دريشتي كاباديا
  ترجمة: شيماء ميران

يمكن أن تستخدم بعض النساء أحمر الشفاه كمنتج للمكياج، فضلا عن تعزيز ثقتهن بأنفسهن. في الحقيقة هو أكثر من كونه مجرد مكياج، يوضع في حقيبة المرأة، ولو عدنا بالزمن إلى الوراء فهو كان أحد اسباب تمكين المرأة، إذ أصبح في أواخر القرن العشرين رمزًا للتمرد والقوة السلطة، وبالتحديد اثناء حركة «حق تصويت المرأة» التي كانت تهدف إلى أنه يجب السماح لنساء الطبقة المتوسطة اللواتي يملكنَّ العقارات في أميركا بالتصويت. قامت النساء خلال الاحتجاج بارتداء الملابس الحمراء كعلامة على التحدي والاستقلال.

أصل أحمر الشفاه
يعتقد العديد من المؤرخين أن نشأة أحمر الشفاه في جنوب بلاد ما بين النهرين، ويعود إلى عام 3500 قبل الميلاد، بينما يُصر آخرون على أنه كان من الحضارة المصرية القديمة، إذ كانت «كليوباترا» تضع على شفتيها معجونا شمعيا أحمر اللون مصنوعا من الحشرات المسحوقة.
وبغض النظر عن مصدره ونشأته، فوضع المرأة اللون الاحمر على شفتيها يحمل دائما دلالاتٍ عدة، قد يكون بالنسبة للبعض اشارة إلى تحالف سياسي أو لبيان الحالة الاجتماعية، أو ربما يكون وسيلة لتعزيز الثقة والمزاج، وإظهار الثروة لدى البعض الآخر. وهل تعلم أن النساء كن يضعنَّ اللون الأحمر على شفاههن كوسيلة لإخافة الرجال؟، فكان «هتلر» يكره أحمر الشفاه ذي اللون الاحمر، ما جعل نساء دول التحالف يضعن هذا اللون احتجاجا على الفاشية.
هناك عامل آخر لانتشار هذا اللون، فبينما كانت النساء في التظاهرات يمرنَّ من امام متجر»إليزابيث آردن» للمكياج في مدينة نيويورك، قامت سيدة الأعمال الأميركية ومؤسسة امبراطورية مستحضرات التجميل بنفسها بتوزيع أحمر الشفاه مجانا على الجميع. وطوال السنوات القليلة التالية، كلفتها الحكومة بتصنيع درجتين مختلفتين من اللون الأحمر، واحدة للنساء في الجيش والأخرى للمدنيين

أحمر الشفاه.. تصريحٌ سياسي
اليوم، نرى النساء يرتدينَّ اللون الأحمر عند التصريح ببيان سياسي. فعلى سبيل المثال، «ألكساندريا أوكاسيو كورتيز» عضوة الكونغرس عن نيويورك، تخضع للمراقبة باستمرار كونها ترتدي اللون الاحمر دائما، ما يدل على أن الناس تهتم أكثر بما ترتديه النساء مقارنة بالرجال. وذكرت أن اهتمام المرأة التي تعمل بمجال السياسة بالموضة يعد أمرا تافها، فالكيفية التي تقدم بها نفسها هو من أهم القرارات التي تتخذها، وأضافت أن وضع أحمر الشفاه يُشعرها بالجرأة والثقة ويعكس ثقافتها اللاتينيَّة.
في العام 2018، ارتدى النساء والرجال في نيكارغوا الملابس الحمراء ووضعوا أحمر الشفاه الاحمر والتقطوا صورًا حملوها على وسائل التواصل الاجتماعي احتجاجا على دكتاتورية الرئيس «دانييل أورتيغا». اما في تشيلي عام 2019 احتج ما يقرب من عشرة آلاف امرأة، وهنَّ معصوبات الأعين ويرتدينَّ أوشحة حمراء ويضعنَّ احمر شفاه ذا اللون الأحمر في محاولة لإدانة العنف الجنسي.
اما في كوريا الشمالية، يُظهر الشباب احتجاجاتهم ضد الدولة الشمولية، من خلال وضع المكياج وأحمر الشفاه الأحمر، وتصفيف شعرهم بتسريحات غير مألوفة. وبحسب دراسة أجرتها جامعة «هارفرد» في أميركا عام 2017 فإنَّ النساء اللاتي يضعنَّ أحمر الشفاه قد يشعرنَّ بثقة أكبر ويتمتعنَّ باحترام أعلى للذات، ما يساعدهنّ على وظائفهنَّ المعرفية.