سعاد البياتي
بهذه الصورة الرائعة من حياة الكثيرين الذين يعيشون تحت طائلة التجارب، وماتعلموه منها نبدأ ونتذكر أن كل ما مررنا به هي دروس نتعلمها ونطور اخفاقاتنا من خلالها، فالشخص الناضج هو من يتعلم الدرس، ويحول الفشل إلى محطة للنجاح والوصول إلى الغايات المطلوبة، فكلنا نكبر من خلال التجارب لصقل شخصيتنا، ومعاونتها على معاودة العمل والنهوض من جديد.
ومما تحمله الذاكرة من إحدى تجاربي في هذه الحياة العريضة بتداعياتها وافراحها وتقلباتها، انني وفي يوم ما فقدت الامل وكرهت العيش حينما مررت بظروف صعبة ومريرة كدت اهرب إلى عالم آخر أشد قسوة وإيلاما من ذي ما قبله، وبمرور الوقت اكتشفت ان لافائدة من بقائي تحت طائلة الحزن والندم والتشاؤم الذي احرق افكاري وشتت بناء نفسي، لذا وفي لحظة جادة حررت كل إحساس ثقيل وغير مجد، وبدأت أرتب خياراتي واعتبارات القادم من الزمن، وأضع ثقل التجربة امامي، فكنت أكثر نضجاً ووعياً في التعامل مع معطيات الزمن وتأثيراته على رسم صورة الأمل من جديد والنهضة الروحية، التي أعادت لي أفكاري ورتبت أبجديات ماعليَ فعله والواقع بظروف افضل واكثر نضج وفائدة، وهكذا تشكلت طبيعة حياتي ومحيطها الواسع، واصلت تعليمي وحبي للكتابة بشكلٍ عام والصحافة بشكل خاص، ويوما بعد آخر تناسيت كل ألم، وكأنها غفوة طويلة، وحلم لابد من الصحوة منه، تفاعلت مع محيطي بتكامل الأشياء وحسن التدبير، لاحتفظ بثروة معرفية اخترتها بعناية، لتكون بمثابة الرصيد.
وكل منا مر بتجارب عديدة قاسية ومفرحة، هي التي صقلت شخصيتنا، ورسمت لنا أنواعا من المعرفة والخبرة، التي جمّلت أيامنا برجاحة القرار مع ارهاصات الحياة بتفاصيلها الكثيرة والمرهقة، فالتجارب الشخصية أكثر نفعا من تجارب الآخرين، لأنها بحد ذاتها تمنحك القوة والصلابة في مواجهة المصاعب، وبامكانك تحليل المواقف بشكل أكثر إيجابية ووضوح، حينما تكون أمام مسؤولية كبيرة عليك اجتيازها بنجاح وثقة، لتثبت للمجتمع ولكل من حولك أنك انسان تسعى لخلق الفرص المثالية واستثمارها بشكل يليق بماضيك وما تعلمته من الأيام العصيبة التي مررت بها وجعلتك أفضل من ذي قبل، ولكل منا يمتلك من القابلية التي تؤهله ليشغل حياته بكل مفيد .