بغداد: غيداء البياتي
الحياة أصبحت قاسية ومملة للشابة دانية 20 عاما، لا سيما بعد انتهاء فترة الامتحانات، وبدء العطلة الصيفية، والسبب يعود إلى الطاقة السلبية التي اكتسبتها من والدها المتقاعد في الشهر الماضي من العام الحالي على ما تقول وتضيف: {كان لدي برنامج ترفيهي أقوم به خلال ايام العطلة أوله إقامة وليمة غداء لصديقات الطفولة، وكنت متفائلة وسعيدة بذلك، إلا أن والدي عكر صفوة ذلك اللقاء بسلبيته، التي ألقى بظلالها على الجميع، فأخذ يصرخ ويتعصب على أتفه الأمور، وأمام الجميع شعرت بخيبة وزعل اضطراني إلى تقديم اعتذاري للحاضرات من الزميلات، وصرت ألتقي بهن خارج المنزل، وهذه التصرفات أكدت لي كل ما قاله علماء النفس والاجتماع على أن تحلي الآباء بالتفاؤل، ووصفهم بالايجابيين يجعل حياة ابنائهم أكثر سعادة واستقرارا}.
طاقة إيجابيَّة
الدكتورة زميله دانية وجارتها المقرّبة نبال الخزاعي أكدت ما قالته الأولى على أن الآباء المتفائلين والايجابيين ينقلون إيجابيتهم لأبنائهم، مشيرة إلى أن الطاقة الايجابية في المنزل تنبع من الابوين، وهذا يساعد الابناء على الازدهار والتطور، وتجعلهم متصالحين مع أنفسهم، بينما المشاعر السلبية تفقدهم الحماس والأمل.
الخزاعي أشارت إلى أن والدها غالبا ما يعطيها الأمل، ويجعلها تبتسم حتى في أسوأ حالاتها هي تقول {وجود والدي في المنزل سعادة وطاقة ايجابية لي ولأخوتي، أما والدتي فهي الأخرى، لا يمكنها أن تشعر بالراحة والأمان، إلا حين عودة أبي من العمل، فهو يداعب أختي الصغيرة، وينصح بكل رفاهية وتفهم أخي الاكبر، وغالبا ما يمتص غضب والدتي والجميع ويحول المواضيع المزعجة إلى نكتة، مبينة أنها لا تحب الخروج من المنزل، ووالدها في اجازة من عمله}.
شخصية متفائلة
أستاذة العلوم التربوية والنفسية في جامعة بغداد الدكتورة ناز بدر خان بيّنت لصفحة {أسرة ومجتمع}: {تفاؤل الآباء مهم جدا لنجاح أولادهم في الحياة العلمية والاجتماعية، لكونه بصورة عامة يشجع الأبناء على وضع الأهداف الصحيحة في حياتهم، خاصة من قبل الآباء، لأن الاولاد ينظرون إليهم على أنهم مثلهم الأعلى، خاصة الأب الذي يكون هو المسؤول عن العائلة، حيث يجب أن يتمثل بالايجابية والعزيمة والتفاؤل، فهذه الامور حتما ستزرع في نفوس الابناء وبالتالي ستنصقل شخصيتهم بطريقة ناجحة منذ الصغر}.
بدر خان أوضحت بالقول إن «عالم النفس سكموند فرويد أكد أن شخصية الابناء تبنى منذ الصغر، أي منذ العام الاول حتى الخمسة أعوام من عمره، هذه المرحلة تعد أساس بناء الشخصية الصحيحة عند الأبناء، فكل تصرف يقوم به الأب سينقل إلى الصغير بطريقة صحيحة، لأن الأبناء يتعلمون من الآباء، لذلك يجب الانتباه إلى طريقة الحديث، بحيث تكون بعيدة عن السوداوية والتشاؤم، فالصغير يقتبس من الكبير ويتعلم منه، فعندما يضحك الاب بوجه صغيره تراه ينقل الضحكة بوجه أبيه، خاصة في الشهور الاولى من عمره، فهو ينظر بتركيز على تعابير الوجه ويبني عليها ردود افعاله اي عندما يرى ضحكة الاب فهو يلتقط الصورة المتفائلة ويرد عليها بتفاؤل وهذه هي البداية الصحيحة».
تستطرد د. ناز حديثها : {الاباء هم اساس زراعة السعادة والتفاؤل عند ابنائهم واذا كان الاباء سلبيين فحتما سيؤثر على نفسية الاطفال وعلى بناء شخصيتهم، فالاهل هم من يتحكمون بشخصية أبنائهم بكل مراحل نموهم، كما أن البيئة لها الدور الاكبر في صقل شخصية أبناء المجتمع الواحد.
فهي تؤثر ايضا حتى على العوامل الوراثية وتجري عليها تعديلات بعض الاحيان، فعلى الابوين والمجتمع تقع مسؤولية جعل الابناء اكثر ايجابية وسهولة في تعاملهم مع امور الحياة، اما السلبية فقد تجعلهم عدوانيين}.
وصفة سحرية
وإن هنالك دراسة جديدة أجْرتها جامعة شيكاغو تقول إن «الوصفة السحرية لتنشئة أطفال ناجحين هي تحلي الآباء بالتفاؤل، مؤكدة أن التشاؤم مُعد ويمكن أن ينتقل من الآباء إلى الأبناء، هذا وقد أكدت الدراسة استنادا إلى استطلاع رأي أجرته صحيفة «وول استريت جورنال» أن 78 بالمئة من الآباء الأميركيين غير واثقين بأن حياة أطفالهم ستكون أفضل من حياتهم».
وخلصت الدراسة إلى أن تفاؤل الآباء يساعد الأطفال على الازدهار والتطور، بينما المشاعر السلبية تفقدهم الحماس والأمل.