سارة سلام
منذ ثمانية أشهر والبنك المركزي عاجز عن إيقاف جموح الدولار أمام الدينار في السوق الموازية، يقابل ذلك غياب القدرة على تلبية الطلبات الدولارية التي تغطي التجارة الخارجية في ظل اتساع القائمة الاستيرادية للعراق والاقتصار على تصدير النفط فقط.
كما لم تتكمن المنصة الإلكترونية التي استحدثها البنك المركزي مؤخرا من إعادة الاستقرار إلى السوق الموازية وتقليل الفجوة بين السعر الرسمي والسعر الموازي، إذ لا تزال أغلب الحوالات تتم خارج تلك المنصة، خصوصا مع الدول التي تشهد عقوبات أميركية كأيران وسوريا وكيانات في تركيا.
مع هذا المشهد المليء بالضبابية، ينوي العراق حظر المعاملات بالدولار الأميركي بدءًا من كانون الثاني 2024 بشكل كامل، بحجة تقليل إساءة استخدام العملات الصعبة والجرائم المالية وتهريب العملة خارجاً.
من وجهة نظري، أن توقيت هذا الإجراء ليس صحيحا، في ظل غياب الحلول للمشاكل التي تعاني منها الأسواق الموازية للعملة الأجنبية، إذ ينذر ذلك بتفاقم أزمة النقد أو الكاش في العراق، وهناك احتمالية أن تصل الأمور إلى نقص حاد بالكتلة النقدية العراقية، ما يعني لجوء البنك المركزي إلى الطبع النقدي وبالتالي تكون العواقب وخيمة، أبرزها التضخم النقدي الذي يشهده حاليا عدد من دول المنطقة كإيران وتركيا ولبنان.
هنا أدعو البنك المركزي إلى العمل الحثيث نحو اعتماد عملة جديدة تحل محل الدولار، كاليورو مثلا أو اليوان الصيني أو الدرهم الإماراتي، وهذا أمر ليس بالسهل، ولكنه ليس مستحيلا، مع العمل على استخدام الذهب كوحدة متفق عليها لتقييم السلع والخدمات.
هذا التوجه من شأنه أن يقلل من الضغط على الدولار في السوق الموازية، كما سيكون ضربة قاضية للمضاربين في الأسواق الموازية، إضافة إلى أنه يبقي التجارة مع الدول التي تشهد بالوقت الحاضر عقوبات اقتصادية من قبل وزارة الخزانة الأميركية والبنك الفيدرالي الأميركي.
اليوم أمام البنك المركزي العراقي فرصة تاريخة لمعالجة وإدارة سعر صرف الدولار وترتيب أوراق السوق الموازية، بالشكل العملي والحاسم، والعمل على تحديد الأولويات في السوق النقدية بهدف تحسين استقرار العملة الأجنبية، يقابل ذلك سعي جاد لدفع المصارف الأهلية نحو تقديم أفضل الخدمات للزبائن وخلق روح المنافسة بينها، من أجل جذب الكتلة النقدية المكتنزة خارج النظام المصرفي العراقي.