الشُكر.. ثقافةٌ مهملة

منصة 2023/11/14
...

  مؤيد أعاجيبي


لا يخفى على الجميع أن فضيلة الاعتراف بالجميل تعتبر من القيم والأخلاق النبيلة، التي تحظى بتأكيد وتشجيع من قبل مختلف الثقافات والأديان. 

إن الشُكر، سواء كان قليلاً أو كثيراً، يعتبر جزءاً أساسياً من تلك القيم، ويحمل أهمية كبيرة في حياة الإنسان. على الرغم من أننا ندرك جميعاً أهمية قول كلمة "شكراً"، إلا أنها قد تكون واحدة من الكلمات التي تتلقى أقل اهتمام واستخدام في هذا العالم اليوم. فهناك حقاً درجات وأشكال متعددة للشكر، وعلى الرغم من ذلك، قد بدأت أشعر بأننا قد نتجاهل قيمتها.

إن الاعتراف بالشكر والامتنان، يعتبر مظهراً للسلوك الحضاري الأخلاقي، والذي يُعد أمراً ضرورياً، حيث يجب أن يكون له دور فاعل في التعبير عن الامتنان تجاه الجهود التي يُقدمها لك الآخرون. ومع ذلك، يتجاهل البعض قيمة الشُكر حتى في أصغر التفاصيل، حيث يستبدلون كلمات الشكر بتعبيرات لا تعكس الامتنان والاعتراف بالجهود المقدمة من قبل الآخرين، سواء كانوا أقارب، أصدقاء، أو حتى زملاء. لذلك يكمن في هذا الإهمال تأثير كبير على جوانب حياتنا المختلفة، حيث يتوقع الأفراد في الأسرة والأصدقاء والزملاء أن يتلقوا التقدير والاعتراف بالجهود التي يقدمونها. وفي المقابل، نحن بدورنا نود أن تشعر بتقديرهم أكثر.

مجتمعنا في الوقت الحالي، للأسف، يعاني من نقص في ثقافة الشُكر، ورغم أنها كلمة صغيرة، فإن لها أثراً كبيراً في نفوس الأشخاص، الذين يُقدمون لك خدمة أو هدية أو يظهرون لك لفتة جيدة. العديد من الأفراد لا يمارسون هذه الثقافة لأنهم لم يكونوا معتادين عليها، بالرغم من إيمان الجميع بأن ثقافة الشُكر تعزز الروابط بين الناس وتعزز المحبة والاحترام، يظل الكثيرون غير معتادين على هذه العملية البسيطة. لذا، يجب دراسة هذه الثقافة في المؤسسات التعليمية، بدءاً من المدارس والمعاهد وصولاً إلى الجامعات، وتعليمها لأطفالنا في بيوتنا وأيضاً للكبار الذين لم ينشئوا عليها.

فالشُكر ليس مجرد كلمة، بل هو تعبير عن التربية الصحيحة، التي تعكس ثقافة الرد بالاحترام والتقدير. لذا يجب أن نتبنى هذه الثقافة لأجل بقاء التواصل الإنساني، وهي تشكل جزءاً من إيمان ذاتي نحن بحاجة إليه لاحترام عطاء الآخرين والمساهمة في بناء جيل يعبر عن شُكره للناس. يمكن أن يكون الإهمال لهذه الجانب البسيط في حياتنا سبباً في فقدان استمرار العلاقات مما ينعكس تأثيره السلبي على الصعيدين الفردي والاجتماعي، وربما يكون سبباً في إحساس البعض بفقدان قيمة جهودهم.

في كلمة "شُكراً" يتجسد الامتنان ومع ذلك، يجب أن يكون القول بهذه الكلمة نابعاً من وعي تام، حيث تحمل "شُكرا" تأثيراً كبيراً يحمل في حروفه سراً يمكن أن يحدث تغييراً في حياتك ويضيف لمسة من القبول للروتين اليومي الذي نعيشه.  كما أن كلمة "شُكراً" تأتي بوزنين إن صح التعبير، مرة تكون ثقيلة الوزن ومرة أخرى خفيفة الوزن وفقا للشخص وتجربته. يظهر أن الشخص الذي يفتقد إلى كلمة الشكر في معجمه الذاتي، يجعلها دائماً ثقيلة الوزن، ويعود ذلك إلى تأثيرات التربية الأسرية التي عاشها. بالمقابل، يشير الإنسان الذي يمتلك كمية كافية من كلمات الشُكر إلى أن هذه الكلمة بالنسبة له خفيفة الوزن.