الاجتماع علم «مشاكس»

منصة 2023/11/15
...

 وليد خالد الزيدي
 في أصبوحة ثقافيَّة حافلة بالإثارة ضيفت كلية الآداب/ جامعة بغداد المتخصص بعلم الاجتماع الأستاذ الدكتور طالب السوداني للحديث عن تجربته العلمية والمهنية.
الجلسة التي أقيمت في قاعة الفراهيدي، كانت برعاية عميد الكلية الاستاذ الدكتور علي عبد الأمير ساجت، وبحضور اساتذة ومختصين منهم رئيس المجمع العلمي العراقي الاستاذ الدكتور محمد حسين آل ياسين، ونخبة من مثقفين وإعلاميين وطلبة تفاعلوا مع طروحات السوداني، الذي يعد آخر من رافق العالم في الاجتماع الدكتور علي الوردي.  
وتحدث السوداني بداية عن كيفية وصوله لعلم الاجتماع وأهميته والمشاريع الثقافية والبحوث العلمية والمقترحات.
ونال السوداني شهادة البكالوريوس بعلم الاجتماع من كلية الآداب جامعة بغداد عام (1973ـ 1974) والدكتوراه في فلسفة العلوم الاجتماعية من كلية الآداب في جامعة صوفيا/ بلغاريا عام 1990، وحصل على مرتبة الاستاذية في جامعة بغداد عام 2005، وتخصصه العام هو علم الاجتماع العام، بينما التخصص الدقيق هو التغير الاجتماعي، كما تناول ذلك في أطروحة الدكتوراه التي كانت بعنوان (التغير الاجتماعي والقيم في المجتمع العربي) باللغة البلغارية      
 وأضاف: في إحدى مراحل حياتي ما بعد البكالوريوس والدكتوراه، عشت ثلاث ثقافات مختلفة، فخلال دراستي في جامعة صوفيا ببلغاريا فهمت المجتمع البلغاري واسميت ثقافته بـ (ثقافة المجتمع المكشوف)، الذي يختلف عن ثقافتنا كثيرا، لقد اكتشفت أن المسافة الاجتماعية بين المرأة والرجل متقاربة، فالمرأة البلغارية تعمل بالمجالات كافة.
وعمل السوداني في اليمن معاون مستشار ثقافي لأربع سنوات، وخلالها وجد أن المجتمع اليمني يختلف جذريا، لذا فقد أطلق على ثقافته بـ (ثقافة المجتمع الملفوف)، حيث يتسيد الرجل السلطان على المرأة الملفوفة كليا بالكفن الأسود، ولا يرى منها إلا عيونها.. آنذاك شعرت بظلم وظلام اللون الأسود وثقله على النفس، كما أكد السوداني  أنه مجتمع ذكوري فقط.
 أما عن في مدينة زوارة الليبية التي عمل تدريسيًّا في جامعتها، فقد عاش السوداني تجربة (ثقافة مجتمع الصحراء)، لأن أغلب سكانها ينتمون لثقافة البربر، وفي وسطها تمتلك المرأة شخصية محترمة، كما أن ثقافته مقاربة لثقافة المجتمع العراقي، موضحاً أن «من حصيلة تلك الثقافات تكونت لدي رؤية واسعة، فضلا عن ثقافة المجتمع العراقي الذي يتصف بتنوع أنماطه الثقافية، كما يؤكد استاذنا الوردي الذي وصف الشخصية العراقية بـ (الازدواجية)»، وفقاً لتعبيره.    
وتناول السوداني ضروري تضمين مادة الفلسفة بمناهج كلية الآداب في المرحلتين الثانية والثالثة وللأقسام كافة، «حيث لاحظت ذلك في جميع كليات جامعة صوفيا، وتحديدا لطلبة الدراسات العليا بالاختصاصات العلمية الصرفة والعلوم الإنسانية، فيلزمون الطلبة بتجاوز الامتحان خلال ستة أشهر وإلزام الأساتذة ايضا بألا تخلو محاضراتهم من اثارة الاسئلة وبيان أهميتها وأهدافها، وعلى ضوء ذلك يقيّم المستوى العلمي»، مشيرا إلى إمكانية تعميم التجربة من خلال جامعة بغداد على بقية الجامعات وكلياتها، فضلا عن استحداث نشاطات ترويحية مهمة كالموسيقى وتعليم الطلبة العزف بآلة العود، كما كان معمولا به في كلية الآداب عام1973.
كما وتحدث السوداني خلال الجلسة عن مقترح لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي بالزام وجود نسبة رسوب ـ اي فشل ـ في كل مادة علمية خلال كل المراحل تشمل الباحثين في الدراسات العليا، لأن الفشل في جوانب الحياة، هو أصل مراحل التطور والتقدم، كما يقول الفيلسوف غاستون باشلار، فخير تعريف للعلم هو تاريخ أخطاء العلم.
وأطلق السوداني عبر حديثه عن علم الاجتماع تسمية (العلم المشاكس)، لأنه- على حد قوله- علمًا نقديًّا للواقع الاجتماعي والإنساني والخروج بفهم علمي، لما اعتاد عليه الأفراد وترسخت عقلياتهم بقالب ثقافتهم، «فالرسالة المحمدية جاءت لنفي عبادة الأصنام - أي أنها شاكست عقول المجتمع الجاهلي».   وكانت من بين المواضيع التي ركز عليها السوداني عبر الجلسة هي المشاريع الثقافية التي قدمها، مثل استطلاعات الرأي العام كقضية مهمة في علم الاجتماع، والتلقيب الاجتماعي «لداعش»، والنصب الثقافي الديني، وثقافة التعامل مع الطفل، وإطلاق العيارات النارية.