بغداد: غيداء البياتي
للوصول إلى المعدل الذي يؤهلة لتحقيق طموحه بأن يكون طبيبا مميزا ينقذ أرواح الآخرين، قرر أحمد السجاد أن يعيد السنة الدراسية المتمثلة في السادس الإعدادي على ما يقول ويضيف «إن النجاح هو قرار، والوصول إلى تحقيق الطموح عزيمة وإصرار، فعندما فشلت العام الماضي في تحقيق معدل عالٍ يؤهلني لأن ادخل كلية الطب، قررت تأجيل تخرجي في السادس الاعدادي إلى العام الحالي،
فكنت مصرا على أن احقق حلما طال انتظاره 13 عاما وتمكنت من الحصول على معدل 99.34%، متحديا الظروف المعاشية الصعبة، فكنت أعمل وأدرس في الوقت ذاته لأوفر تكاليف الملازم ومعهد التقوية، فطموحي أمامي، وإيماني بقول الله تعالى « إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا « جعلاني أتحدى ظروفا قاسية تمثلت في حرماني من جهاز ذكي حديث، يجعلني أتابع دروسي عبر أساتذة مختصين بجميع المواد الدراسية يقومون بفتح بث مباشر عبر برنامج «اليوتيوب»، فضلا عن سكني مع أخوتي الأربعة في غرفة رطبة صغيرة داخل منزل جدي.
أحمدالسجاد اكد خلال حديثه لصفحة الـ{أسرة ومجتمع» إن «الإصرار على النجاح والوصول إلى تحقيق الحلم لن تقيده قساوة الحياة وضنك العيش»، فأحمد كان يقرأ خلال فترة الفتور التي تمر على موقع عمله داخل صالة أحد المطاعم في بغداد، من دون وجود زبائن، اما في ايام الدراسة فهو يركز بدروسه خلال المحاضرات صباحا ويكد ويعمل ليلا، مؤمننا بمقولة «من جد وجد ومن زرع حصد».
قوة الذات
يبقى النجاح لا سيما في المرحلة الدراسية الأخيرة والمصيرية، المتمثلة بمرحلة السادس الاعدادي أو المهني، والتي تجسد جهود 12 عاما وتحسم مستقبل الطالب مميزا وذا طعم مختلف، ففرحة التخرج من هذه المرحلة من أجمل ما يمكن للفرد أن يشعر بها، فتبتهج النفس وينشرح الصدر بعد رؤية ثمار التعب لسنوات، هذا ما بدأت به حديثها المدرسة في اعدادية العامرية ثناء السامرائي، وتضيف مسترسلة كلامها:» إن النجاح بتفوق من مرحلة السادس الاعدادي «البكالوريا» يعني التكلم عن أسرار قوة الذات في تحقيق الحلم المنشود للطالب متحديا كل ما يحيطه من ظروف بعيدا كل البعد عن نظرية الفقر والعوز التي يجعلها المحبطون شماعة يعلقون عليها فشلهم في الوصول إلى تحقيق ذاتهم، فهنالك الكثير من الطلبة تفوقوا وحصلوا على معدلات عالية، يسكنون بيوتا من طين، ويعانون من الحر في الصيف والبرد شتاءً، فضلا عن ضنك العيش وانعدام ابسط وسائل الترفيه، التي يمتلكها غيرهم ممن اخفقوا في النجاح والعبور من هذه المرحلة المصيرية.
وسائل التواصل الاجتماعي وبعض القنوات الفضائية اكدت ما قالته المدرسة ثناء والطالب احمدالسجاد وغيرهما ممن التقتهم «الاسرة والمجتمع»، ولم يتم ذكرهم لعدم كفاية مساحة الموضوع، فهذا الطالب سيف الدين سعد من محافظة ذي قار يحقق حلمه في الدخول إلى كلية الصيدلة بعد حصوله على معدل 89.29 % مذلل لنفسه كل صعوبات المرض والعجز، فقد قال من خلال لقائه إحدى القنوات الفضائية: «الايمان بالله تعالى هو أول خطواتي للنجاح، ومن ثم مساعدة اهلي ودعمهم وتشجيعهم المستمر لي هو ما دفعني لتحقيق التفوق، كنت أحلم أن أكون مهندسا مدنيا قبل ان افكر جديا بالصيدلة، حيث ابحث عن علاج يرفعني من الكرسي، والآن صرت أطمح بأن اعالج من هم مثلي، وبعيدا عن الأمور المادية والترف، فالامر لم يكن هينا، لكن الله منحني الايمان ووالديَّ وفرا كل وقتهما لي فضلا عن أصدقائي.
بعيدا عن الرفاهية
والد سيف تحدث عن صعوبات كثيرة واجهت ابنه خلال الامتحانات منها أوراق سيف الطبية التي تفيد بعدم قدرته على الكتابة، ويعرضها على اللجان الطبية، طالبا منهم مشاركة سيف في الامتحانات عن طريق قيام استاذ بكتابة الاجابات عن ولده في دفتر الامتحان، على أن يكون مدرسا لمنهج اخر غير الذي يمتحنه، فضلا عن وقوف مراقبين على سيف والمدرس الذي يكتب نيابة عنه، مشرا إلى أنه لم يرسب سنة واحدة ولم يؤجل امتحانا، وانه يدرس بذكاء ولم يتعود على دلال ورفاهية ودرس على بساطة المنزل والشارع والمدرسة.
طالب السادس الاعدادي حسين كريم هوالاخر تحدى أصعب ظروف حياته واجتاج الامتحانات النهائية بتفوق وحصل على معدل 98% ، على الرغم من وفاة والده وعمه خلال ايام الامتحانات، والذي زاره مدير عام تربية ذي قار، وقدم له التهاني بعد أن زف له خبر نجاحه بتفوق، فكان مثالا للطالب المجتهد الطموح، والذي عدّه أغلب اساتذته علامة مضيئة ومشرقة على ما اكدوه خلال موقع التواصل الاجتماعي «الانستغرام».