التعليم وحياتنا المعاصرة

اسرة ومجتمع 2023/11/12
...

  صباح محسن كاظم


لا ريب أن دور الأم بالرعاية الخاصة للأبناء، ودور الأب بتوجيههم من أجل الحث على الدراسة لضمان المستقبل، فالحرص من الأسرة أحد الحوافز للنجاح والتضامن مع المعلم، من رياض الأطفال إلى جميع المراحل الدراسية الجامعية، بل تمتد رعاية الآباء لما بعد الدكتوراه لمن والديه بالحياة .

 في كتاب مهم جداً للمفكر البرفسور الدكتور علي عبد فتوني «البلاد العربية والتحديات التعليمية –الثقافة المعاصرة» الصادر عن دار الفارابي من خلال (6) فصول ومباحث ذات أهمية فائقة لجميع المجتمعات العربية. أكد المؤلف بالمقدمة ص7 : «يتميز العصرالحالي بأنه عصر العلم والانفجار المعرفي. وقد أصبحت الدولة التي تمتلك مقاليد العلم والتكنلوجيات، والتي يتميز مواطنوها بوعي ينعكس في تصرفاتهم اليومية هي الدولة الأقوى.»، لاريب أن الواقع العربي متشابه حد ما خلال القرون الماضية، من وجود الاستعمار العثماني ثم الغربي، لذا تأخر التعليم لأنه محدد فقط للميسورين والمنتمين للجمعيات بجميع الأديان بالمنطقة، كما بلبنان والشام والعراق وغيره من بلدان الوطن العربي، لم يهتم الأتراك بالمدارس بالمنطقة العربية همهم كان الحصول على الثروات وتخلّف الشعوب بعد الاستقلال بمعظم الدول العربية، تم إنشاء الجامعات وبدء الخطوات للارتقاء بالمجتمعات.

الكتاب بفصوله الستة الجذور التاريخية لنظام التعليم بلبنان ..الفصل الثاني: التاريخ ومكانته بين العلوم وضرورات كتابة التاريخ الموحد، بينما جاء الفصل الثالث: التعليم المدرسي والجامعي في البلاد العربية والمساهمة في التنمية الوطنية والقومية، وجاء الفصل الرابع: تطوير الإدارة التعلمية في البلاد العربية لمواكبة التنمية والتحديث في العالم، ثم الفصل الخامس: الخطط التعليمية وارتباطها بإعداد المعلم وطرائق التدريس الحديثة، وبالفصل السادس: الثقافة العربية وتحديات العولمة. تلك الفصول والبحوث النافعة بقراءة واقعية لرفع منسوب الوعي العربي بأهم المفاصل التربوية. لقد بذل المفكر فتوني بهذا الجهد الكبير بإحصاءات ونسب لعدد المدارس والمناهج لكل فئة بالمجتمع، خلال الفصل الأول في ص49 : «ومن خلال مساعدات المدارس الطوائفية، عزز الفرنسيون نفوذهم بالإشراف على التعليم، لا سيما ما له علاقة بالمناهج والشهادات الرسمية. وهذا ما جعل المناهج خاضعة لهم مباشرة، فأخذ التعليم الخاص يتطور بسرعة، في حين كان التعليم الرسمي ينتشر ببطء». ثم دراسة مفصلة في دراسة التاريخ ص93 «إن التاريخ علم، وهو بهذه الصفة يصلح منهجاً لتحليل المجتمع وفق القوانين العامة للتطور التاريخي».

التعاون بين الأسرة والمدرسة يقلص مساحة الجهل وهوة التخلف فالتعليم والثقافة تخلص المجتمع من المشكلات الاجتماعية العارمة، كالمخدرات والعنف والخصومات. فالعرب أمام مشكلات جمة، ومنها وجود الصهيونية وتوسعها وتدمير الأمة بالحروب الدائمة، آخرها ما يجري بغزة من قتل الأبرياء، الذي تجاوز عشرة آلاف شهيد وأكثر من 15 ألف من الجرحى وتدمير المدارس والجامعات والمستشفيات. ..يؤكد البرفسور الدكتور علي فتوني ص 165 «أن الاستعمار الآن يتحضر لكي ينقض بأقوى مما كان عليه في الماضي . ونحن نعيش مع الصهيونية وجهاً لوجه، والصهيونية ذريعة الاستعمار إلى قلب الوطن العربي»، ويختم كتابه برأي ثاقب ص 288  «إن الثقافة العربية المناضلة هي القادرة على أن تصمد في وجه ثقافات مزيفة غازية . وهكذا تكون الثقافة العربية النامية والمتأصلة والمناضلة صداً لافتراء ودفعاً لكل مسعى، يبذله المغرضون لإضعاف العزائم وتفريق الصفوف، بل تكون سبيلنا إلى الحرية والتحرير، وطريقنا إلى تحقيق جوهر المشروع النهضوي العربي الذي كان ومازال حلم الأجيال».