سرور العلي
تعمل سوزان عبوش في مجال التطريز اليدوي التراثي لمناطق سهل نينوى، وتسعى عبر ما تنتجه من أعمال تراثية الحفاظ على هذا الإرث، الذي توارثناه من أجدادنا، وتقوم بتعليم هذه الحرفة للنساء، خوفاً عليها من الاندثار.
تحديات
وخلال فترة التهجير القسري عانت كغيرها من الأسر المهجرة، من مستوى معيشي متدني، نتيجة لفقدان أسرتها مصدر رزقها، فقررت أن تتحدى هذه الظروف القاهرة، لتختار مهنة تطريز الأزياء التراثية، ذلك العمل الذي هو بحاجة إلى خبرة وجهد ودقة، متجاوزة التحديات بإصرار وعزيمة، كما استطاعت تطوير إمكانياتها وقدراتها، بالإطلاع على خبرات الآخرين في هذا المجال، والتعرف على أسرار المهنة، لتنجح بجذب السياح الأجانب لمشغولاتها، كفرنسا، وألمانيا، ومصر، وأشارت إلى أنها اعجبت بتلك الحرفة كون التطريز فنا ينبض بالحياة، ويشكل عالماً خاصاً بها، وتضع باستمرار بصمتها على القطعة المطرزة بحرفية عالية، ومن هذه القطع تسمى بالشاروجا، وهو ثوب ترتديه النساء المسيحيات في شمال العراق خلال مناسبات الاعياد والاحتفالات، وتستحضر عدة رموز تراثية، ودمجها مع تصاميم معاصرة، كإحدى القطع طرزت عليها بعض الكلمات في اللغة السريانية، وتشير في العربية إلى «الخوف من الله»، والإيمان المسيحي، وهي من العبارات التي تعود للعهد القديم.
مؤكدة «ترمز معظم العبارات إلى تاريخ وحضارة كل بلدة من بلدات سهل نينوى، بما فيها من أعمال حرفية قديمة، أو كنائس أو طبيعة من الحيوانات والورود والأشجار، تجعل تلك القطع المطرزة تحكي كل منها حكاية من حكايات أجدادنا وأهلنا عبر الأجيال، ومن خلال بيع القطع أقوم بتوفر مصدر للرزق.
طموح
لافتة إلى أن عملها يحتاج إلى إمكانيات، كتوفر مكائن الخياطة والتيار الكهربائي، بالإضافة إلى المكان المناسب لمزوالة المهنة، وتطمح لتطوير عملها، عن طريق فتح مشغل يدوي متكامل، يشمل الحياكة، والخياطة، والتطريز التراثي، ليساعد أكبر قدر ممكن من النساء اللواتي يسعين لمثل هذه الأعمال، وتقوم برسم القطع قبل تطريزها، لتصبح جاهزة التطريز للنساء اللواتي يتعلمن هذه الحرفة، وكونهن يجدن صعوبة في رسم هذه القطع في بداية العمل، فتقوم عبوش بتعليمهن والإشراف على تدريبهن، وفي فترة جائحة كورونا قامت بتدريب الفتيات على تعلم تطريز تلك الثياب التراثية، بإعطاء دورات أونلاين على شبكة الإنترنت، ونجح معظمهن، ومنحتهن شهادات تقديرية على ذلك.
دعم
وتبين»في بداية عملي لم يقف أحد بجانبي، ولم أحصل على الدعم مطلقاً، وكانت بالنسبة لي مجازفة في ذلك الوقت، لا سيما أن ظروفي كانت قاسية جداً، ثم بدأ زوجي وأبنائي بتشجيعي على مواصلة العمل، ما أعطاني الحافز على إبداع المزيد من الأعمال، وأرغب بإيصال رسالة بأن المرأة لا تستهين أبداً بقدراتها، فهي تتحدى كل الصعاب من أجل أسرتها أولاً، ونفسها ثانياً، وأن ثقتها بنفسها لا حدود لها ولا تيأس أبداً، كما اتمنى الحصول على دعم، لفتح مشغل خاص لأعمالي، وأيضاً لتعليم النساء هذه المهنة العريقة.
معارض
عرضت أعمال عبوش في عدة معارض فنية، ومنها في أربيل والموصل وبغداد، كما طرزت قطعا متعددة لعدة متاحف، ومنها متحف في فرنسا، وأستراليا، وهولندا، وشاركت في مهرجان تابع لجامعة الموصل، وينبهر الآخرون بأعمالها لجمالها ودقتها، ولأن وراء كل قطعة حكاية، كما أن هناك امرأة هولندية اعجبت بأعمال عبوش فطلبت منها تجهيز زي قراقوش كامل لها، وتم عرضه في متحف بهولندا، وتأثرت بزيارة البابا فرنسيس الأخيرة إلى بلدتها قراقوش، وأعدت عشرات الثياب التراثية لتلك المناسبة، كما قامت بصنع العديد من أقنعة الوجه، لحماية الناس أثناء انتشار جائحة كورونا.