جيرارميه: غيث طلال
البدايات كانت مع جده الشيخ عبد الحميد عبد المجيد وهو خطاط ورسامٌ محترف كان يرى في رياض موهبة ستشكل رقماً مهماً في عالم الخط العربي، وبالفعل أقدم رياض وبعمر السبع سنوات على خط حرف الباء بنمط الرقعة، هنا كانت الانطلاقة التي لاقت تشجيع الأسرة والمقربين.
أسرة تنتمي سلفاً الى عالم الخط العربي، تدريباتٌ وعملٌ متواصلٌ على تقوية وتنشيط المهارات الذاتيَّة وبإشرافٍ مستمرٍ من قبل والده الخطاط راتب عبد الحميد، خطاطٌ من ذوي الهمم فقد ساقيه في حادث قطار وهو في الحادية عشرة من عمره، رياض المولود في ريف دمشق بسوريا عام 1975، متزوجٌ من زينة وهي فنانة تشكيليَّة ولديهما ابنتان هما اليسار وليمار ويرى فيهنَّ موهبة الرسم والعزف.
"الصباح" التقت الفنان التشكيلي رياض راتب في مدينة جيرارميه الفرنسيَّة وسألته عن رحلته الفنيَّة التي امتدت لأكثر من أربعين عاماً، فأجاب: "التحقت بمركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيليَّة عام الفين وواحد واجتزت اختباراً لأكثر من ألفٍ ومئتي متقدمٍ يتنافسون على واحد وعشرين مقعداً وأنهيت دراستي فيه بعد ثلاثة أعوام وتزوجت من زينة التي تعرفت عليها أثناء الدراسة وفي العام ألفين وأربعة وقدمنا سوياً مشروع التخرج وهو عبارة عن أربع مخطوطات تشكيليَّة بأسلوب الفنان الإيراني جليل رسولي، المشروع لاقى استحسان وزير الثقافة السوري حينها.
أما حكاية دخولي المعهد ومن كان وراءها فهي تعودُ الى زيارة سابقة قام بها المعماري عبد الرحمن النعسان الذي حثني على مواصلة تعليمي الأكاديمي وكرر زيارته بعد ستة أشهر من دخولي المعهد وطلب مني أنْ أقدم دروساً في الخط العربي والرسم الى طلبتهِ.
ماذا عن الرسم؟
- الرسم كان مجرد هواية وليس احترافا، بدأت عام 1998 عندما كنت أعمل في مجال صناعة الإعلان والدعاية الضوئيَّة وزارني صديقي التشكيلي أكرم سويدان ومعه لوحات بورتريه مرسومة يدوياً وطلب مني أنْ أعرضها له، بصراحة انبهرت بنتاجه اليدوي الأمر الذي دفعني نحو الرسم وبالفعل بدأت في أول رسمة وهي عبارة عن منحوتة خشبيَّة على ورق الكانسون.
هل من من شيء ما أو طريقة معينة أضافت لنتاجك الفني؟
- نعم، كتاب قواعد الخط العربي للخطاط العراقي الراحل هاشم البغدادي الذي استفدت منه شخصياً والى اللحظة أنا أتابع وأدرس مراراً وتكراراً على هذا الكتاب الذي يعدُّ مدرسة متكاملة استلهم منها أغلب الخطاطين العرب وحتى المبتدئين والهواة، أضيف الى أنَّ متابعتي المستمرة وتدريباتي حدت بي الى استحداث نوعٍ جديدٍ من الخطوط أسميته (الملكي الكوفي) وهو عبارة عن مزيجٍ من الخط الكوفي مضاف إليه التيجان ويكون بشكلٍ بارزٍ أشبه بثلاثي الأبعاد.
وماذا عن مرحلة ما بعد التخرج؟
- عملت في عدة شركات عربيَّة ضمن تخصصي وافتتحت شركة خاصة بي معنيَّة بالخط والرسم وصناعة الإعلان حتى العام 2011
ومع بداية الأحداث في سوريا شعرت بالخطر على اعتبار أنَّ
محل سكني حينها كان ضمن مناطق خط التماس، غادرت سوريا متوجهاً الى لبنان وعملت ضمن شركة متخصصة في صناعة المجسمات حتى العام 2019 حيث غادرت
لبنان متوجهاً الى فرنسا، وبعد أيامٍ من وصولي الى هنا فرضت أغلب دول العالم حجراً صحياً تزامن مع وباء كورونا الأمر الذي اضطرني أنْ ألزمَ بيتي وأزاول الرسم على ضوء
هاتفي النقال مستعيناً بقلمٍ رصاصٍ لعدم توفر المواد الخاصة بالرسم وأيضاً بسبب مشكلة صحيَّة في عيني (الماء الأزرق) التي أصبت بها
إبان اعتقال زوجتي من قبل السلطات السوريَّة، لم تدم هذه المشكلة طويلاً فالمؤسسة الصحيَّة الفرنسيَّة
قدمت لي تداخلاً جراحياً لكلا عينيي اللتين عادتا بشكلٍ أشبه بالطبيعي، هنا عدت الى الرسم والخط
العربي بشكلٍ طبيعي فقررت أنْ أقدمَ لوحاتي كهدايا الى الفرنسيين بغية التعريف عن نفسي، بعدها التحقت بالمركز الثقافي في مدينة جيرارميه حتى طلبت مني إحدى الجمعيات التطوعيَّة إقامة معرضٍ لأعمالي وبالفعل أقيم المعرض وشاركت
بثلاث عشرة لوحة فنيَّة وهو أول معرضٍ لي في أوروبا.
هل هناك معارض ومشاركات أخرى؟
- نعم، لكنَّها قليلة بسبب عدم إتقاني اللغة الفرنسيَّة بشكلٍ جيدٍ، الأمر الذي قيدني كثيراً، لكنْ لم يجعلني استسلم، فهناك مشاركاتٌ أخرى في مدينة ليون ضمن مهرجانها الثقافي ومدينة لاهاي الهولنديَّة ضمن معرض فني على هامش مؤتمر (لا تخنقوا الحقيقة).
ما هو جديدك وما الذي تقدمه حالياً؟
- أنا حالياً أقوم بتدريس مادة الرسم لمجموعة من الطلاب في المركز الثقافي في مدينة
جيرارميه.
وهل أعطيت دروساً في الخط العربي للفرنسيين؟
- نعم، لكنها لم تدم طويلاً بسبب صعوبة الخط العربي على الأجانب.
* بعد هذه الأعوام الطوال ماذا تتمنى؟
- حلمي أنْ يكون لي معرضٌ في أوروبا أقدم من خلاله الفن والخط العربيين الى العالم بأسره.