جامعيَّات في حضرة الأمومة

اسرة ومجتمع 2023/11/26
...

  سعاد البياتي  

لم تتوان أمل الحلفي في إكمال دراستها الجامعية، وهي تحمل مشاعر الأمومة لطفل صغير ولدته قبل عام، لتكمل مشوارها التعليمي وإن رزقها الله بهذا الوليد، وكما معروف أن حياتها اليومية مليئة بالأعمال المنزلية والدراسية، إلا أنها أدركت أن الشهادة جزء من مستقبلها وطموحها، الذي لا تتخلى عنه وبقبول عائلي أثرى قلبها المفعم بالأمل، أن توحد جهودها وتضع أمامها مستقبلها العلمي، وتكون واحدة من افضل الطالبات بطموح يتجدد إلى طريق الدراسات العليا بأمل كبير، ويوم مفعم بالحياة الدراسية الجاذبة والغنية بأفقها الواسع.

«اسرة ومجتمع» كشفت عن عالم الطالبات المتزوجات وصعوبات الحياة معهن إن وجدت، وماهي ملامح المستقبل وطموحاتهن؟

تقول بسمة مصطفى 30 عاما «متزوجة ولديها طفلان» قد يكون الزواج والارتباط بأمومة مبكرة عاملا أو عائقا للدراسة، إلا أن الاصرار والطموح يعلوان على ذلك، وما هي إلا سنوات قليلة، ونكون قد أكملنا الدراسة، وتمكنا من الحصول على شهادة قد تؤهلنا لعمل نحبه أو مستقبل نسعى اليه، فهو الحلم في حياة كل فتاة أيقنت أن الدراسة وإكمالها أهم من أي قضية أخرى، وإن كان الارتباط أو الامومة التي قد لا ثوثر في الطموح والمستقبل، المهم أن نوّفق بين تربية الأطفال ومواصلة التعليم، وهذا في البدء يعد أمرا صعبا أو تتخلله تداعيات اسرية لكن المساندة والدعم من قبل الزوج هو اساس النجاح في هذا المشوار، فأكثر الازواج الذين يقدرون طموحات زوجاتهن في اكمال التعليم هم من الذين يضعون العلم في مقدمة تفكيرهم ويكونون عوناً لهن في ذلك. 

لا يشكل عائقًا

اما رنا كاظم وهي ايضا أم وطالبة جامعية، تركت الدراسة بعد انجابها الطفل الاول لصعوبة وضعها الاجتماعي الجديد وعدم امكانية تركه مع اقربائها أو المربية، لذلك اضطرت لترك الدراسة وهي في المرحلة الثانية من الجامعة،  

ولكن رنا ترى وحسب وصفها أن هذا الأمر لا يشكل عائقا كبيرا، إذ تقول: «صحيح إني بعيدة عن أهلي، الذين من الممكن أن يساندوني، لكن الظروف التي هيأتها في الدوام المسائي، بالتناوب مع دوام زوجي  ساعدني على مواصلة دراستي الجامعية والعودة بشكل منتظم وإيجابي، وأطمح أن تسير الأمور جيدًا لنيل شهادتي الجامعية والعليا بعون الله، ولولا مساعدة اقرب الناس لي (زوجي) وتفهمه الكبير لطموحاتي ما كنت لأكمل مشواري، أشكر الله عز وجل أن رزقني بزوج وطفل أنارا لي طريقي بكل هدوء وحب.

روحٌ جديدة

 الكثير من الطالبات الأمهات، أدركن أن التوازن بين الحياة الزوجيَّة والأسريَّة وبين التعليم أمرٌ صعب في البداية، بيد أن الإصرار وترتيب الامور عاملان مهمان في انجاح القضية بشكل جيد ومناسب.

فما أن تنتهي من الجامعة تسرع إلى منزلها للاهتمام بشؤون البيت والأطفال، وهي معاناة بحد ذاتها حسب قول المتزوجات منهن واللواتي أكدن أن الامر ليس سهلا، لكنه لا بد من تحمل تداعياته وصعوباته لأجل إكمال مشوارهن العلمي. 

وتقول منتهى كريم الشابة العشرينية وفي المرحلة الأولى من  الجامعة أنها حاولت الموازنة بين الدراسة والعائلة منذ أن اتخذت قرار مواصلة دراستها الجامعية، ولكن البداية كانت صعبة جدا، وتشير إلى أنها شرّعت في دراسة الطب حلم حياتها، إلا أنها لم تستطع الموازنة فانقطعت عن الدراسة، لتعود بعد ذلك بروح جديدة بعدما هيأت ظروفها وتدرجت ابنتها في العمر، وهنا بالامكان الطمأنينة من ناحيتها وعلى حد قولها.


سعيدة بالإنجاز

وترى رانية قاسم  ذات التسعة والعشرين عاما، والتي حصلت على الماجستير في الاعلام، أن الحمل لم يمنعها  في الحصول على الماجستير، فما دامت الأم الحامل وبصحة جيدة، فلا سبب يمنع من الدراسة، مضيفة «أن نظام الدراسات العليا مرن، وبالإمكان أن يتفق وقتها مع دوامها، وهي سعيدة بإنجازها، بكلتي الحالتين الحمل والدراسة. 


جمال الأمومة

بهذا الصدد بينت الباحثة الاجتماعية سجى عدنان «أنه وبالرغم من الطموح العلمي والالتزامات الأسرية للعديد من الطالبات المتزوجات، واللواتي يسعين إلى تكملة مشوارهن بشتى الوسائل، يرين أن الأمومة هي أجمل شيء في حياتهن، وأن ساعة واحدة يقضينها مع أطفالهن تعادل العمر كله، فالدراسة حسب تعبيرهن طموح يتحقق في كل وقت إن توفرت لهن الظروف والامكانيات المعنوية بالدرجة الأساس.

فتبدو مهمة الأم الطالبة على قدر كبير من التحدي، وعلى الأمهات الطموحات يضعن أمام أعينهن حجم المسؤولية والصعوبة المترتبة عليهن في كلا الجانبين ودراسة أبعاد الخطوة، فالمشوار الطويل يبدأ بخطوة واحدة، ولعلها تكون صعبة أولا، إلا أنها تتيسر شيئا بعد آخر، من خلال التعود على أعمال البيت واحتياجات الطفل والدراسة، طالما هن يحدوهن الأمل في المستقبل، التي ستكون أجمل مع الأمومة ووجود الأطفال في حياتها .

ومن خلال جولتنا في عدد من الجامعات وجدنا أن هناك طالبات يتمتعن بقدرٍ كبيرٍ من المسؤولية والحماية الذاتية، لاجتياز العقبات المترتبة عليهن جراء الدوام الجامعي ووجود طفل صغير في حياتها، لذا كن أكثر تفاؤلا والتزاما وأجدر تعليمياً، ومع التفاوت في القابليات والتداعيات وضحن أنهن متفائلات في تخطي السنوات الدراسية، وتحمل مسؤولية الأمومة الجميلة بصدرٍ رحبٍ مع الإصرار والطموح