أوقفوا ذبح الأطفال الفلسطينيين

منصة 2023/12/12
...

 براد باركر

 ترجمة: مسلم غالب


في خطاب ألقاه الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، في 6 تشرين الثاني/نوفمبر، أعلن أن "غزَّة تتحول إلى مقبرة للأطفال". وبينما لفت تعليقه انتباه وسائل الإعلام على الفور، إلا أنه لا يزال أقل مما يعكس الواقع للأطفال الفلسطينيين.

في غزَّة ، تقتل قوات القوات الإسرائيلية الأطفال الفلسطينيين بمعدل غير مسبوق. خلال الـ 40 يومًا الماضية ، قتلت القوات  الإسرائيلية أكثر من 5000 طفل في غزَّة - بالإضافة إلى 1800 طفل آخر مفقودين تحت أنقاض المباني المدمرة، حيث يُفترض أن معظمهم قد لاقوا حتفهم. هذا يعني مقتل أكثر من 6800 طفل فلسطيني خلال 40 يومًا. وهذا يعادل مقتل أكثر من 170 طفلا يومياً.

في الضفة الغربية، قتلت القوات الإسرائيلية 54 طفلاً فلسطينيًا منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وفقًا للوثائق التي جمعتها منظمة الدفاع عن الأطفال الدولية- فلسطين. ويشمل ذلك 38 طفلاً فلسطينيًا قتلوا في شهر تشرين الأول/ أكتوبر وحده، وهو أعلى عدد من الأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا في شهر واحد منذ بدء الاحتلال العسكري الإسرائيلي للضفة الغربية عام 1967.

وكما هو الحال في الهجمات العسكرية السابقة على غزَّة، فإن الهجمات الإسرائيلية التي قامت بالتحقق منها منظمة الدفاع عن الأطفال الدولية - فلسطين كانت عشوائية وشديدة. فقد استهدف الجيش الإسرائيلي المدنيين والبنية التحتية في المناطق المكتضة بالسكان بأسلحة نوعية  ذات قدرة تدميرية واسعة. وبعبارة أخرى، فإن كل قنبلة يلقيها الجيش الإسرائيلي على غزَّة تشكل جريمة محتملة.

دون شك، غوتيريش يدق ناقوس الخطر لأنه يعلم أن الأطفال الفلسطينيين يعيشون ويموتون في لحظة لا مثيل لها. وفقا لتقارير الأمين العام السنوية، قتلت القوات الإسرائيلية من الأطفال في الشهر الأول من الحرب أكثرمما قامت به الأطراف في النزاعات المسلحة الأخرى خلال السنتين الماضيتين مجتمعة.

تبلغ نسبة الأطفال ما يقرب من 50 في المئة من السكان البالغ عددهم 2.3 مليون في قطاع غزَّة. تعاني هذه الشريحة السكانية الشابة،  16 عاما من الحصار الإسرائيلي، والذي يعد عقوبة جماعية. وقد تعرض الأطفال الفلسطينيون لهجمات عسكرية إسرائيلية متكررة، مباشرة، وغير متناسبة، حيث كان فيها إستهداف البنية التحتية المدنية والإفلات الممنهج من العقاب هما السائدين.

يعلم غوتيريش أن عدد الوفيات من المتوقع أن يرتفع بشكل كبير، حيث قامت السلطات الإسرائيلية بقطع الإمدادات الغذائية والمياه والكهرباء والأدوية والوقود عن الفلسطينيين في غزَّة، مما دفع بالسكان المدنيين إلى ما وصفه بأنه "كابوس" و "أزمة إنسانية".

من بين سكان غزَّة حوالي 50 ألف إمرأة حامل. هذا يعني أن هناك في المتوسط 160 ولادة تحدث يوميًا. تواجه النساء الحوامل صعوبة في الوصول إلى الخدمات الصحية الأساسية بسبب انهيار النظام الصحي. الأمهات في فترة ما بعد الولادة، والخدج في وحدات الرعاية الخاصة بهم معرضون لخطر شديد بسبب نقص الوقود حيث منعت السلطات الإسرائيلية دخول الوقود الضروري بشدة لتشغيل المولدات الكهربائية التي تنقذ الأرواح. يواجه ناجون من القصف الإسرائيلي تفاقما في عدم الأمان الغذائي ونقص المياه النظيفة ، مما يعرض النساء الحوامل والأطفال لخطر الإصابة بالأمراض وسوء التغذية والمضاعفات الصحية.

أعلنت منظمة الإغاثة البريطانية أوكسفام، أنه نظرا للمنع شبه الكامل التي تقوم به السلطات الإسرائيلية لوصول المساعدات الإنسانية فأنها تستخدم التجويع كسلاح في حربها ضد المدنيين في غزَّة. وحسب تصريح وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطنيين(الأونروا)، أن الظروف المعيشية غير إنسانية وتستمر في التدهور يومًا بعد يوم لأكثر من 717000 شخص نازح داخلي يعيشون في 149 مرفقًا للأونروا.

 يرفض المسؤولون الإسرائيليون، بما في ذلك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الدعوات للهدنة في غزَّة التي تزايدت بصورة مستمرة، وبدلا من ذلك، تشدد القوات الإسرائيلية هجماتها العشوائية والمباشرة ضد المباني السكنية والبنية التحتية المدنية بما في ذلك المستشفيات و المدارس والمخابز و الألواح الشمسية. في حين يبدو أن المسؤولين الإسرائيليين غير مرتابين في محاولتهم لتفريغ قطاع غزَّة من السكان وخلق ظروف تقضي على وجود الفلسطنييين، يظهر قادة العالم يوما بعد يوم أنهم يفتقرون إلى الشجاعة لفرض وقف للقصف، بل على العكس يدعمون الهجوم الإسرائيلي بنشاط.

إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وافقت مؤخرا على صفقة بقيمة 320 مليون دولار مع إسرائيل لشراء قنابل دقيقة من صنع الولايات المتحدة وسمحت ببيع آلاف الأسلحة الهجومية للسلطات الإسرائيلية، على الرغم من المخاوف من أنها قد تصل إلى أيدي المستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة. ناهيك عن 14 مليار دولار تم طلبها من الكونغرس الأمريكي كتمويل طارئ لإسرائيل. تجعل هذه المبيعات والتمويل، واشنطن أكثر تورطا في المذابح الجماعية التي يرتكبها الجيش الإسرائيلي في غزَّة.

منذ عقود، والمجتمع الدولي يدعم ويبرر جرائم الحرب الإسرائيلية وينكر حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مع إعطاء الأولوية لأمن الشعب الإسرائيلي على حساب حياة الفلسطينيين. يتحمل الأطفال الفلسطينيون عبء هذا التواطؤ وفشل آليات القانون الدولي والحماية والمساءلة. من المخزي أن نرى مايقارب 9 إلى 10 صفوف من المدارس يتم تدميرها من على وجه الأرض يوميا خلال قصف الجيش الإسرائيلي المكثف للمباني السكنية والبنية التحتية المدنية في غزَّة. 

يجب مقاومة تأييد إدارة بايدن لما تقوم به إسرائيل بإعطائها الضوء الأخضر للإبادة الجماعية. ويجب على قادة العالم الإصغاء إلى نداء الأمين العام للأمم المتحدة لوقف فوري لإطلاق النار والمساعدة في وقف مذبحة أطفال فلسطين.

المصدر: الجزيرة دوت كوم