الحرارة وسياسات المناخ

قضايا عربية ودولية 2023/08/10
...

علي حسن الفواز



بدأت أصوات دولية تطالب باتخاذ إجراءات رادعة للسيطرة على تضخم أزمة المناخ، ومواجهة مظاهر "الرعب الساخن" الذي يُهدد العالم، لأن الموجات الحرارية  باتت تشكّل خطورة على نمط العيش، وتُلحق أضرارا كبيرة بالصحة البشرية وبالبيئة الزراعية، فضلا عن حدوث متغيرات مناخية معقدة لها تأثيرها في ارتفاع درجات الحرارة وحدوث أعاصير وفيضانات، وهو ما دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرتش إلى التصريح بأن "حقبة الاحتباس الحراري شارفت على الانتهاء، وبدأ عصر الغليان العالمي، ودرجة الحرارة صارت لا تطاق، ومستوى أرباح الوقود الأحفوري غير معقولة، والعمل المناخي أدنى من المطلوب بكثير". هذا التصريح يكشف عن طبيعة الأخطار التي ترافق المشاكل البيئية والصحية جرّاء تصاعد موجات الحر، وتهديدها بالتعرّض إلى كوارث حرارية خطيرة، مثلما يمثل دعوة إلى عمل حقيقي من قبل الدول والمنظمات الإنسانية على إنقاذ العالم، والتوجه إلى إيجاد بدائل حمائية تدخل في تطوير مجالات الصناعات البديلة، وخفض استعمال الوقود الأحفوري، للسيطرة على تقلبات الطقس، ومواجهة الآثار الكارثية التي تجعل حياة الناس صعبة، ومهددة على الدوام.

واقعية هذه المشكلات تتطلب معالجات جيوسياسية، وتعاونا دوليا وتفعيلا جادا للاتفاقيات الدولية الخاصة بالمناخ، وتوسيع استخدامات الطاقة صديقة البيئة، بما يجعل مفهوم التعاون قريناً بإجراءات اقتصادية تكافلية، وبتخطيط بيئي وصحي يعزز الأهداف الخاصة بمواجهة تحديات الرعب المناخي، وتداعيات كارثة الاحتباس الحراري، لاسيما ما يتعلّق بمعالجة مشكلات الجفاف والتصحّر وشح المياه الصالحة للشرب، وأحسب أن مناطقنا العربية من أكثر الجغرافيات المُعرَّضة لهذه الأخطار، وإلى ارتفاع معدلات درجات الحرارة وانخفاض نسب الأمطار، وتغيّرات فادحة في المناخ. التعويل على التعاون الدولي قد يكون مدخلا فاعلا لصياغة سياسات رادعة، وإلى الالتزام بإجراءات واقعية، لاسيما ما يتعلّق بمقررات مؤتمرات المناخ، والعمل على تشجيع ما يُسمّى بـ"الطاقة الخضراء" لكن مجريات السياسة وطبيعة الصراع الدولي تكشفان عن مواقف وسياسات متناقضة، والتي تدخل في مواقف صعبة عبر ما يجري من حروب ومن زيادة مفرطة في الصناعات التسليحية، فضلا عن الإجراءات الخاصة بمواجهة ازدياد الحاجة إلى الطاقة، وهو ما يدفع كثيرا من الشركات الكبرى إلى عدم الالتزام بالقرارات الدولية، والبحث عن تغذية التنافس عبر زيادة الأرباح والاستخفاف بالمقاربات العلمية والصحية والبيئية التي تخصّ سياسات المناخ والاحتباس الحراري.