشيدة، وسد الاحتياجات البشرية مع ترشيد الاستهلاك، وكذلك حصر الثروات الطبيعية الموجودة وترشيد استخدامها، إلى
جانب الشراكة في العلاقات الخارجية والداخلية (التبادل المعرفي)، والحفاظ على البيئة ورفع مستوى الوعي الخاص بها، فضلاً عن النهوض بالمجتمع وبناء مجتمع قائم على المعرفة، والحكمة في استثمار الموارد".
وتابعت (عميدة كلية اقتصاديات الأعمال): مبادرة الحزام والطريق التي تسمى أيضاً بمبادرة "طريق الحرير الجديد" وطريق الحرير البحري هي ستراتيجية تنموية وتتضمن تطوير البنية التحتية والاستثمارات في 152 دولة ومنظمة دولية في أوروبا وآسيا والشرق الأوسط وأميركا اللاتينية وأفريقيا.
وواصلت حديثها: بأن التعاون الدولي في مثل هذه المبادرات يمكن أن يسهم في تحقيق هدفين رئيسين، أولهما خلق قفزة هائلة في تعبئة الموارد لتنفيذ أهـداف التنمية المستدامة؛ وثانيهما القدرة على وقف
تغير المناخ الجامح، وإن ثلاث فرص مهمة يجب أن يغتنمها العالم، إن العالم سيستفيد أولا من مبادرة الحزام والطريق في
"تسريع الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة"، لأنها تعتمد على تنسيق السياسات بين الدول التي يمر بها الطريق، وتربط المرافق الخدمية التي تنشأ حولها، كما أنها تتيح التجارة دون عوائق، وتدعم التكامل المالي والتبادلات بين الناس، حسب وصفها.
ونوهت (الدكتورة نغم): على العالم أن يستفيد من مبادرة الحزام والطريق للمساعدة في سد فجوات التمويل الكبيرة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، على وجه الخصوص حوالي تريليون دولار لازمة في استثمارات البنية التحتية في البلدان النامية.

خيارات الناس
وبين الأستاذ الدكتور ستار جبار البياتي/ كلية اقتصاديات الأعمال/ جامعة النهرين: أن موضوع التنمية أياً كانت توجهاته اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية فهو عملية لا تحدث بنحو عفوي مثل النمو الاقتصادي، ومعنى هذا أن هناك متطلبات وآليات وستراتيجيات واجراءات وخططاً لتنفيذ هذه التنمية، ففي سنة 1990 صدر أول تقرير للتنمية البشرية المستدامة عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة فظهرت كلمة الاستدامة مضافة إلى التنمية البشرية وإلى التنمية وصارت التنمية المستدامة أكثر استخداماً من التنمية الاقتصادية.
وتابع (البياتي)، وهو العالم باختصاصه: ببسيط العبارة أن التنمية المستدامة هي توسيع خيارات الناس وتحقيق المحافظة على حق الأجيال بالشركات الناضبة ومعنى هذا، قد يكون هناك بلد مثل العراق اقتصاده ريعي أو حتى العديد من البلدان التي تعتمد على القطاع الاستخراجي، قد تكون ثرواتها ناضبة (منتهية)، وربما نتساءل ما ذنب الأجيال التي لا تجد ثروات تحقق لها دخلاً معيناً أو ايرادات معينة لتعيش بكرامة ورفاهية، لهذا الأمر تم الاهتمام بنحو جدي بهذا الموضوع، الآن ربما أحدنا يقول ما علاقة الأمم المتحدة بالموضوع، لكن يمكن أن أضيف معلومة (قد لا يعرفها الكثير)، أن التنمية أصبحت واحدة من الموضوعات المهمة والشائكة التي أقرتها الأمم المتحدة من سنة 1986 على اعتبار أن عقدي الخمسينيات والستينيات اعتبرت عقدين للتنمية، لكنها فشلت (بصراحة) اقتصادياً ولذلك في عام 1986 أصدرت الأمم المتحدة إعلان الحق بالتنمية وقالت إن الفرد من حقه أن يجني ثمار التنمية ومن حق الشعوب أن تحقق التنمية، لكن هذه التنمية لا يمكن تحقيقها إلا بجهد دولي، فدولة بمفردها لا تستطيع تحقيقها، لذلك فإن الاستدامة تعني الاستمرارية بمعنى ينبغي أن تكون التنمية باستمرار، وعلينا أن نفكر بالأجيال المقبلة ونضمن حقها، أما كيف، فإن هناك آليات كثيرة واحدة منها في بعض الدول هي استحداث الصناديق السيادية، فإذا العراق استحدث مثل هذا الصندوق من الممكن تمويله من الفائض النفطي واستثمار هذه الفوائد بالصندوق لتضمن حق الأجيال المقبلة.
والحق يقال: إن التنمية المستدامة تنقذ العراق من حالة الركود، لأن الاقتصاد، وفرص العمل فيها مشكلة، والقطاع الخاص مغيب وإذا أخذنا بنظر الاعتبار تنويع الاقتصاد وتنويع مصادر الدخل.
وكشف البياتي: علاقة طريق الحرير بالتنمية المستدامة  قديمة، لنكن واضحين، يعد العراق من أول الدول التي كان لها دور مؤثر في التجارة الدولية أيام زمان، فلذلك العراق هو جزء أساسي من طريق الحرير سواء تم تنفيذه أم لا، هذا موضوع سياسي، لكن طريق الحرير هو دولي، وبالحقيقة أكثر من مشروع التنمية المستدامة الذي طرحه رئيس الوزراء ربما ذاك يكون موضوعاً محلياً على الرغم من أبعاده الدولية، لكن طريق الحرير طريق مشروع تنمية محقق ومحفز للتنمية المستدامة وعلاقته وطيدة مع التنمية المستدامة على مستوى دولي وهذا يتوافق حقيقة مع توجهات الأمم المتحدة باعتبار أن التنمية لا يمكن تحقيقها إلا بجهود دولية فهذا مهم لأنه سيحدث تغييراً في كل الدول التي سيمر بها.

