وليد خالد الزيدي
يتصف الغاز بصفة خاصة كونه صديقاً للبيئة بسبب انخفاض نسبة انبعاث غازات الاحتباس الحراري حين حرقه أو استخداماته مقارنة بما تتميز بها بقيَّة الثروات كالنفط والفحم وغيرها لكنه يماثلها في استخدامه كوقود لتشغيل المكائن والمحركات والخطوط الإنتاجية التي تعتمد الوقود الأحفوري المستخرج من باطن الأرض بنوعيه الطبيعي الحر والمصاحب لعمليات استخراج النفط بإمكان تحويله إلى ثروة وطاقة منتجة ومفيدة يمكنها تغطية حاجات أخرى.
ومع أنَّ الغاز الحر الذي يخرج بشكل تلقائي من باطن الأرض بوضع يثير الاستغراب لكنه حالة طبيعية ينفذ من خلالها إلى الأعلى من خلال مسامات وشقوق القشرة الأرضية ويخترقها إلى الفضاء فنرى ألسنة اللهب دائمة الاشتعال منذ وقت طويل وسبب عدم انطفاء النار هو التسرّب الدائم للغاز على مدى قرون سحيقة ولم يُعرف ذلك إلا بوقت قريب مدته بين (150ـ 200) عام تقريباً،إذ حلل علماء الجيولوجيا الغاز كمادة هيدروكربونية تحتوي على أنواع متعددة من الغازات أهمها الميثان والإيثان ومواد أخرى ويظهر ذلك واضحاً بمناطق عدة بالعراق كالأنبار وديالى وقرب حقول النفط في كركوك والبصرة وميسان وهو طاقة مهدورة بأغلبها حتى يومنا هذا في بلدنا ودول الشرق الأوسط الغنية بالبترول باستثناء المملكة العربية السعودية التي تعد الدولة الوحيدة في المنطقة التي استثمرت تلك الثروة وهي من أقلّ الدول في العالم حرقاً للغاز المصاحب.
طورت المملكة نظاماً لجمع الغاز المصاحب واستخلاصه ونقله واستخدامه منذ خمسين عاماً بينما هناك دول كثيرة تقوم بحرقه بما في ذلك بلدان متقدمة كالولايات المتحدة الأميركية برغم أنها الدولة الأولى إنتاجاً له بمعية روسيا لذلك لابد من الاستفادة أيضاً من تجربة البلد الشقيق في هذا المجال لتقليل مشكلات انتقال العراق من بلد يهدر غازه وملوث البيئة إلى مركز اقتصادي عالمي يستثمر كامل ثروته الوطنية ومع أنَّ طلائع الاستفادة منه في العراق بدأت تواً لكن على نطاق ضيق فنحن الآن ما زلنا في طور جولات التراخيص لاستثماره بشكل واسع كثروة يمكن تصديرها أو كوقود محلي لإنتاج الطاقة والمحركات فائقة السرعة أو صناعات هيدروكربونية لكنَّ هذا لن يحدث إلا بعد ثلاث سنوات.
التجربة السعودية حالياً في متناول اليد بعد زيارة مساعد وزير الطاقة لشؤون النفط والغاز في المملكة إلى بغداد قبل أيام مع وفد من المستشارين ومن شركة أرامكو لبحث التعاون والشراكة والاستثمار بين العراق والأشقاء في المملكة لتطوير هذا المجال ويأتي استكمالاً لنتائج الزيارات المتبادلة بين البلدين فبالإمكان الإسراع في تحويل المشاريع المشتركة إلى التنفيذ العملي الفعلي من قبل الشركات السعودية للاستثمار والمشاركة في تطوير حقول النفط والغاز والتصفية والبنى التحتية وفي ظل وجود رغبة حقيقية بين البلدين لتحقيق ذلك بشكل فعلي في وقت قريب.