بغداد : غيداء البياتي
أضاء إسماعيل الابن الأكبر للحاج حقي النعيمي بالمصابيح الملوّنة فضاء فرع سكناه في منطقة الأعظميَّة، بعد أن حاوطه بالنشرات البرّاقة والخضراء التي تحمل عبارة «محمد قدوتنا»، استعدادا لاستقبال ضيوف الرحمن للاحتفال بذكرى مولد فخر الكائنات رسول الله محمد (ص) على ما قال وأضاف:» إن والدي يأمرني منذ اليوم الأول من شهر ربيع الأول في كل عام أن أزيّن شارع المنطقة وأمام باب المنزل بعد تنظيفه، وهي من العادات والتقاليد الجميلة التي اكتسبتها من والدي، ومن المؤكد سأبذل جهدي في الحفاظ عليها وجعلها متوارثةً عبر الأولاد والأحفاد».
تنظيمٌ مسبق
والد إسماعيل الحاج حقي «82» عاماً تداخل الحديث معه مستذكرًا أيام زمان في الاستعداد لاستقبال هذه المناسبة الدينية، حيث قال مبتسما:» كان تنظيم الاحتفال بالمولد الشريف يأخذ نمطًا مختلفًا متمثلًا بتوجيه الدعوات إلى كبار المسؤولين في الدولة، وإلى وجهاء المجتمع من الأكابر ورجال الصحافة، وقبلها كان هنالك إعدادٌ مسبقٌ لمنهاجٍ خطابي، فضلا عن تلاوة المناقب النبويَّة الشريفة والموشحات الدينيَّة بأصوات كبار قرّاء المقام العراقي وفي جميع أرجاء منطقة الأعظميَّة، وقد بلغت الاستعدادات للاحتفاء بالمناسبة أوج انتظامها، ومنذ ذلك الوقت والصحف تكتب وقناة التلفزيون تنقل أحداث الاستعدادات والاحتفالات بمولد سيد البشرية (ص)، ويضيف مسترسلًا حديثه، سابقا كانت تقام مآدب كبيرة ومتنوعة في جامع الإمام أبي حنيفة النعمان «رض» وجميع مساجد الأعظميَّة بالاضافة إلى حلقات المدائح والإذكار النبويَّة، لا سيما بعد صلاة المغرب حتى حلول العشاء وفي ليلة الاحتفال بذكرى ولادة نبينا الكريم (ص) تبقى هذه المناقب والمآدب مفتوحة حتى الصباح الباكر لاستقبال الزوار المحتفلين من جميع أرجاء العراق، وهناك عادةٌ مميزةٌ خلال يوم المولد وما زالت قائمة حتى الآن، وهي عرض بضع شعراتٍ للرسول الكريم محمد (ص) فهي لا تزال محفوظة منذ العهد العثماني في مسجد الإمام الأعظم، وأنها لا تعرض إلا في يوم المولد وليلة القدر فقط».
منافسة الاستعدادات
أم محمد التي تسكن شارع رأس الحواش في الأعظميَّة منذ 21 عاما اعتادت على أن تتميز عن جارتها أم شهب، التي تنافسها في تزيين واجهة منزلها وفي صينية الشموع والياس التي تتوسطها الحلويات يوميا فهي تقول:» أستعد قبل اسبوع على الأقل لاستقبال زوار المنطقة المحتفلين بمولد نبينا محمد (ص)، وذلك بوضع نشرات الزينة على واجهة المنزل، واشتري لأولادي ملابس جديدة خاصة بالمناسبة، وكل ليلة حين الغروب أوقد الشموع والبخور لغاية ليلة الميلاد، كما أعمل صينية خاصة للرسول اضع فيها كل البياضات من الحلوى والشموع والكرزات بأنواعها، وحين ليلة الاحتفال، أما اذهب بها إلى جامع أبي حنيفة، فأنثر ماء الورد على المحتفلين أو أضعها أمام باب المنزل بمشاركة الجيران».
«محمد قدوتنا»
مظاهر الفرح والبهجة في الاستعداد للاحتفاء بذكرى ولادة رسول الله (ص) بمنطقة الأعظميَّة مختلفة أجملها الحُلة التي تكتسيها من أضواءٍ ملوّنةٍ ونشرات بيضاء وخضراء تحمل عنوان «محمد قدوتنا» تتزين بها شوارع هذه المنطقة ومن جميع مداخلها، اما الأجمل فهي المناقب النبوية التي تقام في الجامع الاعظم بكل ليلة غروب حتى المساء منذ اليوم الأول لشهر ربيع الأول ولغاية الثاني عشر منه حيث الاحتفالية بتلك المناسبة هذا ما اكده د. طالب السوداني الاستاذ في جامعة بغداد وأضاف:» خلال السير بين درابين الأعظميَّة رأيت الاطفال الفرحين، وهم يرتدون الدشاديش البيضاء والصغيرات يتزين بكلابياتهن يوزعون الزردة بالحليب والعصائر بين جيران المحلة لايفاء نذور الأمهات يرددون بين الفينة والأخرى قصيدة «طلع البدر علينا من ثنيات الوداع» وهم يقرعون بأصابعهم الناعمة طبولهم الصغيرة.
عضو المجمع الفقهي العراقي والهيأة العليا والتدريسي في كلية الإمام الأعظم د. عبد الكريم الخزرجي قال لـ»الاسرة والمجتمع»:» إن المجمع والجامع الاعظم وديوان الوقف السني يطلقون في كل عام شعارًا خاصًا بالاحتفال بتلك المناسبة يهتم بإحدى القيم العليا؛ هذا العام كان « محمد قدوتنا منهج وهوية» اما الاستعدادات فهي متنوعة منها نصب مسرح بالقرب من المقبرة الملكية واقامة احتفال مركزي داخل أروقة جامع أبي حنيفة النعمان، يتم بالتعاون بين المجمع الفقهي ورئاسة ديوان الوقف السني، وسيشهد حضورا كبيرا من رموز الدولة منهم شخصيات دينية وسياسية، فضلا عن الاحتفالات الشعبية لعموم الناس وسيكون جماهيرا عفويا».
وأوضح الخزرجي :» انه سيتم التنسيق بين ادارة المسجد والأجهزة الأمنية المختلفة للحفاظ على أمن المنطقة والناس، كما سيكون للمؤسسات الشرعية والإدارية في الأعظميَّة دورٌ كبيرٌ بالتعاون المشترك من اجل نجاح الاحتفاليَّة المقدّسة من خلال عقد اجتماعات مسبقة في المجمع العراقي ليأخذ كلا منهم دوره في الحفاظ على جمالية يوم الاحتفاء، ولا تخلو الاجتماعات من وجود دور الناشطين الشباب من أجل نجاح هذا اليوم الباعث للبهجة والسرور في نفوس العراقيين، فمولد النبي (ص) هو بشرى لكل المسلمين».