سرور العلي
يعد المسرح المدرسي أحد الأنشطة التي من خلالها يمكن إيصال عدة رسائل تربوية وتوعوية للتلاميذ، ويكون بإشراف المعلمين، فهو وسيلة تربوية وطريقة مهمة، يستخدمها التربويون في مختلف دول العالم، ويكتسب الطلبة العديد من المهارات، التي يتعلمون من خلالها المادة الدراسية حين تتحول لشخصيات مجسمة، يقوم بتأديتها عدة طلاب أمام زملائهم، ما يترسخ المنهج في أذهانهم برغم من أهماله اليوم في مدارسنا.
طموح
وتطمح زينب محمد، الطالبة في المرحلة الثانوية إلى إعطاء تلك الوسيلة التعليمية أهمية، وتفعيلها في جميع المدارس داخل العراق، لتسهم برفع المستوى التعليمي للتلاميذ، وتشجيعهم على التعلم والاستمرار به.
في حين يرى الطالب حسن داود أن هذه الطريقة الفنية قادرة على جذب تركيز الطلبة، وعرض المنهج بشكل مبسط ومرن من دون تعقيدات، وتمنى من مدارسنا أن تركز على هذا النوع من المسارح.
أنموذج في تفعيل المسرح المدرسي
التربوي اياد مهدي عباس أوضح، أن "الحديث عن المسرح المدرسي، وأهميته في دعم العملية التربوية والتعليمية في ظل الظروف السيئة، التي تمر بها معظم مدارسنا، وافتقارها إلى أبسط الوسائل التعليمة، مع قِدم وتهالك أبنيتها قد يراه البعض حديث ترف، وغير ذي أهمية وبعيدا عن الواقع، بينما يراه البعض الآخر ذا أهمية كبيرة، بسبب الدور المهم الذي يلعبه المسرح المدرسي في تعزيز القيم التربوية والمدرسية، وبلورته لبعض المهارات الأساسية، التي تساعد في رفع مستوى التعليم في المراحل المختلفة من عمر التلميذ، إذ يعد المسرح المدرسي أحد الروافد التعليمية المهمة للتلاميذ في العصر الحديث، كما أنه يعدُّ جزءاً من المناهج التربوية الحديثة ومكملاً لها، فمن خلاله يستطيع التلميذ أن يجد ذاته، ويكتشف مواهبه، ويمارس فيه مختلف الأنشطة المدرسية، التي تنشط حواسه السمعية والبصرية، ففي المجال الأدبي ثمة دورٌ مهم للمسرح، بتقديم المادة الأدبية والانتقال بها من صفحات الكتب وبطونها إلى أرضية المسرح، وتُقدم كعمل فني تترسخ من خلاله المادة في عقول التلاميذ بشكل أبلغ، إذ إن الكلمة المصورة والمرئية كما هو معلوم، تأخذ أثرها في عقول المتلقين أكثر من الكلمة المقروءة، وكذلك دوره في تجسيد المناهج الأخرى، كالمنهج التاريخي، والعلمي، والثقافي، فالمسرح المدرسي يساعد التلميذ على تنمية قدراته في التعبير والإلقاء، وكسر حاجز الخوف، وتنشيط الشجاعة الأدبية لديه".
ثقافةٌ ضروريَّة
ولفت عباس إلى ضرورة تفعيله في جميع المراحل الدراسية من عمر الطالب، وأن تأخذ الجهات المعنية بنظر الاعتبار تخصيص الأماكن اللازمة، لإنشاء المسرح المدرسي في كل مدرسة، وتوفير الدعم الفني والمادي له اسوةً بالدول المتقدمة، من أجل تحقيق الأهداف التربوية المرجوة منه، والانتقال من المنهج التعليمي النظري إلى المنهج العملي الفني، ومن المهم أن تكون لإدارات المدارس دورٌ في إبراز أهمية المسرح المدرسي، ضمن الإمكانيات المتاحة لديها، إذ تمكنت بعض إدارات المدارس في قضاء الخالص ضمن محافظة ديالى، بالرغم من التحديات التي تواجهها من نقص الأبنية وغيرها، أن يكون لها دور ريادي في هذا المجال، فكانت مدرسة السموأل أنموذجاً يحتذى به، فاستطاعت إدارتها بإمكانياتها البسيطة المتاحة، خلق لها جواً تفاعلياً مع كادر المدرسة وتلاميذها، وتفعيل عمل الفريق الواحد، من خلال إبراز دور المسرح المدرسي، وعرض عدة أعمال مسرحية هادفة عليه، فكانت أنموذجا حقيقياً على مستوى القضاء، أشاد به كل من شاهده وحضره من المتخصصين في مجال الأنشطة المدرسية، وتمكنت هذه المدرسة بالأدوات البسيطة المتاحة من بناء مسرحٍ لها، ونشر ثقافة المسرح المدرسي بين تلاميذها، وتوجيه طاقاتهم توجيها سليما ونافعا، وغرس فيهم روح الانتماء إلى البيئة المدرسية.
أسلوب فعّال
د.عبد الكريم خليفة، باحث اجتماعي ونفسي بيَّن أنه من الأساليب الحديثة في التدريس هو المسرح "السليكودراما"، وكذلك الألعاب الأخرى المتعلقة بالمسرح، وهناك مسرح دمى وغيره، وتؤثر بشكل كبير في عملية التثقيف والتوعية، إذ إن كثيرًا من الأعمال المسرحية تسهم في زيادة الوعي لدى المتلقي، وهنالك أساليب يستخدمها بعض الباحثين النفسيين، ومنها مسرح "السايسودراما"، وهي جزء أساسي من المسرح المدرسي، فبعض الطلبة ممن لديهم اضطرابات أو عنف وكبت وتوتر، فيمكن عن طريق لعب الدور المسرحي التخفيف من تلك المشكلات والظواهر الاجتماعية، وأيضاً تقديم الظاهرة المراد نبذها داخل المسرح، ونلاحظ في بعض الدول كمصر، فتستخدم المسرح المدرسي في التاريخ، والجغرافيا، واللغة العربية وغيرها، ويساعد المسرح على فهم تلك المواد التعليمية، واليوم ليس هناك مسرح مدرسي كما كان في السابق، إذ كانت وزارة التربية تهتم به، وهناك مشرفون له وقاعات في كل مدرسة، لتقديم الأعمال المسرحية.
اهمال
د.عبد الله حميد مرزوك، رئيس قسم في جامعة بغداد وأستاذ جامعي أوضح، أن "تفعيل المسرح المدرسي ساهم بتشجيع الطالب على التعليم، فيشعر بالمتعة وتزداد قابليته لتلقي الدروس، فضلاً عن تبسيط المواد الدراسية، عبر مسرحة المناهج بأسس تربوية، ولا ننسى أن هذا المسرح يعمل على تنمية حاسة الذوق الفني والجمالي لدى الطالب، ويساعده على الشجاعة الأدبية، وتقوية علاقاته ببيئته المدرسية من زملاء ومعلمين، وتنشيط حواس الطالب السمعية والبصرية، ونتساءل اليوم، لماذا هذا الإهمال المخيف للمسرح المدرسي؟".