بغداد: غيداء البياتي
تحت ضغوط الحياة ومشاغل الدنيا وتلاهيها، وبعد الاتفاق على الابتعاد عن الأسئلة السياسيَّة والدينيَّة، وأن اللقاءات تدور حول موضوع اجتماعي، وهو ماذا كان يود كل شخص أن يفعله لو عاد به الزمن إلى الوراء؟
سؤال طرحته صفحة «اسرة ومجتمع» على مجموعة من الأشخاص، ولفئات عمرية مختلفة وبجميع الاختصاصات العلمية والمجالات العملية،
فكانت الإجابة الأكثر طرحًا وطرافة لأشخاص، ارتبطوا بشركاء حياتهم، وتمنوا لو عاد بهم الزمن إلى الوراء، فأنهم لم ولن يقترنوا بتلك المرأة نفسها أو ذاك الرجل، وهنالك إجابات أخرى حزينة، وغيرها مليئة بالأمنيات، بينما اتسمت بعضها بالغرابة، وأخرى بالندم، فراحت بعض نسمات الهواء تهب على أغلبهم فتغريهم بمزيد من الثرثرة المصحوبة بالآهات تارة والضحكات تارة أخرى.
أبو أسعد (51) عامًا مغترب في السويد قال:» لو عاد بي العمر كنت سأفعل ما بوسعي، لأكون بجانب والدي أكثر وقت ممكن وأبادله الحديث، وقت أطول وأجازيه خير جزاء، وكنت قد ارتمي بأحضان أمي وأقبّل يديها صباح ومساء كل يوم، لكنها أمنية فقط لأن الذي ذهب لن يعود».
لحظةٌ مفصليَّة
ابتسم أبو مرتضى (41) عاما وقال «لا أعتقد أن هناك فائدة عملية من هذا السؤال، لأن الزمن لن يعود إلى الوراء أبدا، لكني سأجيب من منظوري الشخصي، وبروح الفكاهة قال «على الاكثر سأغير رأيي بتلك اللحظة المفصلية في حياتي، وهي الزواج من أم مرتضى، فلو عاد الزمن ماكنت قد اخترتها زوجة لي لأنها ثرثارة ولا يعجبها العجب، قال حديثه هذا والزوجة برفقته، فقطعت كلامه على الفور وهي تنظر بعينيه بغضب، لو عاد بي الزمن ما كنت أنا سأختارك زوجًا لي لأنك لا تقدر النعمة التي تملكها».
فرصة للتفكير
المدرسة نجاة البياتي (58 ) عاما قالت وهي تتنهد:» لو عاد بي العمر فلن أقترن بشخصٍ لا احبه، وسوف أذهب لمن أحببت أيام الدراسة الجامعية، وكان يبادلني المشاعر ذاتها لكني كسرت قلبه، لذلك اعتذر له وبشدة، ولليوم لم أعتد على طباع زوجي، وهو مختلف عني تماما كونه من محافظة غير بغداد المدينة وأفكاره رجعية، وفي كل مرة أفكر بالانفصال أعطي نفسي فرصة للتفكير فسمعتي بين الناس وسيرة ابنتي قبيل زواجها، وقبلها طفولة الأولاد وتربيتهم، وفي النهاية وجدت نفسي أكمل الطريق، وأصبحت أمًا مضحية، لكني زوجة تعيسة».
شعورٌ بالذنب
طبيبة التخدير في مستشفى الكاظمية د. مروة الخزاعي (45) عاما قالت:» لو عاد بي الزمن إلى الخلف لما اخترت قسم التخدير، لأني على الرغم من كل تلك السنين، التي قضيتها في ممارسة هذه المهنة إلا أني لم أحبّها، خاصة عندما أدخل غرفة العمليات، اشاغل المريض بأسئلة بلهاء، ريثما يسرى المخدر في عروقه ويغيب عن الوعي، فأشعر بالذنب لاني اجعل من هذا الشخص نصف حي، فبالرغم من أن قلبه ينبض لكنه في عالم آخر»؟
الخزاعي أشارت إلى أن :»أصعب اللحظات هي إفاقة الشخص من البنج بعد اجراء العملية، حيث تحاصرني الأفكار الشيطانية حتى يبدأ المريض بأطلاق أول تخريف من تخاريف ما بعد الافاقة فأحمد الله، لذا فلو عاد الزمن كنت اخترت طريقا اخر لمساعدة الاخرين وعلى الأكثر أختار أن أعمل إخصائية نفسية، لتتسنى لي مساعدة الناس وإصلاح ما بداخلهم وليس ما بخارجهم».
وإن هنالك اغنية لكوكب الشرق تقول كلماتها:» لو عايزنا نرجع زي زمان قول للزمان ارجع يا زمان» فالزمن لن يعود وعلينا أن نستفيد من الماضي في الحاضر، ونكون المستقبل مع الاحتفاظ بكل الذكريات والأوقات التي مررنا بها».
الحنين للماضي
مؤسس ورئيس الجمعية النفسية العراقية د. قاسم حسين أشار إلى أن «هذا الموضوع شغل علماء النفس كثيرا، لكن على الأغلب أن من يتمنى دائما العودة بالزمن، هو ذلك الشخص، الذي عاش أياما أجمل من حاضره، أي أن الحاضر الذي يعيشه قبيح فيحن إلى زمان يراه جميلا، وعلى العموم فإن تذكر الماضي له إيجابيات، فهو يجعل الانسان يستفيد من تجاربه ليمضي قدما بحياة أفضل، ومن سلبياته تحول الذكريات إلى الحنين للماضي، وتمني التخلص من حاضر قد يراه بائسا، والأفضل السير بالحياة إلى الأمام، وعدم الرجوع للماضي، الا إذا كانت فيه تجارب مفيدة للمستقبل، وعلى الإنسان أن يعيش يومه كما هو ويقنع بما قدر.