حبيبة الخير

اسرة ومجتمع 2023/10/08
...

سعاد البياتي

العطاء والإيثار وكسب الثواب يتجلى بأبهى وأسمى معانيه في كل مكان وزمان، وقد لمسنا العديد من حكايات التطوع غاية في الإنسانية والزهو، وهو الهدف الأساس في تسهيل أمور العديد من المتعففين والمحتاجين، وربما إلى الذين فقدوا القدرة على تحمل معيشة الحياة، فقد يتباهى كل من قدم مهمة تطوعية أو إنسانية وسجّل اسمه في سجلات النور، ان يفخر بنفسه وبما أهداه الله له من عطاء زاخر، فالعزيز الرحيم يختار جنوده في الأرض بدقة ليتوسموا بوسام الخدمة الشريفة والمتباركة.
فعظم الصدف التي وقفت في طريقي، وكانت صورة جلية للقلوب الرحيمة والمؤازرة لتلك الكركوكلية النبيلة (حبيبة)، فلم تكن إنسانة عادية أبدا، فكل سماتها الرقيقة والإنسانيَّة تجسدت في موسم الحج، ورغم ما تضمن من مناسك وأعمال وتقرب إلى الله وجهد بدني، إلا أن المواقف والسلوكيات الرحيمة لم تنقطع عن التلبية لكل من احتاج إليها.
واسم الاربعينية حبيبة تردد على أسماعنا لمرات عدة، وهي تجود بنفسها وأموالها وصحتها في خدمة كبار السن والمرضى والمحتاجين من ضيوف الرحمن، ولها وقفات جادة يعجز اللسان والقلم عن ذكرها ووصفها، لما تحمله من عاطفة جيّاشة وقلب مفعم بالمحبة والكرم ونفس تتحلى بالإيثار والجود.
ولحبيبة الخير مواقف زاخرة هي لطائف الله عليها، فقد أحبّت عملها الإنساني وأجادته بكل فخر وشرف واستحقت التقدير لما آلت اليه جمالية ما قامت به، فكانت فراشة رقيقة وراقية تدور لتسعد الآخرين، وتربت على أكتاف المتعبين والمنهكين بكرمها الفياض .
والجدير بالذكر أن هواتفها الإنسانية تتجسد دائما بمحبة وديمومة، فلم تتوانَ إبدا عن تقديم كل ما يحتاجونه في موسم تكثر فيه الحوادث والأمور الاخرى، هنا ومن باب الاستحقاق والعرفان، ذكرنا حبيبة بأجمل صورها، ونذكر ايضا وقفاتها الكريمة، فقد تبرعت بمبالغ مالية لكل من فقد أمواله أو احتاج إليها، وهي لا تترك العمل التطوعي إينما كان ووجد في الحج إلا ولبّت النداء الفوري في احتضانه وتغطيته بعواطفها ونفقتها بكل رحابة صدر، وفي أحد أيام الحج المقدسة اتصلت الحاجة حبيبة لتسأل عن احتياجات الحاجات كبيرات السن في سكن حجاج العراق، فجاءها الهاتف بأن هناك حاجة عراقية فقدت محفظتها، ولم تتمكن من تسديد نفقات دفع أجرة الكرسي المتحرك الذي يستأجره الحاج كبير السن لاتمام المناسك بيسر، فما أن سمعت بذلك إلا وتسارعت إلى سد هذه النفقات، من دون ذكر اسمها للحاجة، التي كاد اليأس أن ينخر تفكيرها بضياع نقودها، فهل نرى إنسانية وذودا اكثر من هذا؟.