أعمالٌ فنيَّة وأفكارٌ زاهية بالتطريز

اسرة ومجتمع 2023/08/26
...

  سرور العلي 

بالفن خلقت مها محمد الحاصلة على بكالوريوس علوم الحياة في جامعة بغداد، عالماً خاص بها إذ تجد نفسها به بعيدة عن الصخب، حيث تعيش لحظات من الهدوء والمتعة، والانغماس بالألوان والخيوط، وإبداعها بأعمالٍ فنية من خلال التطريز، فتبدو الزهور الملونة بلوحاتها نابضة بالحياة، ويمكنك الشعور بعبق فصل الربيع هناك.


بدايات

ولفتت إلى أن مهارتها في فن التطريز ظهرت حديثاً، مقارنة بموهبتها الأساسية في الرسم، وبدأ الأمر حين رغبت بتجربة شيء جديد من باب التسلية، والقضاء على الملل، ومن خلال مواقع التواصل الاجتماعي، لاحظت إقبال الناس على فن التطريز بشكل لوحات تكتب عليها اسماؤهم، أو توثّق فيها تواريخ مهمة بالنسبة لهم، وتكتب عليها اقتباساتهم المفضلة، لتعلق على جدران منازلهم، فتزيدها أناقة وجمالية، وجاءتها الفكرة برسم لوحات عالمية مشهورة، ومعروفة لدى الجميع على القماش، ومن ثم تطريزها بالخيوط، وترتيبها لتكون جاهزة على أن تعلق على جدران غرفتها، فقامت باختيار لوحة زهرة الخشخاش للفنان فان جوخ، وفعلاً نجحت بالأمر، وكانت في غاية الجمال، ثم قامت بتطريز لوحة ليلة النجوم، وكذلك غرفة فان كوخ، ومن هنا كانت البداية.


 تذوق فني 

وأشارت إلى أن الغاية الأولى للفن بالنسبة لها هي تذوق الجمالية، والبحث عنها في أي عمل معروض أمامها، وأن يعبر الفنان عن نفسه، وجمال ما في داخله عن طريق الألوان، وجعل الآخرين يلتمسون ذلك، من خلال مشاهدة ما تعرض لهم من دون النطق بحرف واحد.

وبشأن سؤالنا لها عن تفاصيل لوحاتها بالتطريز أجابت:

«لوحات التطريز أصبحت من مفضلاتي، فأنا لدي أعمالٌ زيتية، واكريلك، ومائية، وأحببت تجربة كل شيء، وتدريب نفسي على عدة اساليب، لأجد ما ممتع لي، ولوحاتي في التطريز من خامات قماش متنوعة، أقوم باختيارها حسب الموضوع، الذي أعمل عليه، فأحيانا استخدم قماشا قطنيا، وأحيانا قماش الكتان، والجوخ، وحتى التول، وتقريباً كل شيء أمامي أستطيع أن أجعل منه لوحة تطريز، فأقوم بترتيبه على القصناع، كذلك توجد منه عدة أنواع، المصنوع من الخشب، والبلاستيك، وبأحجام مختلفة، لكنني شخصياً أفضل قصناع الجلد، فهو يضيف جمالية أنيقة للوحة، وكذلك الخيوط التي استخدمها متنوعة، وهي خيوط خاصة بالتطريز من الصوف تستخدم بالحياكة، كما أستطيع صنع منها لوحات رائعة، واستخدم الخرز والنمنم أحيانا، ثم أقوم برسم اللوحة أو الفكرة التي أرغب بتطريزها على قطعة القماش». 


صعوبات 

وأكدت مها أن كأي بداية لفنان تنقصه الخبرة، وكانت لا تعرف كيف تختار المواد الأولية ذات الجودة العالية، التي تحافظ على العمل وجماليته، كنوع خامة القماش الأفضل للتطريز، ونوعية الخيوط ذات الألوان الثابتة، والتي لا تتشابك، وقامت بتجربة عدة أنواع، وتميز من هي الأفضل، والتي تناسب أعمالها، وبمرور الوقت تمكنت من التغلب على تلك التحديات بتطوير مهاراتها.

وتابعت حديثها «يستغرق العمل الواحد بحسب تفاصيل العمل، لا سيما أن لوحات التطريز متعبة، فأنا اقوم باستخدام يدي والأبرة فقط، وتحتاج إلى وقت وجهد، حتى لو كانت اللوحة صغيرة الحجم، فهناك لوحات استطعت إنجازها بأسبوعين، وهناك ما بقيت أعمل بها شهرا أو أكثر، ولا أستطيع العمل على اللوحة بشكل مستمر، ولساعات طويلة، فهذا يسبب لي الألم في الرقبة، وكذلك العين، لهذا أحاول كثيرا أخذ قسط من الراحة، لكي لا اسبب لنفسي مشكلات صحية مستقبلية».

وأوضحت أن لأسرتها دورا كبيرا، بتقديم لها جميع الدعم الذي تحتاجه، وكذلك أصدقاؤها، وأن أدوات التطريز أول ما بدأت بتلك الهواية قامت والدتها بشرائها لها، كما تقوم بنشر أعمالها على حسابها الخاص في منصات التواصل الذي يحمل عنوان «نجمة».


مشاركات 

شاركت مها بمهرجان إقامته إحدى الكليات الأهلية، وعرضت فيه أعمالها هناك، ولاقت الكثير من كلمات الإعجاب على لوحاتها، وسؤالهم لها عن كيفية عملها، وهناك من قاموا بشرائها من قبل أساتذة الجامعة، كما شاركت ببازار للأعمال اليدوية نظمته إحدى منظمات المجتمع المدني، إذ يتم أخذ العائد من المشتريات كدعم للمنظمة.

وختمت مها حديثها بالقول:

«أتمنى أن يكون هناك دعم أكبر للمواهب الشبابية، من قبل الجهات المعنية، والمساعدة في تطوير وصقل تلك الطاقات، فالفن بجميع أصنافه هو واجهة مهمة، لتتعرف علينا المجتمعات الأخرى، ومن خلاله نستطيع إيصال أفكارنا وثقافتنا، ودعمنا للسلام والإنسانية».