حملات الجيش الأخضر تتصدَّى للتَصَحُّر

ريبورتاج 2023/09/25
...

 كولر غالب الداوودي


أخذت مجموعة من الناشطين الزراعيين في العراق على عاتقهم محاربة التصحّر الذي يحدث في العراق، والوقوف صفًا واحدًا لمعالجة هذه المشكلة التي تؤثر سلبًا في مجمل الحياة في العراق، وكونوا فريقًا كبيرًا له منسقون متوزعون في كل المحافظات العراقيّة من الشمال إلى الجنوب، وقد أفلحت جهودهم بنتائج مبهرة وحفزوا الناس على المشاركة في حملاتهم لزرع البذور والتشجير والوصول إلى عراق أخضر جميل صديق للبيئة.


محاربو التصحُّر

حيدر عبد الكاظم زبار المعروف بـ (ابو عبد الرحمن)، من بابل وهو مسؤول شعبة التصنيف السياحي في سياحة بابل، يقول: عشقي للزراعة جعلني أتبنى هذا المشروع، ولديَّ حديقة كبيرة مساحتها ٥٥٠ مترًا، فكرت في سنة ٢٠١٩ بعمل حملة بهذا الموضوع وخاصة بعد أن أصبح لديَّ فائض من البذور من حديقتي باختلاف أنواعها، وبدأت بالحملة وتوزيع البذور مجانًا لتشجيع الناس على الزراعة، وكثير من الناس عندما تزرع الاشجار في حدائقها تصبح لديهم بذور أو اقلام أو شتلات، وحملتنا تشجعهم على ارسال الزائد منه إلينا بدلًا من رميه؛  لنقوم نحن بتوزيعها بين الناس الذين يحتاجونها، وسجلوا في اعلان يظهر على قناة خاصة لنا ويطلبون بذورًا أو شتلات في كل محافظات العراق، وقد أهدينا الكثير من أقلام الأشجار إلى دوائر البلدية، وكذلك البذور لموسم الشتاء.


حملات التطوّع

يذكر ابو عبد الرحمن بأنّه عمل حملات ربيعيّة وخريفيّة، وتطور عملهم وعملوا فريقًا من محافظة بابل، وقاموا بأول حملة ثم شملت كل محافظات العراق من كردستان إلى الفاو، ويدعمون الدوائر والمؤسسات بعملهم هذا، ثم تطور عملهم أكثر وأصبح لديهم داعمون ومتبرّعون، واصبحت الناس تجمع من حدائقها البذور وترسلها اليهم وهم يقومون بتغليف هذه البذور وارسالها مرة ثانية إلى كل من يطلبها في المحافظات العراقية، وفي هذه المحافظات يوجد منسقون متطوعون معهم وناشطون زراعيون مثلهم. وأوضح بأنه لا يوجد لديهم ارتباط بأحزاب فقط أهدافهم تطوعية لنشر البساط الاخضر في أي مكان حتى لو خارج العراق اذا طلب منهم، وفعلًا -كما قال- ارسلوا قسمًا من البذور التي كانت تطلب منهم من بعض الدول الاجنبيّة.


تنسيق

لهذه الحملة وتوزيعها يوجد منسقون في المحافظات، منها في دهوك في اقليم كردستان وفي محافظة السليمانية وفي أربيل، ومحافظات عراقية أخرى وهم يوزعون البذور لكل من يطلب البذور، ويعمل اعلانًا في كروب زراعي عائد للفريق اسمه (عالم الزراعة للنباتات المنزليَّة) ويستفاد من كل حملة ٣٠٠٠ شخص من كل العراق، ويفتح حجز لمدة ربع ساعة إلى ١٠ دقائق حيث يكتمل الحجز وذلك بكتابة الاسم والمحافظة، ثم ترسل القوائم إلى المنسق ويذهب الشخص لتسلّم البذور المغلّفة من المنسق من دون دفع أي مبلغ، إذ إن عدد المتطوعين يزداد كل سنة بسبب نجاح هذه الحملات. 


