سعاد البياتي
في زيارتي لمعهد نور الامام الحسين للمكفوفين التابع للعتبة الحسينية المقدسة، لمست مدى الاهتمام والرعاية الكبيرة والمحبة للمستفيدين ومن ذوي الجنسين.
وعلى مدى تجوالي فيه أحسست بالحزن والتأثر عليهم، وبدأت أتساءل عن كيفية قضاء احتياجاتهم والتواصل مع الآخرين، وعن معاناتهم في الظلمة وغيرها من التساؤلات، إلا أنه أفرحني جداً المقدرة والأبوة والحنو، الذي يتمتع به القائمون عليه وبشكل يفوق التصور، ففي البدء خشيت هذه الزيارة، لمعرفتي بما سيرافقني من قهر ولوعة على ما سأشاهد، وحين وجدتهم فرحين بما آتاهم الله من فضله، أيقنت بأن حياتهم ويومياتهم تسير بشكل جيد، واعتيادي مع فئة تحمل كل معاني الإنسانية والحب والرعاية التي لا مثيل لها، وكأن الإمام الحسين (عليه السلام) أوصاهم بهم خيرا، فكانت وجوههم وسيماهم تنطق بالفرح وتسمو بروعة التعلم وإدراك أهمية القراءة والمستقبل، وإن كانوا لايبصرون، وأنهم طيبون جداً جدا.
فتلك رفل الصغيرة ذو السبعة أعوام جلست بكل أناقة وسكينة في صفها وامامها لوحة تمد اصابعها الرقيقة عليها لتتحسس مارسم من حروف بلغة بريل العالمية، اللغة التي فتحت للمكفوفين في العالم أوسع ابواب الأمل في القراءة والكتابة، وكانت أفقاً يعلو بأحلامهم نحو التبصر، وفي خطوة تهدف إلى تشجيعهم على القراءة والانخراط في المجتمع، وتلك ايضا رحمة واحمد وحسن وديما كلهم في مراحل مختلفة علمياً في معهد نور الامام الحسين، يشعرون بالسعادة والرضا، مندمجين في عالم يرونه حسب حديثم معي بالعادي والممتع، ترافقهم قناعة لا حدود لها بأنهم يبصرون بقلوبهم وعقولهم ويشكرون الله عز وجل على كل النعم التي هم عليها، وهذا جل سروري وارتياحي بعد ذلك.
وفي اليوم العالمي للأشخاص ذوي الإعاقة، والذي يصادف في الثالث من كانون الاول من كل عام وهو يوم عالمي خصص من قبل الأمم المتحدة منذ عام 1992 لدعم ذوي الإعاقة، ومنهم المكفوفون نطالب بإدخال التقنيات الحديثة في تعليمهم وتثقيفهم، وضمان حقوقهم، كما يدعو هذا اليوم إلى زيادة الوعي في إدخال أشخاص لديهم إعاقات في الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، فمن الواجب تسهيل الطرق لهم وتمكينهم من عيش حياة طبيعية، وتوفير فرص عمل لهم في القطاعات العامة والخاصة لاشعارهم بأهمية وجودهم ومنحهم الحياة التي يستحقونها بشكل يليق بهم.