بطاقة «التاجر».. خطوة عمليَّة للحدِّ من ارتفاعات الدولار

اقتصادية 2024/01/25
...

 بغداد: حيدر فليح الربيعي

كثفت الحكومة تحركاتها الهادفة للقضاء على ارتفاع أسعار الصرف في السوق الموازية، والتي أثرت بشكل كبير في حركة بيع وشراء السلع والمواد في الأسواق المحليَّة، فعقب حزمة القرارات التي أسهمت بردم الفجوة التي حصلت في وقت سابق بين الدولار الرسمي والموازي، كشف مصدر حكومي أمس الأول، عن إصدار بطاقات إلكترونية لصغار التجار وبسقف يبلغ 100 ألف دولار شهرياً.

الخطوة الحكومية الجديدة، قوبلت بترحيب اقتصادي أكد أهمية ذلك الإجراء في القضاء على ارتفاع أسعار الصرف الموازي بشكل كبير، والحد من قفزات العملة الخضراء، فضلاً عن أهميتها في تغطية أسعار السلع المستوردة بسعر الدولار الرسمي، وبالتالي حصول استقرار كبير في الأسواق المحلية.

وذكر مصدر حكومي لوكالة الأنباء العراقية (واع)، أنه "استناداً إلى توجيهات رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، وفي ضوء النقاشات التي جرت بين الحكومة والبنك المركزي وشركات الدفع الإلكتروني لأكثر من شهرين، فقد تم إقرار آلية إصدار بطاقات إلكترونية لصغار التجار، وبسقف يبلغ 100 ألف دولار شهرياً لتنفيذ عمليات الدفع لأغراض الاستيرادات بما يضمن تقليل الطلب على الدولار النقدي من قبل التجار الحقيقيين".

وأضاف المصدر أنَّ "الآلية الجديدة تخضع لخمسة اشتراطات مهمة، بضمنها تقديم شركات الدفع طلباً للبنك المركزي لاستحصال الموافقة على استحداث هذا المنتج وإطلاق بطاقة (التاجر) وكذلك تحديد استخدامات البطاقات لتكون لصغار التجار بما ينسجم مع ضوابط التحويل الخارجي الصادرة عن البنك المركزي لعام 2023، على أن يكون سقف هذه البطاقات بما لا يتجاوز (100) ألف دولار شهرياً مع إمكانية رفع السقف مستقبلاً في ضوء نتائج التطبيق الفعلي".

وأضاف المصدر أنَّ من بين اشتراطات إصدار تلك البطاقة هو أن "يتم استخدامها لأغراض مشتريات السلع والخدمات من موردين معلومين بموجب قوائم بيضاء محددة مسبقاً، وأن تتحمل الشركة واجبها وعلى وفق متطلبات أساسية أهمها قوائم الحظر الدولية الرئيسة للأمم المتحدة ومكتب مراقبة الأصول الأجنبية والاتحاد الأوروبي"، مشيراً إلى أنَّ الشرط الأخير لإصدار بطاقة التاجر هو أن "يتم إيداع أموال التجار الصغار في فروع المصارف العراقية المختلفة بالدينار العراقي".

وعلى الفور من إصدار تلك التعليمات، أبدى مختصون آراءهم بشأن تلك الخطوة، التي يراها الباحث المتخصص بالشأن الاقتصادي، نبيل جبار العلي، خلال حديثه لـ"الصباح" إيجابية ويمكن أن تقوض الدولار الموازي.

ولفت العلي إلى أنَّ "الخطوة صحيحة جداً، وسوف تسهم بإمكانية وصول صغار التجار لأدوات التحويل بعيداً عن المنصة ومتطلباتها"، مؤكداً أنَّ ذلك الإجراء الحكومي، سيسهم بشكل حقيقي في "إنهاء ظاهرة تهريب البطاقات ذات إمكانيات التحويل البسيطة وستعمل الآلية الجديدة على خفض السعر والتأثير به بشكل واضح".

وعلى العكس من الرأي السابق، أكد الخبير الاقتصادي، مناف الصائغ، أنَّ ذلك الأمر لا يمثل سوى "إجراءات غير مبنية على أسس سليمة لما يجب أن يتم التعامل معه لمعالجة سعر الصرف الموازي والحكومي".

وبحسب الصائغ، وخلال حديثه لـ"الصباح" فإنَّ "مشكلة حل الدولار لا تتم بإجراءات، بل باتباع سياسات نقدية ووفقاً لما متعارف عليه عالمياً، وليس إجراءات تمثل ردود أفعال، على حد قوله".

كما يرى الصائغ أنَّ هذه البطاقات يمكن ألّا تسهم بشكل كبير في معالجة ارتفاع سعر الصرف الموازي، مبيناً أنَّ التجار الكبار ما زالوا يعانون صعوبات للحصول على التمويل النقدي من الدولار لتمويل تجارتهم بسبب تعقيدات منصة البيع لدى المركزي، فضلاً عن صعوبات مماثلة تواجه المسافرين.

ولفت الصائغ إلى أنَّ أسباب ارتفاع سعر الصرف الموازي، هو الاعتماد الكبير على استيراد السلع والخدمات وعدم تصنيعها في الداخل، وعدم تفعيل الصناعات التي بمقدورها تلبية متطلبات المستهلكين.

ويرى الصائغ ضرورة إيقاف تمويل العديد من الاستيرادات لاسيما الكمالية منها والتي تؤدي إلى خسارة العراق مبالغ طائلة سنوياً، وإنعاش الصناعة والزراعة في البلاد، ومنع استيراد السلع المنتجة محلياً وبشكل صارم.