نحو نظام مالي عالمي جديد

اقتصادية 2023/08/08
...

ياسر المتولي 



ينشغل العالم هذه الأيام بتسارع وتطورات الأحداث وخصوصاً تحضيرات مجموعة بريكس لعقد مؤتمرها المقرر منتصف الشهر الحالي.

يأتي ذلك وسط تكهنات بإمكانية إقرار عملة البريكس الجديدة كمنافس لعملة الدولار في التعاملات التجارية والاحتياطي النقدي العالمي.

وهنا يدور الجدل حول ما إذا استطاعت مجموعة بريكس انتزاع هيمنة الدولار على التجارة العالمية ومنافسته.

وتضم مجموعة بريكس كلاً من الصين وروسيا والهند والبرازيل والتي تشكلت في العام 2009 وبعد عام أي في العام 2010 انضمت إليها جنوب أفريقيا، وهذا التكتل الاقتصادي مهم كونه يشكل نسبة 44 بالمئة من سكان العالم و30 بالمئة من الإنتاج العالمي ويهدف إلى التخلي عن استخدام الدولار في التبادلات التجارية بعملة موحدة جديدة لتلك الدول.

من الجدير بالذكر أنَّ الدولار هو العملة الوحيدة المتداولة في التبادلات التجارية منذ الحرب العالمية الثانية.

ما الأسباب لهذا التكتل؟

يُجمع أغلب الخبراء والمحليين على أنَّ السياسة المتشددة لأميركا في تعاملها مع الدول وفرضها العقوبات المستمرة دفعت بهذه الدول إلى التفكير والبحث عن وسيلة للتخلص من هذه الهيمنة.

وتشير التقارير المستندة إلى وقائع على الأرض إلى أنَّ هناك 19 دولة، قسم منها أبدت رغبتها بالانضمام إلى هذا التكتل في مقدمتها السعودية ومصر وتركيا وإيران والمكسيك وإندونيسيا ومنها تراقب ومهتمة بالتطورات.

 ومن المنتظر أن تناقش مجموعة بريكس بمؤتمرها الذي سيُعقد خلال هذه الأيام إمكانية فتح قبول طلبات الدول لعضوية هذا التكتل وأسس وإجراءات الانضمام وإصدار عملة موحدة. 

وإذا تم إقرار إصدار عملة بريكس فما تأثير ذلك في هيمنة الدولار؟

لبيان أثر هذه العملة لابد من تتبع أثر عملة اليورو التي أقرتها دول أوروبا في العام 1999 فقد حققت ما نسبته 36 بالمئة من احتياطات العملة العالمية فخفضت حصة الدولار التي كانت تشكل 90 بالمئة من احتياطي العملة العالمية.

وتشير التوقعات إلى أنَّ عملة بريكس ستستحوذ على أكثر من 30 بالمئة من الاحتياطي النقدي العالمي في بداية انطلاقها على حساب الدولار في التعاملات التجارية حول العالم، ولك أن تتصور حجم التأثير في تخفيض دور الدولار في المستقبل وعلى المديين المتوسط والبعيد.

من هنا تتضح الصورة بأنَّ توقعات الخبراء نحو نظام مالي واقتصادي جديد قادمة لا محال وهو مبني على أساس تنويع الاحتياطي النقدي العالمي للحد من هيمنة الدولار وستستمر التساؤلات ويستمر الجدل إلى أن تطلق آليات عمل النظام الجديد.

ما يهمنا هنا أين موقع العراق من هذه التطورات؟

هنا أود أن أشير إلى أنَّ اهتمام تلك الدول بعملاتها المحلية واعتزازها بها شجّعها على الوقوف بوجه سطوة وهيمنة الدولار في التحكم بمصائرها، ورغم أنَّ بريكس سينافس الدولار ويقلل من قيمته في التعاملات التجارية إلا أنها لا تستطيع إزاحته عن المشهد نهائياً ولذلك أسباب متعددة. ويتعين على الحكومة الانتباه إلى هذه التطورات والمتغيرات التي تطرأ على النظام العالمي وضرورة رسم سياسة متوازنة للتعاطي مع توقعات المستقبل ويقيناً أنَّ البنك المركزي العراقي يراقب عن كثب هذه التطورات ويقوم بجمع المعلومات وتحليلها.

وهنا ندعو إلى أهمية العمل على تبني فكرة تنويع الاحتياطي النقدي لأهميته في الحفاظ على مستقبل اقتصاد البلد.