مختبر الحياة

اسرة ومجتمع 2023/09/16
...

سعاد البياتي

تقول الأم تيريزا (في هذه الحياة لا يمكن أن نقوم بأشياء عظيمة، بل يمكن فقط أن نقوم بالأشياء الصغيرة ولكن بحب كبير).
هذه المقولة ربما جسدت مدى التعلق بالحياة وفهمها بطريقة أكثر بساطة وحب، حتى وإن لم نمتلك القدرة على صناعة الأشياء العظيمة، فمن منطلق الرؤية التي تدفعنا للوصول إلى أهدافنا بشكل واع وسليم، وفي سياقات مختلفة واختبارات قاسية وحانية نتعلم الدروس المجانية التي تسير فيها سفينة الحياة، فهي سنن الوجود للمخلوقات والموجودات كافة.
مرت بي قصة امرأة مطلقة ولديها طفل صغير ولاتمتلك اية شهادة علمية، قررت الانتحار حينما لم تجد من يعينها على معيشتها وابنها، لكن القدر أراد لها حياة أخرى أكثر هدوءاً وراحة، حينما اسعفها تفكيرها في العمل مع مشغل نسائي لاعداد المعجنات بفكرة احدى صديقاتها، وبدأت بالعمل ومع استمرارها شعرت بالراحة النفسية وأن الحياة تستحق العيش حتى وان كانت بسيطة!
ففي عدد الاعوام التي تمر في حياتنا قصص وحكايات مجتمعية تحمل بين طياتها تحاليل لذلك المختبر الهائل من القضايا والسلوكيات التي تمنحنا في احيان كثيرة مزيداً من القوة والوضوح، فليس كل ما يمر بنا جميلاً ومتوازناً، فلا الفرح يدوم ولا الحزن يدوم، فتقلبات الزمن تجعلنا أكثر استيعاباً لمعنى الحياة بكل تفاصيلها الماضية والمستقبلية.
 العديد من الاحيان يعيش الفرد أزمات ومشكلات متوالية، في العمل، أو في البيت، وحتى في الشارع حينما تواجهه مشكلة ما تبعده عن التصرف بشكل عقلاني، لذلك ومن أجل تبسيط الأمور يكون التعلم ومواجهة الصعاب ركنين أساسيين لمناعة نفسية لمنع الوقوع في شباك الصدمة، فنجد الفرق واضحا بين أناس يقعون في المشكلة نفسها، ولكن طريقة تعاملهم معها تختلف، فهناك من يتجاوزها بسهولة وإيجابية ويتعلم الدرس، بينما البعض الآخر تؤثر فيه، فتمتد المشكلات إلى جوانب أخرى من حياته، يتعلق الأمر بكيفية التعامل مع الحياة، وكيفية استقبال حوادث الدهر وتقلباته دون المساس بنوع مهم فينا وهي اخلاقياتنا وسلوكنا المتزن، في الحوار والتقبل، لأن حياتنا تستحق أن نعيشها بهدوء وراحة بال بعد سنوات من التعب والارهاق والتفكير بالعيش الآمن المستقر، فهنيئاً لمن أدرك قيمة حياته وأحياها ببساطة متمتعاً بجمال الوجود.