الشعر.. عصافير تؤرجحها نايا بالورد والفراشات

منصة 2023/11/15
...

 بغداد: مآب عامر

عندما نجبر على أن نعيش الشعر بتفاصيله كلها، حتى ليبدو وكأنه الحياة التي يجب أن تعاش، وليس هناك من جزئيات وتفاصيل غيره، فسنكون أبناء بررة للقصيدة لأننا بكل بساطة لا نملك سواه.
قد لا يستوعب الأطفال الصغار هذه الحياة، لكن هذا ما حصل فعلا عندما  ترعرعت طفلة بين أحضان أم شاعرة، تزاحم أفكارها في الاهتمام والرعاية.

هكذا تقول الشاعرة الفلسطينيَّة منى العاصي وهي تحدث ابنتها نايا عبر مقدمة الكتاب، الذي صدر عن دار «موزاييك» للدراسات والنشر، حين قالت «نحن مجبرون على عيش الشعر يا نايا، فنحن لا نملك سواه».
المجموعة الشعرية التي بعنوان «أنا نايا» لمؤلفتها نايا علاء البديري، تضمنت صفحاتها 65 نصاً شعرياً باللغة العربية والانكليزية والفرنسية. كما واحتوى الكتاب على مجموعة من رسومات «نايا»، فضلا عن صور شخصية تمثل لمحاتٍ مختلفة  من مراحل حياة نايا.
نايا التي لم تتجاوز الآن 13 عاماً عشقت الشعر وشغفت به منذ طفولتها، قدمت في كتابها مجموعة من المشاعر الصادقة والحقيقية التي تلامس قلب القارئ مع أول نص:
تحبني العصافير
وتأكل من يدي
لأنني سمراء أشبه الخبز العربي.
تسعى نايا عبر نصوصها الشعرية إلى نشر الحب، ومن خلال لوحاتها ولألوانها الباعثة عن السلام تنشر الابتسامة، تربّت الصغيرة بحنان على أطفال ولدوا ووجدوا أنفسهم أقل حظا من غيرهم في العيش بحياة كريمة كما تقول:
عندما يهطل المطر
هل يبكي الله على الأطفال الذين يفتقدون بيتًا؟
كما وتجدها تستنجد المساعدة لأطفال الحروب، متمنية حياة لهم بلا خوف أو دموع، وهي تكتب:
 لماذا يبكي الأطفال في سوريا، يا أمي؟
هل يوجد وحش يخيفهم هناك.
وفي نص آخر، تتساءل:
لماذا لا يأتي كل الأطفال في سوريا
إلى سويسرا يا أمي؟
هنا حيث لا توجد وحوش.
نايا تحمل بين طيات كتابها القضية السورية، وقضية الطفولة العربية المسلوبة، تستميل الرب تارة، وتتبرع ببراءة في أغلى ما تملك لنشر الابتسامة، ومحو الحزن عن وجوه لا يلق بها غير الابتسام كما في نصها:
أرسم أحذية ملونة
ليفرح أطفال سوريا
وأخّبئ لهم ألعابي
وثيابا ترقص.
وفي نص آخر، تقول:
أنا أبكي يا أمي
لأجل أطفال سوريا
لا يوجد لديهم طعام
 أرجوك
خبئي طعامي
 وابعثيه لهم مع الطيور.
وتقول أيضا:
لماذا تحدث الحرب
 فقط عند العرب يا أمي؟
 أنا لا أحب الحرب
لأنها تقتل الأطفال وتبقي ألعابهم.  
 في مجموعتها الشعرية، هذه تختار نايا أمها بيتا آمنا لمشاعرها ومخبئا لأحزانها وأفراحها، ففي كل نص تحادث أمها بكل عفوية، وتخبرها عن حبها لولدها الراحل، ومدى شوقها إليه، كما في النص:
أنا لا أعرف الكتابة
 لكن قلبي
يرسل إلى أبي كل يوم
ورسائل كثيرة
 إلى الله.
وفي نص آخر:
يا أّمي
أنا احب «دادي»
لكني لا أعرفه
هل يمكن أن تطلبي من الله
أن يجعلني ألمسه وأنام في حضنه حّتى أكبر.
وفي مقدمة الكتاب تصف الشاعرة الفلسطينيَّة منى العاصي ابنتها، قائلة: فوق خشبة روحي تقيم نايا مسرحا ضاجا بالغابات، التي تلقي عليها السلام قبل النوم، وبعده الأنهار التي تعيد إليها حصاها الشاردة والبحيرات التي تدغدغها بالرمل. بالعصافير التي تأرجحها بالورد والفراشات، التي تشكرها على زيارة بيتنا. هي الغزالة تداوي جراح لذئبة مستوحشة في براري روحي وتغسلها من عواء العزلة ترجم زجاج موتي، لتتناثر أسماء الحياة تعيد ريش قلبي المتساقط يحل في سماوات فرحها.
ويذكر أن نايا علاء البديري مقيمة في سوسيرا، وهي شاعرة ورسامة وعازفة كمان ومغنية أوبرالي، من مواليد الامارات العربية المتحدة 2010، من أب عراقي وأم فلسطينيَّة.. تتحدث نايا ثلاث لغات الالمانية الانكليزية والفرنسية، فضلا عن لغتها الأم. جاء كتاب «أنا نايا» في 158 صفحة، واختير غلافه من إحدى لوحاتها.