مسؤوليَّة

أوضح أبو عبد الرحمن، أن هذه الحملات ليست فقط لتوزيع البذور، وانما ايضا للتشجيع على الزراعة، وقد عملوا على تشجير دار الايتام في بابل ودار المسنين في بابل ودار الأمل للصم والبكم، والهدف من هذه الحملات كما قال، هو جعل الناس يشعرون بالتدهور البيئي الخطير الذي يعيشه العالم، ومن الواجب على كل شخص أن يحس بالمسؤولية تجاه بلده، ويعمل على زراعة أو سقي النباتات، ولا بدَّ من زرع بذور الأمل والخير والمحبة للوطن.

واستمرَّ في سرد كلامه وقال: إنَّ النباتات التي نشجّع على زراعتها تتحمّل ملوحة التربة وقلة المياه واشجار طبية، مثل الخطم الساحلي ونبات اللوز الهندي، وهي تكون مثمرة وازهارها جاذبة للنحل مثل الباركونيا وهي شجرة اخشاب وتعتبر من أجمل وأروع أشجار الأخشاب، وتستعمل اخشابها في شواء المأكولات، فضلا عن أشجار طبية مثل شجرة المورنكة وهي مقوٍّ عام، فيها فيتامينات عديدة تعالج مرض السكري ونباتات طاردة للحشرات مثل النيم والسبحبح.

وأضاف، كذلك نقوم بحملات للتوعية، ولدينا قنوات باليوتيوب مثل عالم الزراعة والنباتات المنزلية، وصفحات بالفيسبوك تنشر دائمًا عن اهمية الغطاء الأخضر والاهتمام به.

من المساهمين المتطوعين في هذا الفريق، أمير علي عبيد موظف سياحة في بابل مهندس أقدم، يقول: "وجهنا اهتمامنا لهذه الحملة في جمع البذور مع الناشطين الآخرين ووضعها في أكياس وتغليفها وتوزيعها، ونجحت هذه الحملات والتي وصلت إلى سابع حملة، وكانت تصل الينا البذور من الاشخاص الذين أرسلنا لهم بذور لطلبهم وهم نفسهم بعد ذلك يرسلون إلينا كميات كبيرة أضعاف ما أرسلناه لهم، والاقبال على هذه الحملة يزداد بحيث عندما يتم نشر منشور عن الحملة تغلق الحجوزات خلال عشر ثواني، وتنفذ كل الكميات، وحاليًّا هناك توجه لزراعة نوع من أنواع أشجار الالبيزيا التي تختلف عن الالبيزيا التي تزرع سابقًا، وهي من أقوى النباتات تحمّلًا للظروف المناخيّة".

مهندس آخر من المتطوعين والمساهمين في حملات الزراعة والتشجير، عباس صبحي عبيس العزاوي، موظف في مديرية بلدية الحلة شعبة الحدائق ماجستير إدارة أراضي، وهو يملك مشتلًا خاصًّا به، ويعمل في مجال البذور، ويكون دوره كمساهم في هذه الحملة، وداعم بالجهد البشري والمالي من خلال البذور، وفي كل موسم يتم الاتصال به ويرسل لهم مجموعة كبيرة من البذور قد تصل إلى ١٥٠٠ مغلف للبذور من مشتله الخاص، ويدعم حملات التشجير في كثير من الدوائر والمدارس ويقوم بالتبرّع بالشتلات لهم مجانًا، وهو من أكبر المساهمين في حملات التشجير وزرع البذور، ويدعو الناس دائمًا للمساهمة في هذه الحملات من زرع أو سقي شجرة أمام دارهم أو في الشارع، موضحًا المعاناة التي يعاني منها العراق في التصحّر، ومحاولة لزراعة أكبر عدد من الاشجار التي يختاروها تتحمّل الجفاف والأملاح وبالوقت  نفسه كشجرة يستفاد منها كأعلاف أو من أزهارها يستفاد لرحيق العسل.