إحسان الشمري
إنَّ تبني ستراتيجية التحول الرقمي من قبل المصارف الإسلامية يعد اتجاهاً مقبولاً، ويأتي متناغماً مع التوجهات الحكومية في هذا الاتجاه، وهو مرغوب به في الاقتصاد الإسلامي، ولكن هذا القبول مشروط بعدة ضوابط، كي لا يخرج عن الهدف منه، ولا يؤول به الحال إلى الوصول لمفسدة.
ومن الضوابط الواجبة ينبغي عند شراء أو توظيف التكنولوجيا المالية التأكد من صلاحيتها لنظام التمويل الإسلامي، ومن الأفضل تطوير تكنولوجيا داخلية ذاتية تلائم احتياجات وخصوصية المصارف الإسلامية، لذا ينبغي أن تخصص مبالغ مالية، لإنشاء شركة تابعة للمصارف الإسلامية، بهدف ابتكار المنتجات داخلياً، وعدم الاعتماد على الشركات الأجنبية التي لا تراعي خصوصية المصارف الإسلامية، والتسلسل الشرعي الواجب عند تنفيذ العمليات.
هنا يجب أن لا يكون التحول الرقمي حيلة أو ذريعة للتوصل إلى تعاملات غير شرعية، فإذا أريد من التحول الرقمي أي شيء محرم كتنصيب جهاز لاحتساب الفوائد فهو محرم، وألا تؤول تطبيقات التحول الرقمي والتمويل الإسلامي الرقمي إلى مخالفة نص من نصوص الشرع.
فالواقع يتطلب أن يكون التحول الرقمي منضبطاً من ناحية بناء العقود مع شركات التكنولوجيا المالية والأطراف الثلاثة، حتى لا يؤدي إلى التعاقد مع شركات محرمة لا يجوز التعامل معها، وكذلك يجب أن ترافق تنصيب الأنظمة والتقنيات الحديثة مراجعة دقيقة تشمل جميع جوانبها، وعدم الاكتفاء بما تروجه تلك الشركات من قوة أنظمتها ومزاياها، إذ يجب ضبطها من النواحي الشرعية ويقع العبء الشرعي على الهيئات الشرعية متمثلة في إدارتها الشرعية في المصرف في التأكد من سلامة تلك الأنظمة قبل تنصيبها في المصرف المحدد.
ويجب خلق دور كبير للهيئة الشرعية في الإشراف والمتابعة لستراتيجية التحول الرقمي لما لغيابها من آثار سلبية ومخاطر شرعية على أداء العمليات المصرفية الرقمية بدعوى أنها مسألة تقنية.
ونستنتج ان المطلوب خضوع جميع معاملات التمويل الرقمي وعقود التحول الرقمي للتدقيق الشرعي بشكل مستمر، وعلى شكل مهمة تدقيق شرعي مستقلة مختصة بالتمويل الرقمي، وذلك لمتابعة انضباط منتجات وخدمات التمويل الرقمي، منعاً لدخول الأرباح غير المشروعة للمصرف، وضبطاً للمنتج في حالة حدوث أي اختلال تقني أو شرعي أو قانوني أو محاسبي.