النفوذ الاقتصادي

اقتصادية 2023/10/04
...

ياسر المتولي

النفوذ الاقتصادي هو الوسيلة الأكثر نجاحاً في الاستحواذ على ثروات وخيرات البلدان المتخلفة اقتصادياً، أي غير المستغلة لثرواتها الطبيعية، ولأسباب متعددة ولها مقبولية لديها .
وهنا يختلف النفوذ الاقتصادي عن الاستعمار أو الاحتلال والاستغلال بالقوة المفرطة لموارد تلك الدولة الضعيفة .
والحرب الناعمة بين الكبار، وأقصد الدول العظمى، تمثل تنافسا محموما للسيطرة على النظام الاقتصادي الجديد والموعود، وهذا التنافس مؤطر تحت عنوان(النفوذ الاقتصادي).
والنفوذ الاقتصادي أس المشكلة بين الكبار، فاختلاف القوتين أميركا والصين هو في طريقة التعاطي والتعامل للاستحواذ على القارة السوداء والشرق الأوسط، وباقي الدول الضعيفة .
الصين تتعاطى مع الدول بطريقة مرنة غير متشددة من خلال مد شبكة من شركاتها إلى الدول لإعمارها والاستثمار فيها، وبذلك تبسط نفوذها الاقتصادي، لذلك تلاحظ أن نسبة النمو الاقتصادي فيها فاق التصور، ما أغاض أميركا وأبدت مخاوفها من سيطرة الصين على النظام الاقتصادي العالمي الذي تمسكه أميركا وتتمسك به بكل قوة .
 بينما أدت السياسة المتشددة للولايات المتحدة الأميركية من خلال فرض العقوبات والحصار ومنع الدول من الوصول إلى أموالها المودعة في البنوك الأميركية والأوروبية، ما دفع هذه البلدان إلى الارتماء بأحضان الصين، كما خلفت نزعة العزوف لدى الدول الحليفة لأميركا والتفكير في الخلاص منها، إذ ضاقت ذرعاً بهذه السياسات المتشددة .
وأقرب دليل على ذلك أن عددا كبيرا من حلفائها أبدى رغبته بالانضمام إلى مجموعة بريكس التي تحاول منافسة الدولار للشعور ببعض الأمان إزاء مستقبل أموالها .
هذه المعادلة، وأقصد التعاطي مع الدول، تنطبق على الدول الآسيوية والأوروبية بالمجمل، فالحرب الناعمة التي أخذت أبعادا كثيرة بين روسيا وأوروبا تندرج في هذا التحليل والواقع على الأرض .
هذا الصراع والاختلاف بين الدول العظمى ينذر بمخاطر كبيرة، التي من مؤشراتها الحرب الأوكرانية الروسية والانقلابات العسكرية في أفريقيا، والعالم يتابع وينتظر إلى ما ستؤول إليه هذه المتغيرات والنتائج التي قد تحدث .
بعض هذه الدول حسمت أمرها في طلب الانضمام، من ضمنها السعودية التي ما زالت تحافظ على علاقاتها الاقتصادية مع أميركا والغرب، وذلك تبعاً لقراءتها لمصالحها، وهذا التوازن الذي اتبعته السعودية في عقلانيتها بالتعامل مع المتغيرات، يأتي من موقع قوة ومتانة اقتصادها .
الكتلة الشرقية وأقصد بها الصين وروسيا، والكتلة الغربية وأقصد بها أميركا وأوربا، هما المتنافستان على تحقيق النفوذ الاقتصادي، وبالتالي قيادة النظام الاقتصادي الجديد في العالم.
السؤال؛ هل يمكن للعراق أن يتخذ موقفاً مشابهاً لسياسة السعودية؟.
على المدى القصير لا يمكنه أن يتخذ مثل هذه الخطوة بسبب المتعلقات الكثيرة، ولكن بالإمكان أن يتحرر قراره الاقتصادي عند إصلاح نظامه الإداري والاقتصادي، والعمل على إعادة تنشيط القطاعات الإنتاجية بمختلف مسمياتها وتحقيق أو الاقتراب من تحقيق الاكتفاء الذاتي من أغلب متطلباته، عند ذاك سيتمكن العراق من تحقيق التوازن تبعاً لمصالحه الوطنية .
نحتاج إلى ثورة تنموية في القطاعات الإنتاجية الصناعية والزراعية واستغلال ثروات العراق بشكل سليم لتعود قوة الاقتصاد العراقي إلى مكانتها الحقيقية، عند ذاك يتمكن العراق من اللعب وفقاً لمصالحه الاقتصادية أسوة بالدول الأخرى .