التدهور الاقتصادي
 قد يكون رأي الخبير الاقتصادي دريد شاكر العنزي فيه الشجاعة التي لا تتوافر عند العديد من المحللين، فمن وجهته الاقتصادية لا يمكن للعراق أن يبدأ بخطط التنمية المستدامة للأسف هذا (الفهم خطأ)، الاقتصاد العراقي يحتاج إلى عدة مراحل حتى يبدأ التنمية المستدامة، فعليه أولا إيقاف التدهور الاقتصادي الحاصل الآن نتيجة التبعيات التي يعاني منها الاقتصاد، وثانياً التفكير بأن أسعار النفط متأرجحة.
والنقطة الأهم (والكلام للأستاذ دريد): أن الاقتصاد العراقي استهلاكي، ويعني الاستيراد من الخارج لعدم وجود الإنتاج وهذا يعني أنه تابع لتغيرات الأسعار بشكل كامل وأي ظرف في المتغيرات الدولية يؤثر فيه، فضلا عن البدء بخطط اقتصادية غير متوازنة يطلق عليها في بعض الأحيان بالترقيعية لعدم وجود قاعدة اقتصادية، يستطيع الاقتصاد الانطلاق منها.
وتابع العنزي: أما موضوع طريق الحرير، فهو عملية بناء متأثرة لا تمت للتخطيط الاقتصادي بصلة ومن الملاحظ أنها تهتم بنحو كبير في الخدمات على وجه العموم، لأن المنشآت الخدمية كافة ستكون لها سوق مستقبلاً.

فكرة أخرى
وأود أن أكشف لك حقيقة لو أن كل دولة من الدول الصناعية السبع استلمت محافظة من المحافظات العراقية وبالإمكان إضافة دول أخرى من مجموعة العشرين تولت المحافظة من النواحي كافة، ومن استخراج النفط واستغلال المواد الأولية، لتحول العراق إلى دولة قوية من كل النواحي، بل نذهب بعيداً (والكلام للعنزي) لو قلت لك إن الدولة العراقية حتى الآن ليس لديها أي تصور كامل عما تريد ولا إعلان عن ذلك، ولا حتى قوانين خاصة متكاملة للتعامل مع هذا الكم الهائل من الدول والمشاريع والخطط لكنها تعتمد على رغبات الدول المشاركة فقط وتطور العملية بالمقارنة.
واستدرك قائلاً: نحن ننظر لعملية اقتصادية متطورة وستتركز على قطاعات إنتاجية ذات مردود مالي للدول المنفذة، وذات مردود تجاري لها حيث تركز على مشاريع ذات إنتاج هي أكثر حاجة إليه حتى من العراق المهم أن يكون هناك تصور من قبل الحكومة أوسع مما يقترحون، ونرى أن يكون مبدأ المشاركة مع الدول المشتركة في هذه العملية كافة، والغريب أو الأغرب أنه ليس هناك أي وزير أو وزارة اتخذت إجراءات داعمة للقطاع العام أو الخاص وبالخصوص التنفيذية الإنتاجية منها، ونؤكد القوانين التي تنظم العملية برمتها.

جدوى اقتصادية
لكن رئيسة لجنة النقل والاتصالات النيابية زهرة البجاري أبدت تفاؤلاً كبيراً بمشروع طريق التنمية، وعدته مشروعاً كبيراً، وإن كانت هنالك توجهات لإحالة الاستثمارات لجهات دون أخرى فإن الأمر ممكن، لأن المشاريع كثيرة ومنها ما هو مخصص للقطاع الخاص ومنها ما مخصص للشركات العالمية، وذهبت بعيداً حين قالت: إن الأمر ممكن لجميع الشركات بالمساهمة في استثمارات كبيرة للمدن، وذلك لأن الطريق يمر في ١٣ محافظة وبكل منها سيكون هنالك تأسيس لمدينة جديدة في تلك المحطات، كما أن للمشروع جدوى اقتصادية كبيرة حيث يمكن للجميع المشاركة والمساهمة به، علماً أن القيمة الإجمالية للمشروع تكون 17 مليار دولار.