دانية الحسيني تكلل طفولتها بحفظ القرآن الكريم

اسرة ومجتمع 2023/08/12
...

  سعاد البياتي 

حملت كلمات المصحف الشريف على ظهر قلب، خلال عام ونصف العام من عمرها الصغير، هي ابنة السادسة التي اتخذت قراراً كبيراً وصعباً على مثل أقرانها، وهو حفظ القرآن الكريم كاملاً، فكانت أهلاً أن تكون اصغر حافظة لكتاب الله، تابعنا تفاصيل قراءتها وحفظها بشكل يومي، وكانت بحق تجيد الآيات وترسم خرائط ذهنية للكلمات لتجيد القراءة والحفظ بشكل صحيح. 

«أسرة ومجتمع» ارتأت أن تكون دانية الحسيني ضيفة في صفحاتها. 

من هي دانية؟

دانية علي الحسيني في ربيعها السابع دخلته مكللة بآيات القرآن الكريم، وهذا ما افتخرت به هي وأسرتها لتسمو بكل ما جاء به، وتعد أصغر قارئة وحافظة، وتحدو نحو مجد الرفعة حينما تتحدث بلغة عربية فصحى، وتجيد كل مخارج الحروف بطريقة مذهلة ونادرة لمن في مثل سنها الصغير، وكانت حقاً تثير الإعجاب لكل من استمع لها.  

تحدثت بصوت طفولي خاشع عن بدايتها القرآنية، وكيف تمكنت من حفظ كتاب الله في هذا العمر بالقول: 

 قبل دخولي إلى المدرسة كنت مولعة بسماع القصص الدينية وقصص الانبياء من والدتي، التي تقرأ لي القصص وتعلمني الحروف والأرقام من خلال الرسم، وكثيرا من الأنشطة المتعلقة بالدين الاسلامي وبالقرآن بحد ذاته، فهو وحسب قولها دستور الحياة ومفاهيم الانسانية، ومع وقت الفراغ بدأت بحفظ قصار السور ثم حفظت خطبة التوحيد بجهود والدتي، كانت تكرر الكلمات وأنا التقطها واحفظها كي لا أنسى بعدها، وتعلمت كيفية الحفظ بطريقة سهلة ومنتظمة، حتى وجدت كتاب الله سمحاً ومتناغماً في ترتيب تفاصيل حياتنا بشكل متناسق ومنظم، ثم توفقت لحفظ الجزء الثلاثين، واشتركت بدورة البراعم التابعة لدار القرآن الكريم فرع بابل.

وتبيّن الحسيني بالقول : «وبعمر الخمس سنوات كانت الانطلاقة الموفقة للحفظ  وأتممته بعمر ست سنوات اذ وفقني الله لذلك واسرني بما انعم الله عليَ، واتخذت عهدا على نفسي أن أكمل الطريق وأبصر نور الهداية بنور القرآن، وما دفعني هو أن في كل حرفا منه حسنة فضلا عن أنه يرفدني بقصص الأمم السابقة والأحكام.


مثابرة واستماع

وعن دور والدتها الكبير اوضحت الحسيني بالقول: 

كانت والدتي ترسم لي خرائط ذهنية للسور القرآنية تسهل لي عملية الحفظ، وبعضها لا نستطيع أن نجد لها خريطة ذهنية، أو رسما نلجأ إلى البحث عن معنى الآيات ونربط بينها، حتى أستطيع حفظها بسهولة، ومراجعتها لكل ماقرأته وحفظته بشكل يومي مما ساعدني على الاجادة في كل حي، وهي من كانت تهيئ لي مكاناً هادئاً وتوفر كل ما احتاجه من سماع للآيات من خلال جلساتها المتواصلة معي وتشجيعها المستمر لمكانة حافظة القرآن وقارئه.

ولا يبدو الحفظ صعباً مع المثابرة والاستماع إلى القراء والحافظين، فأنا أستمع إلى الشيخ محمود الحصري ومحمد صديق المنشاوي، وأكرر الانصات ثم أبدأ بتقليد القراءة حتى أستطيع أن ألفظ بعض المفردات بصورة صحيحة، وهذا مساعدة اخرى في طريقة حفظي وتعليمي اللفظ الصحيح.

مهارات وإجادة

وعن مهارتها الاخرى تقول دانية:

في الحقيقة أنا أحب الرسم وفي تطوير دائم لموهبتي هذه وبدعم عائلتي، كما أحب أن أحفظ كلام أهل البيت (عليهم السلام) فلقد حفظت خطب من نهج البلاغة، والخطبة الفدكية، فضلا عن المهارة التي اكتسبتها من القرآن الكريم، وهي اجادة التحدث باللغة العربية الفصيحة التي اغنتني كثيراً في ان اكون متميزة بين اقراني ودهشة كل من تحدث معي، وهي من نعم الله عز وجل علينا.


دور الأم 

والدة دانية رأينها مسرورة ومغتبطة بما نالت ابنتها من الشرف في حفظ القرآن قائلة:» لمست في ابنتي منذ صغرها حب التعلم، كانت تسأل كثيراً وتحاول أن تتعلم كل شيء، وفي اكثر الاحيان تجلس معي حينما اقرأ القرآن وتستمع ما أتلوه من السور والآيات بشغف وانتباه ألاحظه عليها، وهذا السلوك المفرح دعاني إلى الأخذ بيدها وترتيب اوقاتها للحفظ، وكنت أعلمها الحروف والكلمات وادعوها لترديد الآيات القصيرة، فوجدت  فيها التقبل والاستعداد لذلك، وبدأت مسيرة اخرى من التعلم اكثر نشاطاً وعطاءً، وهذا ما حدا بنا الى تكريس الوقت والاستماع الى القراء والحفاظ المعروفين لتعلم مخارج الحروف والقراءات وغيرها، والحمد لله تمكنت دانية من تكملة مشوارها القرآني بشكل مفرح ومثلج للقلب.