بغداد: سرور العلي
نيكار محمد مارف ممرضة ومعاونة طبية، تعمل في المستشفى العام بقسم الحروق في محافظة السليمانية، ومنذ العام 2014 تمارس عملها كرئيسة الممرضات والممرضين داخل المستشفى إلى يومنا هذا، وتبذل جهودها بتفقد المرضى الراقدين، وتتابع حالاتهم وعلاجهم، وتستقبل حالات الحروق وتقدم لهم أفضل العلاجات، ونتيجة لهذا التميز تم اختيارها قبل أيام ضمن 100 امرأة مؤثرة وملهمة حول العالم.
بداية
وعن بداياتها أشارت إلى أنها منذ العام 1992 حصلت على التعيين المركزي في قسم انعاش القلب في المستشفى العام بالسليمانية، وبعد مرور خمسة أعوام تقدمت بطلب لإحدى المنظمات الإيطالية المهتمة بضحايا الحروب من المدنيين الأطفال والكبار، وبعد نجاحها في الاختبار ومؤهلاته، تم قبولها للعمل في قسم الحروق، وبعد سنة 2003 عملت مع منظمة MSFالفرنسية لمدة ثماني سنوات، كمسؤولة شؤون الداتا والمعلومات الصحية الطبية، ومنذ العام ١٩٩٧ وعملها داخل مستشفى الحروق حصلت علی عدد من المناصب ومنها، ممرضة متدربة خاصة بالحروق، ومسؤولة وحدة العناية المركزة لحروق الأطفال، ومنصب المسؤول العام للإحصاء والتعليم الصحي، وتمكنت من إدخال جميع بيانات المرضى الراقدين للسنوات الماضية في جهاز الكومبيوتر، للاستفادة منها في البحوث العلمية، وتحليل البيانات بحسب المناطق والمحافظات، وبعد مرور سبعة أعوام عادت إلى مجال التمريض.
تحديات
واجهت مارف العديد من التحديات، ومنها رفض أسرتها لعملها في مستشفى الحروق، كونه عملا متعبا نفسياً وجسدياً، ويتأثر بعلاقاتها الاجتماعية، وينظر لها الآخرون بأنها من دون رحمة ولديها قسوة القلب، لأنها تتعامل مع المرضى ودرجة الحرق لديهم 100%، وتغلبت على تلك المصاعب من خلال التثقيف وقراءة كتب علم النفس، والتركيز على الجانب الإنساني، واستخدام طريقة تكوين الرابط والتقارب الروحي بين الكوادر الطبية والمرضى، ونجحت طريقتها تلك بشفاء الكثير من المصابين وعودتهم إلى الحياة، كذلك اعتمدت علی نفسها بتطویر مهاراتها وتقویة قدراتها، واثبتت للآخرين أن التمريض مهنة إنسانية، والجميع بحاجة له ولأياديه الرحيمة.
طموح
وتسعی لفتح مرکز تأهيلي للمرضی المشوهین، للحد من حوادث الانتحار والحروق، وإعادة تأهيلهم وعودتهم إلى المجتمع مرة أخرى، لأنهم ضحايا العنف والتقصير، كما تطمح أن یزداد الوعي وترتفع ثقة الأفراد بأنفسهم، وأسهمت مارف بفتح دورات ودروس تعليمية وتثقيفية ونشر المعلومات الطبية والتثقيفية، من خلال المقابلات والبرامج التلفزيونية، وتقديم النصائح والاستشارات الطبية والنفسية للراقدين من المرضى، والاطمئنان على جروحهم، وكيفية معالجتهم ومعاملتهم من قبل الكوادر.
معاناة
وفي ما يتعلق بالمعاناة النفسية التي تتعرض لها أثناء عملها، لفتت إلى أن التعامل مع الحروق هو عمل شاق، ويحتاج إلى جهود نفسية وروحية أكثر من الجهود العضلية، وأحياناً تكون الطرف الوسيط بين الأسرة والمريضة التي احرقت نفسها، أو بين زوجها وأسرتها، لا سيما أن معظم تلك المشكلات من شجار وشتائم يحدث أمام الكادر الطبي في ردهة الحروق، ما يشعرهم بالكآبة وحالة نفسية سيئة.
نجاح
وعن اختيارها ضمن 100 امرأة مؤثرة وملهمة في العالم، أكدت أن هناك صحفية إيطالية زارت المستشفى الذي تعمل به، وتفقدت النساء وحروقهن، وقدمت لهن الدعم المادي والمعنوي، لحل مشكلاتهن ومساعدتهن على بدء حياة جديدة، ومع تكرار الزيارات من صحفيين ومراسلين من منظمات إنسانية لمدة أسبوعين، شاهدوا الجهود التي تبذلها من أجل إعادة الحياة للمرضى، وارتفاع نسبة الشفاء من الحروق، لذلك تمَّ اعداد تقرير لأحد البرامج الوثائقية في البي بي سي، ليتم ترشيحها لاحقاً للمنافسة ضمن قائمه ١٠٠امرأة ملهمة ومتفاعلة.
وفي سؤالنا لها عن هو شعورها بهذا الإنجاز والاختيار ووصولها لهذه الدرجة من النجاح والتفوق، أوضحت: «أنه شعور مفرح جداً حين سمعت الخبر بالمصادفة، وشعرت بالاستغراب، كوننا كالجنود المجهولة الهوية، نعمل ونقدم كل إمكانياتنا من أجل خدمات أفضل للمجتمع والمرضى، ومع ذلك لم نتلق الاهتمام والرعاية من الجهات المختصة، وحرمنا من المرتبات الشهرية، وأنا اعتبر حصولي على هذا اللقب ليس لي فقط، بل هو لجميع نساء الكوادر الطبية داخل مستشفيات الحروق في العراق كافة».
رسالة
وختمت مارف حديثها بالقول:» رسالتي للجهات المختصة، بأن يكون تعاملهم واهتمامهم بمستشفيات الحروق تختلف عن المستشفيات الأخرى، كون العمل داخل أقسام الحروق دمويَّا وقاسيَّا جسدياً ونفسياً، ورسالتي أيضاً للمجتمع وللنساء بشكل خاص، بالابتعاد عن حرق أجسادهن والانتحار، بل هناك قانون يمكنهن أن يلجأن إليه، والمطالبة بحقوقهن».