سماء العام الجديد

اسرة ومجتمع 2024/01/07
...

غيداء البياتي
لم أجد فرصة كافية للبحث عن الأسباب الحقيقية التي دفعت أشخاصا كثيرين ينطقون بـ”حسبنا الله ونعم الوكيل”، عشية الاحتفال بدخول العام الميلادي الجديد، وهم يتنقلون من هذا الشارع إلى ذاك في منطقة المنصور، ولم أكن أعرف هل هو دعاء التضرع لله أم دعوة مظلوم على ظالم، وبعد ما شاهدته في مواقع التواصل الاجتماعي، وعبر ما تناقلته الأخبار في القنوات التلفزيونية من خبر وفاة شخص وتعرض 132 مواطنا آخر لإصابات مختلفة، بسبب الألعاب النارية، التي اطلقت في سماء بغداد أو بطلق ناري، تيقنت أن أغلب الناس كانت تتضرع للرحمن خوفا من فعل الإنسان، وتدعو الله أن يكفيهم شره.

المهم أني تفهمت ما كان يستعصي على غيري تفهمه، وترجيت أهلي وأصحابي وكل اقربائي أن يودعوا الـ”365” يوما الماضية بصيفها وشتائها، ليلها ونهارها، حزنها وفرحها ويستقبلون قدرها أخرى دون أن يتسببوا بإيذاء أحد، ولا يعطون لشخص يوما أو بعض يوم سبيلا  إلى سلب راحتهم وصفاء ذهنهم؛ بسبب دعوة تضرع إلى الله عليهم، لأنهم كانوا وبدون قصد قد تسببوا بإيذائه أو إصابة أحد أولاده بحروق  فقط، لمجرد الاستمتاع بإطلاق الألعاب النارية بغية الاحتفال بالعام الجديد، وفعلا توقف الجميع عن تلك الإطلاقات، واكتفينا بإطلاق بالونات الهواء في السماء، متمنين السلام والأمان للجميع.

عبر الهاتف المحمول تبادلت التهاني بقدوم عامٍ جديد مع زميلتي شيماء، التي تعيش في ألمانيا منذ زمن بعيد، بادرت الزميلة بفتح كاميرا المحمول، حيث تواجدها للاحتفال بسنتر العاصمة برلين، فجعلتني أطّلع على كيفية توديع الأوربيين لعام 2023، وكيف بدأ سكان المدينة يستقبلون عامهم الجديد بأغنيات السلام المنسقة بإلقاء الإضاءة الملوّنة في سماء العاصمة، وهم يحملون أمنياتهم بالسلام للعالم، حيث يقفون في ساحة الاحتفال فرحين آمنين دون أن يعكر صفو احتفالاهم، صوت الإطلاقات النارية وألعابها المتشظية، سألت الزميلة عمّا إذا كانت هنالك إطلاقات للألعاب النارية؟ أجابت شيماء بكل ثقة، “نعم في ساحات أخرى محاطة بسيارات الإسعاف والأمن والشرطة، حيث يكون المحتلفون هناك من الشباب فقط وتحت رقابة الدولة”.

 تشابكت المراثي والكلمات في فمي وصعب عليَّ التميّز بين فرح العام الجديد والحزن على طريقة احتفال العراقيين، ولكن ما حيلتي والكلمات حيث أنشدها وحيث أطلبها، تأبى وتخذلني.