وداعُ الصيف.. بدايةٌ أم نهايةٌ لنشاطات الشباب؟
عواطف مدلول
يقول والتر كرايسلر، رجل الأعمال الأميركي الرائد في صناعة السيارات: ( السر الحقيقي للنجاح هو الحماس المستمر)، لكن تلك النصيحة، قد تكون ناقصةً لأنها لا تطابق أرض الواقع أحيانا، فالحماس ربما يتوقف إن لم يكن مدعوما بعدة عوامل، تسهم في خلق ظروفٍ مناسبةٍ للنشاط الدائم، والذي يختلف بالتأكيد بحسب فصول السنة وطقوسها المتباينة.
هواية وعمل
بدأ الصيف خلال هذه الايام استعداده للرحيل، ليفتح المجال أمام كثيرٍ من الشباب لممارسة هواياتهم وتطوير مهاراتهم، وأداء كثيرٍ من المهن والأعمال، بعد أن شكّل عائقًا لعددٍ كبيرٍ منهم في تحقيق ذلك، وعلى العكس فإن هناك عددًا آخر يعلن انسحابه من تلك المهام، والتفرغ لأخذ إجازةٍ وقتيَّةٍ تستمر لغاية عودة موسم الحر مجددًا العام المقبل، لأنهم يعتمدون عليه في وضع وتنفيذ خططهم خلال السنة.
الطالبة الجامعية نورس محمد، التي تحرص خلال العطلة الصيفيَّة على مساعدة والدتها بانجاز خياطة الملابس والأزياء للنسوة بالحي الذي تسكن فيه، لا سيما أنّها لا تمتلك حاليًا هوايةً أخرى تعشقها وتعود عليها بالفائدة، اذ تطمح أن تصبح مصدر رزقٍ لها لحين انتهاء دراستها، وحصولها على وظيفةٍ مناسبةٍ لوضعها الاجتماعي، وبالمجال الذي تتمنى العمل به، ترى أن الصيف أكثر المواسم التي تحبّها وتستبشر بها خيرا، وذلك لإقبال الزبونات على خياطة الملابس، خصوصًا السيدات والبنات اللواتي لديهن شغفٌ كبيرٌ بالبحث عن موديلاتٍ مختلفةٍ ومتميزة، ليس كما هو شائعٌ ومعروضٌ بالسوق، إلّا أن عملها هذا يُصاب بفترة كسادٍ عندما يحلُّ الشتاء، ويضحى الخيار الأكثر للملابس الثقيلة، التي تضج بها المولات، إضافةً إلى أن هذا الفصل قصيرٌ ولا يتطلب موديلاتٍ كثيرة.
الفصل المفضل
تقاسمها الرأي نور عادل ناشطةٌ ومدرسةٌ للمرحلة المتوسطة، باعتبارها من عشّاق الصيف، وكثيرا ما تواجه انتقاداتٍ من قبل صديقاتها حول ذلك الموضوع، حيث تشير إلى أنّه فصلها المفضل، فهي تجد أن النشاطات تكون فيه أوسع لأن ساعات نهاره طويلة، كما أن الشمس تساعد على إقامة كثيرٍ من الفعاليات وتبعث البهجة فيها.
موضحةً بأنها غالبًا ما تختم أيامه وشهوره بسفراتٍ ترفيهيَّةٍ للأماكن الطبيعية، وتضيف: يظنُّ البعض ويتوقع بأنني أبالغ أو أحاول أجذب الانتباه عندما أعلن ارتياحي للصيف، فهم يجهلون حقيقةً أني سريعة المرض بالشتاء لدرجة عدم مقدرتي الخروج من البيت، وعادة ما ارتدي ملابس كثيرة وثقيلة فيه، بحيث حركتي تكون صعبة، كما أعاني من حساسيَّة من البرد، تجعلني أصاب بنوبة عطاس تسبب لي إحراجًا أكثر من الألم نفسه.
جولات موسميَّة
اما منتظر قصي أحمد الطالب في معهد السياحة والفندقة، يجد أن العمل في الشتاء بالنسبة للشباب بالطبع هو الأمر الأحسن، إذ انه يعطي طاقةً ايجابيَّةً محفزةً للشخص يدفعه لمزيد من المثابرة والتواصل، بعكس أجواء الحر والشمس بالصيف، التي لا يمكن أن تطاق، بحيث حتى المزاج يسيء والنفسيَّة لا تتقبل القيام بأي جهد.
مضيفا: لكن ذلك لا ينطبق على الجميع، فهناك من يمارس مهنته ولا يتخلى عنها، لأنها تنشط خلال الصيف، مثلًا بمجال السياحة، كالمرشد السياحي أو سائق الباص السياحي، فهم يتوجهون مع السفرات العائليَّة وكذلك الشبابيَّة لمحافظات شمال العراق، لأنها تحتوي على شلالاتٍ ومصايفَ تستقطب الناس الذين يهربون إليها بعيدًا عن حر الجو.اما بخصوص الهوايات بصورة عامة تقلُّ بنسبةٍ عاليَّةٍ، وبالذات الرياضيَّة منها، سواء ألعاب كرة القدم أو الطائرة أو ركوب الدراجة الهوائيَّة، شخصيًّا كراكب دراجة هوائية، ومن هواتها، أستمتع جدًا بالشتاء وأنا أتجول براحتي فيها من دون تأثير الشمس الحارة، والحالة الأجمل عند الخروج بالمطر، فذلك شعورٌ منعشٌ يبعث راحةً نفسيَّةً وإحساسًا رائعًا غير طبيعي لا يمكن أن يوصف.
ذاكرًا مشاركته قبل عدة أشهر بجولة جماعيَّة لآثار بابل بالحلة، وقد نال مع رفاقه من الأذى الكثير بسبب ارتفاع درجات الحرارة، مقارنًا: في حين جولاتنا بالشتاء يسهلَّ علينا، حتى قطع مسافاتٍ بعيدةٍ دون الشعور بالتعب والملل.
أوقات المساء
من جهته يبين الرسام صلاح ارجوان أن الصيف يعرقل أغلب النشاطات جرّاء الشمس الحارقة، وهو المانع الأول والرئيس لتنظيمها، ولذلك تؤجل بعضها أو تتوقف خلال النهار، ويتمُّ تفعيلها بأوقات المساء ولساعاتٍ محدودة فقط، مثل جولات الدراجات الهوائيَّة التي أثبت حضورًا فيها.
إضافة إلى التخييمات الفلكيَّة التي يحرص على المشاركة بها موضحا: قبل أشهر عملنا ثلاثة تخييمات بأجواء حارةٍ وبمناطق صحراويَّة، وقد تضررنا لدرجة الانزعاج، لكن التخييم ليس نحن من نحدد وقتًا معينًا له، إنما حركة الكواكب والنجوم، هيَّ التي تفرض
موعده.
لافتًا إلى أن السباحة هي الرياضة الوحيدة التي يميل إليها معظم الشباب، لأنها تمنحهم إلى جانب الاستجمام نوعًا من السكينة والارتياح، مختتمًا بالاشارة إلى الرحلات الآثارية، لكونه من الشخصيات التي تهتم بزيارة الأماكن الحضارية، من أجل توثيقها وإبرازها كي لا تتعرض للاندثار والنسيان، حيث إن ارتيادها بالصيف فيه معاناةٌ يصعب تحمّلها، لذلك فإن برنامج الذهاب اليها يُعاود المباشرة به مرةً أخرى، مع تغير الطقس تدريجيًا خلال هذه الأيام، التي أخذت تختفي بعض ملامح الصيف فيها
نوعا ما.